لم تأتِ دعوة الرئيس نبيه بري الهيئة العامة لمجلس النواب إلى جلسة ثانية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية يوم الخميس المقبل في 13 تشرين الأول الجاري لأنه لمس توافقًا على هوية الرئيس العتيد، وهو الذي إشترط في نهاية الجلسة الأولى بعدما فرط عقد نصاب الثلثين أن يكون "التوافق" بنسبة مئة في المئة، أي أن يضمن توافق 128 نائبًا على مرشح واحد، بل أتت دعوته هذه لأنه رأى أن من واجبه الدستوري أن يدعو إلى هذه الجلسة، وإلى غيرها من الجلسات ريثما تنضج "الطبخة الرئاسية".
وعلى رغم تحديد موعد الجلسة الثانية فإن الدعوة إليها لا تعني بالضرورة أن نصاب الثلثين مؤّمن، لأن المواقف لا تزال على حالها، ولم يطرأ أي جديد عليها، بإستثناء إعلان نواب تكتل "لبنان القوي" الـ 21 مقاطعتهم لهذه الجلسة، التي تصادف ذكرى 13 تشرين الأول، وهي ذكرى تعني الكثير لـ"التيار الوطني الحر".
فالأوراق البيضاء الـ 63 سينقصون 21 ورقة، في حال تمّ تأمين نصاب الـ 86، أي أن الحصيلة النهائية لهذه الأوراق ستكون قريبة جدًّا مما حصّله النائب ميشال معوض من أصوات فعلية ومن أصوات إفتراضية.
وفي هذا المجال، يُنقل عن النائب جبران باسيل أن إنضمام تكتله إلى خيار "الورقة البيضاء" جاء تلبية لرغبة صريحة من الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله شخصيًا، لكن هذه التجربة لن تتكرّر إلاّ إذا تغيّر المناخ الترشيحي لدى "الثنائي الشيعي"، على أساس أن يتبنّى أي مرشح من "محور الممانعة" البنود السبعة الواردة في الورقة الإصلاحية، التي أعلنها "التيار الوطني الحر".
واللأفت في كلام باسيل في آخر إطلالة له إعلانه أنه لا ينتمي إلى خطّ 8 آذار، وهو بالطبع ليس في خطّ 14 آذار، بل حاول من خلال هذا الطرح، الذي إستغربه كثيرون، أن يفرض نفسه كمعادلة أساسية في أي تسوية رئاسية، سواء بالنسبة إلى هذا الفريق السياسي أو ذاك.
وإنطلق باسيل من معادلة حسابية بسيطة محورها أنه يعتبر نفسه "بيضة القبان" بالنسبة إلى نصاب الثلثين في حال سار في خيار "السياديين، وذلك نظرًا إلى إمتلاكه نسبة كبيرة من الأصوات قادرة على إحداث الفرق. وبهذه الطريقة ينتقل من ضفّة المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية إلى ضفّة كبار صنّاع الرئيس العتيد.
من جهة ثانية، فإن محور "الممانعة" من دون باسيل تبقى عتبته دون المستوى، الذي يستطيع من خلاله تأمين نصاب النصف زائد واحد للجلسات التي لا يحصل فيها أي مرّشح على 86 صوتًا، وبالتالي فإن هذا المحور يحتاج إلى أصوات تكتل "لبنان القوي" ليكون منافسًا لأي مرّشح آخر.
ولأن باسيل ليس بالجهوزية المطلوبة بعد وجد في تحديد الرئيس بري موعدًا للجلسة الإنتخابية الثانية بالتزامن مع ذكرى 13 تشرين الأول مناسبة مؤاتية لعدم حضور نواب تكتله هذه الجلسة. وهكذا يكون قد أصاب عصفورين بحجر واحد.
أمّا بالنسبة إلى "القوات اللبنانية" فإنها لن تساهم في "تطيير" النصاب، وإن كانت تريده ضمنًا، وذلك لعدم جهوزيتها بعد. والدليل أنها لم تستطع أن تُقنع من يجب إقناعهم بالسير بالنائب ميشال معوض. فالأرقام التي حصل عليها في الجلسة الأولى، وهي أربعون صوتًا، لم تزد كثيرًا. مما يعني أن المعركة الحقيقية لم تبدأ جدّيًا بعد، وهي لا تزال تحتاج إلى كثير من الإتصالات واللقاءات والمساعي "الإقناعية".
وهكذا فإن جلسة الخميس ستكون باكورة الجلسات التي لن تنتج رئيسًا جديدًا للجمهورية... فإلى الثالثة درّ.