فرض الترسيم الحدود إيقاعه على الحركة السياسية في لبنان، فالرئيس ميشال عون يستعد لمهر توقيعه على استخراج الثروة النفطية، وحزب الله يشعر بالزهو كونه اجبر إسرائيل على مجاراة المصلحة اللبنانية، وفرنسا واكبت الترسيم بالتوازي مع استحضار الطائف كمرجعية دستورية.
هذه المعطيات، تدفع الوسط السياسي نحو السعي إلى ترتيب ما أمكن من البيت الداخلي، رغم بعض الشغب و محاولة "نتش" المكاسب قبيل خروج الرئيس عون من قصر بعبدا ، فالاجواء الحكومية تشي بالتشكيل، طالما ان الاجواء توحي بوضع سقف محدد لمطالب النائب جبران باسيل وعدم توسيع رقعة النقاش خارج الإطار الطبيعي.
المفاجئة الكبرى ، كانت المعلومات التي وصلت من الخارج المتصلة بالشغور الرئاسي، حيث توافر مناخ دولي بوجوب تأمين انتخابات رئاسية خلال شهور قليلة، وعدم ترك الصراعات الداخلية تأخذ مداها، من هنا التقط الرئيس بري الإشارة وحدد موعد الجلسة الأولى قبل الشروع في جولات التفاوض الفعلي لانتخاب رئيس الجمهورية.
بموازاة ذلك فان التشكيل الحكومي رهن بالعراقيل التي يرميها باسيل تباعا، من توسيع الحكومة الى توسيع دائرة التغيير في الوزراء المسيحيين، وفق مقولة "الوزراء الحاليين مش محسوبين علينا"، و هذا من شأنه تعقيد المسائل بينما الوقت بدأ يضغط فعليا لناحية ولاية عون التي شارفت على نهايتها.
معالجة هذا الجانب، منوطة بحزب الله الذي يحاول تجنب الغرق في النقاش الحكومي ومن ثم ربطه بالاستحقاق الرئاسي، لكون باسيل يسعى إلى هذا الأمر حكما نتيجة هواجسه الأخيرة. لذلك كان لافتا اجتماعه برئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الجلسة الماضية ، كون بري الممر الطبيعي عند الحزب لمطلق إتفاق كما لأي تسوية.
هذا يعني، وفق فرقاء محليين بأن الاسبوع الحالي قد يكون حاسما حكوميا ضمن الشكل المقبول، وسط انطباع عام عن إمكان عدم تصلب باسيل، خصوصا وان مطالبه الأخيرة بإجراء تعيينات شاملة في الجلسة الأولى للحكومة، اصطدمت برفض الحلفاء قبل أن تصل إلى الرئيس المكلف، خصوصا وان توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون على إتفاق ترسيم الحدود البحرية بمثابة جائزة معنوية قدمها حزب الله، و ينبغي التعامل معها على هذا الأساس.