قبل يوم من إنتهاء ولايته الرئاسية، التي كانت أسوأ مرحلة في حياة لبنان، خرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، قبل ان يصبح رئيسًا سابقًا، من قصر بعبدا وسط حشود "عونية" أرادت أن تلقي عليه النظرة الأخيرة كرئيس. ولكن هذا "الخروج" لم يكن عادّيًا، بل كان صاخبًا، حيث أراد أن ينهيه الرئيس الثالث عشر بفراغ تمامًا كما إستقبله، وبهرطقة دستورية غير مسبوقة إذ وقّع مرسوم قبول إستقالة الحكومة، وهو إجراء "لزوم ما لا يلزم"، كما قال عنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
قد يكون هذا اليوم بالنسبة إلى الكثيرين من اللبنانيين يومًا تاريخيًا، إذ يعتبرون أن كابوسًا قد أزيح عن صدورهم بعد طول معاناة، تحمّلوا خلالها ما لم يتحمّله أي شعب آخر.
لم يكتفِ الرئيس المنتهية صلاحياته بترك بصمات سلبية في سجله التاريخي، بل أراد أن يوحي من خلال إختياره يوم المغادرة يوم أحد ليبرهن للجميع أن تياره لا يزال الأقوى شعبيًا، وذلك من خلال الحشود، التي تجمّهرت حول القصر الجمهوري وعلى الطرقات المؤدية إليه. وهذا المشهد إستفز أغلبية اللبنانيين، الذين جاعوا في عهده، والذين نهبت أموالهم و"نواطير لبنان نائمة"، وأذلوا أمام المستشفيات والصيدليات والأفران ومحطات الوقود.
يوم "الخروج" بهذه الطريقة الإستفزازية، مع ما قاله الرئيس عون عن المرحلة المقبلة، يؤكد المؤكد أن الخراب الذي ضرب البلاد إثناء الولاية مكمل حتى ما بعدها، وهو سيكون معمّمًا، بحيث لا يترك مجال لأي إنفراج ممكن ومحتمل.