أسبوع مرّ على"جمعة اقتحامات المصرف" والأمور ما زالت على حالها بشأن ما حصل، إذ لا وضوح بشأن ما سيجري بعد أسبوع من الإضراب الذي يعيشه القطاع، ولا أفق واضحة للقرارات التي ستتخذها المصارف أمنيّاً.
ما يمكن قوله ببساطة هو أن لبنان دخل منعطفاً جديداً من أزمة المودعين مع المصارف، وهو الأمر الذي دفع جميعة المصارف قبل أيام الى تمديد إضراب "قسري" للقطاع من دون تحديد نهايته، رابطةً موقفها باستمرار المخاطر والتهديدات والجو التحريضي ضدّ الموظفين، وغياب ضمانات الحماية الأمنيّة.
من دون أي منازع، يعد مطلب المصارف واضحاً تماماً: "حماية أمنية". فبعد "موجة الاقتحامات" تدأب المصارف على انتزاغ خطةٍ امنيةٍ من وزارة الداخلية والبلديات، بهدف تأمين مناخ آمن للعمل، وهذا الأمر لم يتبلور بعد ولم تنكشف مفاعيله حتى الساعة، في وقت تقول مصادر مواكبة إنه من المفترض أن تحصل المصارف على إجابات واضحة بشأن الخطة الأمنية خلال الساعات المقبلة.
في الوقت الراهن، ما يمكن قوله هو أن الجهد يتركز قدر الامكان في تجنب سيناريو "وضع العسكر ضد المودع". هذا ما أكده وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي، حيث قال في تصريح سابق له إنه "على المصارف حماية مؤسساتها وموظفيها والمودعين وحقوقهم، بينما يكون على الدولة حماية النظام العام في البلاد، وليس مؤسسات خاصة في وجه باقي المواطنين".
واقعياً، فإن "وضع الأجهزة الأمنية والعسكرية على أبواب المصارف مكلّف وخطير جداً". هذا ما أكدته مصادر مواكبة للملف لـ
"لبنان24"، وتضيف: "الوزارة لا تستطيع أن تؤمن العدد الكافي من العناصر الأمنية لكافة فروع مصارف لبنان؛ فحماية المصارف، تتطلب تجهيزات وترتيبات لوجستية ومالية".
ورأت المصادر أن "قمع العسكريين للمودعين، ومنعهم من المطالبة بحقوقهم سيخلق فوضى في الشارع، وسيصبح المودع أمام غريمين: المصرف والعسكر".
"لن نكون مسكر عصا"
في سياق هذه المشهدية، رأى رئيس اتحاد نقابات المصارف جورج الحاج في حديث لـ
"لبنان24"، أن "حديث وزير الداخلية مولوي غير مشجّع للعودة"، مؤكداً أن "اضراب المصارف ليس هدفاً، وانما هو وسيلة للضغط على المودعين لتتعامل مع موظفي المصارف باحترام"، رافضاً "الطريقة التي يتعامل بها المودعون مع موظفي المصارف"، قائلا: "نحن لسنا مكسر عصا، نحن مواطنون ولدينا ودائع ونتألم مثل غيرنا من اللبنانيين".
ووفقاً للحاج؛ فإن "جمعية المصارف تقوم بكل ما في وسعها لحل الموضوع بشأن ما حصل مؤخراً ضمن القطاع، لأن ما جرى أمر خطير، ففي نهاية المطاف عندما يدخل مسلّح أو أي مودع يطالب بوديعته، فهذا يشكل خطراً ليس فقط على الموظفين، وإنما على المودعين الموجودين داخل الفرع وعلى القوى الأمنية".
كذلك، فقد شدّد الحاج على أنه "من الضروري أن يتحمل كل طرف ما المسؤولية، وبالدرجة الأولى وظيفة المصارف أن تتحمل المسؤولية".
لجوء لشركات حماية خاصة؟
أمام هذا الواقع، وبعد تزايد وتيرة عمليات اقتحام المصارف، لم يعد أمام المصارف سوى تعزيز استعانتها بشركات الحماية الخاصة وذلك من أجل عودة آمنة. فعلياً، هناك حراس أمنيون من شركات متخصصة تحمي فروع المصارف، لكن وظيفة هؤلاء محدودة وتنظيمية بدرجة أكبر. أما مع الواقع القائم، فهناك طروحات تظهر مؤخراً تشير الى امكانية الاستعانة بعناصر مسلحة من شركات أمنية ضمن المصارف، الأمر الذي يغني عن القوى الأمنية.
الأمر هذا توقف عنده رئيس اتحاد نقابات المصارف جورج الحاج، حيث رأى أن "اللجوء الى سياسة الأمن الذاتي بالتعامل مع شركات خاصة حل مقبول"، وأضاف: "مع اتخاذ كامل الاجراءات الأمنية وزيادة عدد الموظفين الأمنيين، نستطيع ان ندخل مكاتبنا بأمان، واذا لم يحصل السيناريو الآمن الذي نريده؛ سنلجأ الى الاعتصام لأن هذه الأزمة علينا جميعاً".
ودعا الحاج الجهات الأمنية الى ضبط "الشحن" على مواقع التواصل الاجتماعي، والجهات التي تحرّض ضدّ المصارف، ومحاسبة المسؤولين الذي يدعون الى الفوضى، لأن هناك أٌناس يعيشون لحظات رعب وخوف واهانات.
كارثة أكبر
مقابل ذلك، قال مصدر في احدى شركات الأمن الخاصة، لـ
"لبنان24" إن "الأمن الذاتي عبر تسليح عناصر الحماية هو حل لا يعتبر جيداً على الاطلاق"، وأضاف: "عندما نستخدم عنصراً مسلحاً لا يحمل صفة أمنية شرعية، سنكون قد وضعنا الناس في وجه بعضهم البعض.. فما بالك أيضاً بمواجهة العسكريين للناس والمواطنين؟ حقاً الكارثة كبرى".
وتابع: "في الأساس، فان استخدام عناصر مسلحة من قبل الشركات الأمنية الخاصة يحتاج إلى ترتيبات كبيرة وقرارات من جهات رفيعة المستوى. ولهذا فان هذا الخيار صعب جداً ولا يمكن ضبطه".
فعلياً، فإن توزع هؤلاء العناصر بين المصارف قد يأخذ طابعاً مختلفاً، اذ أن هؤلاء لا يتبعون لقيادة عسكرية تدير أمورهم بعكس الجيش والقوى الأمنية التي تستند إلى توجيهات قيادة فعلية تعطي الأوامر وتعمل على تنسيق التعاطي مع أي حدث ميداني.. فكيف إذا كان الأمر يرتبط بمواجهة مودع يريد حقه؟ حقاً المشكلة ستكون كبيرة!