منذ اليوم الأول لبدء "بازار الرئاسة"، تصرّ "القوات اللبنانية" على خوض "المعركة" من بابها "الانتخابي" العريض، ولذلك فهي ترفض منطق "التسوية" أو "الصفقة"، كما تنبذ الدعوات إلى "توافق" ترى أنّه يتنافى مع "أصول" العمل الديمقراطي، وترفع شعار "توحيد المعارضة"، ساعية جنبًا إلى جنب مرشحها المعلن، النائب ميشال معوض، لتأمين "أكثرية" 65 صوتًا مؤيّدًا له، بمعزل عن "لعبة النصاب" التي يتحصّن خلفها الفريق الآخر.
صحيح أنّ "القوات" تعتبر، في مجالسها، أنّها قدّمت "تنازلاً" بتبنّي ترشيح معوض، متجاوزة بذلك "الترشيح الطبيعي" لرئيسها سمير جعجع، لكون اسم معوّض "أكثر جمعًا" افتراضيًا على الأقلّ، لمختلف أطياف المعارضة، إلا أنّها تعتبر أنّ أداء بعض نواب المعارضة الرافضين للوقوف خلف معوض "يخدم" مشروع "حزب الله"، وترفض "التصديق" على الفرضية القائلة بأنّ الحزب لن يسمح بالتئام أيّ جلسة لا تكون نتائجها "مضمونة" لصالحه.
رغم ذلك، تعتبر "القوات" أنّ الفرصة لا تزال ممكنة، وأنّ الأمل لم يتبدّد بعد، وهي تؤكد أنّها لن تنخرط في أيّ "تسوية" على غرار "تفاهم معراب" كما يراهن كثيرون، حتى إنّها تتحفّظ على الدعوات التي تطلق بين الفينة والأخرى للحوار، باعتبار أنّ "الوقت وقت انتخابات لا حوار"، فيما يجزم المسحوبون علينا أنّ موقفها باقٍ على "ثباته"، رغم ما يصفونه بـ"الحملات" التي بدأ البعض بشنّها، لغايات مبطنة، أكثر من معروفة.
"حملات" ضدّ "القوات"؟!
ضمن هذه "الحملات" يضع المحسوبون على "القوات" ما أثير في الأيام الأخيرة عن "شبهات" مرتبطة بـ"كلفة" نقل مونديال 2018، وما تضمّنه ذلك من "تصويب مباشر" على وزير الإعلام السابق ملحم رياشي، والإيحاء بأنّ الأخير "تصرّف بالأموال"، رغم أنّه كان جزءًا من لجنة وزارية ضمّته إلى وزراء آخرين، من بينهم وزير محسوب على "حزب الله"، إلا أنّ أحدًا لم يسمّه، أو يُشِر إليه بالإصبع.
وفيما يلفت المحسوبون على "القوات" إلى أنّها ليست صدفة أن يكون إعلام "التيار الوطني الحر" قائدًا لهذه "الحملة" على رياشي، رغم أنّ الأخير يتمتّع بعلاقات يفترض أن تكون "ممتازة" مع الكثير من القياديين "العونيّين"، لدوره في إبرام "تفاهم معراب"، يستغربون أن يكون هناك في صفوف "التيار" من يعتقد أنّه بهذه الطريقة، يمكن أن "يجبر" جعجع على تحقيق رغبة الوزير السابق جبران باسيل، والتفاهم معه على خيار رئاسي معيّن.
وفيما بدا لافتًا أنّ "القوات" حافظت على هدوئها إزاء كلّ التسريبات حول ما سُمّيت بـ"صفقة المونديال"، حتى إنّ الوزير ملحم رياشي لم يردّ بشكل مباشر إلا بعدما وصلت "الضجة المفتعلة إلى ذروتها" في اليومين الماضيين، وفق توصيف المحسوبين على معراب، فإنّ هؤلاء لا يرفضون "التحقيق القضائي" بالأمر، شرط إبعاد الموضوع عن "التسييس"، والكفّ عن الرهان عليه للذهاب إلى "صفقات" لن تقبل بها "القوات" وفق قولهم.
ماذا عن حوار "الكتائب"؟
في الملف الرئاسي، يقول المحسوبون على "القوات" إنّ لا جديد في موقفها، فالخرق المطلوب يبقى من القوى الأخرى وليس منها، سوى من المعارضين "المتردّدين" الرافضين حتى الآن لتبنّي ترشيح النائب ميشال معوض، وبينهم من اختار "التصويب" عليه بدل الالتفاف حوله، أو من الموالين المتمسّكين بـ"رماديتهم" المتمثّلة في أوراق بيضاء ترقى لمستوى "التصويت للفراغ"، مع تطيير النصاب، في استراتيجية لا يمكن الاستمرار بها، وفق هؤلاء.
وبانتظار هذا "الخرق" المُستبعَد في الأمد المنظور، لا يعير المحسوبون على "القوات" اهتمامًا لما أثير عن لقاء جمع بين "الكتائب" و"حزب الله"، لاعتقادهم أنّه لن يغيّر شيئًا في المعادلات، حتى لو حصل، طالما أنّ الصيفي التي سارعت لتكذيب المعلومات بشأنه، باقية على "تموضعها" في المعارضة، وهم رغم رفضهم لفتح قنوات الحوار في الوقت الحاضر، لا ينبذون ايّ "تواصل" يمكن أن ينشأ، خصوصًا إذا ما كان يمكن أن يُحدِث "خرقًا".
وفي سياق موازٍ، ينفي "القواتيون" أيّ اختلاف مع البطريرك الماروني بشارة الراعي في مقاربته للملف الرئاسيّ، خلافًا لما يروّج له البعض في إطار ما يصفونها بـ"الحملات المغرضة"، وهم يؤكدون أنهم يؤيّدون ما جاء في "النداء الأخير" للبطريرك الراعي في مسألة النصاب والجلسات، بيد أنّ ما يرفضونه هو أن يجرّهم "نهج التعطيل" إلى "مساومات" تفرغ الاستحقاق الرئاسي من مضمونه، وتحيله مرّة أخرى إلى "التسويات".
يتحدّث المحسوبون على معراب عن "حملات غير بريئة" يشنّها البعض على "القوات" لجرّها إلى "مستنقع التسوية"، سواء مع "التيار الوطني الحر"، أو نكاية به مع رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية. لكنّ هؤلاء يؤكدون أنّ الخيارَين غير واردين تحت أيّ ظرف من الظروف، كلام قد تكون الأسابيع المقبلة "شاهدة" عليه وفق المراقبين، الذين يعتبرون على النقيض، أن ملف الرئاسة لن يتحرّك سوى بتوافق، ولو بدت طرقه مسدودة حتى الآن!