لم يكن التنصل الإسرائيلي من الموافقة على التعديلات اللبنانية المقترحة على ورقة المبعوث الاميركي أموس هوكشتاين مستبعداً لدى المتابعين الحقيقيين لملف ترسيم الحدود البحرية، خصوصا في ظل الحملات الانتخابية المشتعلة في اسرائيل والتي تقيّد المسؤولين الاسرائيليين وتجعلهم غير قادرين على القيام بأي تنازلات.
ما ينقل من أجواء في اسرائيل يشير الى ان ردود الفعل الشعبية والسياسية على التنازل الكبير الذي قدمته اسرائيل للبنان في ملف ترسيم الحدود كانت في غاية السلبية، الامر الذي شكل نوعا من الردع امام رئيس الحكومة الاسرائيلية الذي بات متردداً في السير بالاتفاق مع اقتراب انتخابات الكنيست.
في الاسابيع الماضية، وضع "حزب الله" اسرائيل امام خيارين، الاول التنازل الصعب والقاسي امام مجرد التلويح بالقوة، وهذا ما ستكون له تبعات سلبية في الصراع لصالح الحزب، والثاني هو الذهاب نحو مواجهة ستخسر فيها اسرائيل حتى لو انتصرت بالحرب، وهنا تكمن قوة الحزب في التفاوض في هذا الملف.
لا ترى مصادر مطلعة أن الرفض الاسرائيلي الحالي للتعديلات اللبنانية نهائي، بل هو مناورة تهدف اولاً الى اظهار بعض التماسك والقوة الداخلية بهدف الاستهلاك الانتخابي، اذ ان لابيد لا يمكن له، في ظل الهجوم الكبير الذي يمارسه عليه بنيامين نتنياهو عليه، ان يتنازل للبنان بسهولة كبيرة.
اما الهدف الثاني من المناورة فهو محاولة الحصول على مزيد من المكاسب في اللحظة الاخيرة من خلال رفع السقف واظهار استعداد للذهاب الى تصعيد عسكري وهذا بحد ذاته، من وجهة نظر اسرائيلية، سيدفع لبنان الى تقديم تنازلات جديدة تجنباً للتصعيد "غير الضروري".
وتعتبر المصادر أن اسرائيل لن تبقى على عنادها بل ستقوم بتنازل جديد لحل الازمة والذهاب الى توقيع الاتفاق، لكن، بالرغم من هذا التوقع، فإن تدحرج الامور بسبب حساب خاطئ سيبقى وارداً في الايام المقبلة، خصوصا ان "حزب الله" لن يضحي بصدقيته مهما كلف الامر.
خلال الأيام المقبلة سيتحدث الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مع انتهاء الهامش الزمني الذي وضعه الحزب للوصل الى تسوية ديبلوماسية لملف ترسيم الحدود الامر الذي يفتح الباب على كل الاحتمالات التي من بينها التصعيد العسكري عند الحدود الجنوبية.