خابت خطّة "التيار الوطني الحر" المرتبطة بجلسة مجلس الوزراء في أن تكون محطّ مكسب سياسي واعلامي للعهد السابق الذي تعثّر في اغلب محطّاته جرّاء دخوله في الكباش السياسي لا سيما مؤخراً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والذي أدّى به الى خسائر شعبية فادحة.
يصرّ رئيس "التيار" جبران باسيل على أن يضع نفسه في مواجهة مع المطالب الشعبية الملحّة والمحقّة، اذ منذ انطلاق حراك 17 تشرين وهو يغمض عينيه عن اوجاع اللبنانيين ويناور في معاركه الدونكيشوتية متغاضياً عن شعار "كلن يعني كلن" في محاولة لشد عصب قاعدته وترميم واقعه من خلال ادّعاء الاستهداف والمظلومية!
هكذا قضى "العهد" معظم سنواته برئاسة العماد ميشال عون الذي سلّم محرّكات الحكم لباسيل وسلّم معه لبنان للفوضى والعزلة والانهيار. واليوم، بعد اسابيع من الخروج الاخير لا يزال "صهر العهد" يسعى لإحكام سيطرته وبسط نفوذه وشلّ آمال اللبنانيين ببداية جديدة.
أمس عُقدت جلسة مجلس الوزراء التي دعا اليها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على اعتبارها جلسة طارئة وملحّة لإقرار جملة بنود أساسية أهمها مرتبط بأزمة المستشفيات وأدوية مرضى السرطان والامراض المزمنة. ولم يكن مستغرباً أن يتصدّى باسيل لهذه الجلسة ويبذل كل محاولات العرقلة في سبيل منع اكتمال نصابها وإفشال مساعيها لتسيير أمور المواطنين العالقة وانقاذ البلاد من فخ الانهيار الكامل لشبكة الاتصالات والانترنت!
فشل النائب جبران باسيل رغم كل التجييش والتحريض الاعلامي في حشد الرأي العام واصطفاف البيئة الشعبية المسيحية خلفه كما كان يتمنى، حتى أنه بات يسير على حافّة الخلاف العميق مع "حزب الله" في لحظة سياسية لا يستطيع معها تحمّل أي نوع من الخلاف مع حليفه الوحيد في الساحة اللبنانية، خصوصاً وانه لا يزال طامحاً بالحصول على دعم "الحزب" الرئاسي وإن لم يكن لشخصه وإنما لمرشح يختاره ويفضّل وصوله الى قصر بعبدا. لذلك فقد كان الاجدى به أن يتفادى احراج نفسه مع "حزب الله" والدخول في مواجهة معه تعزله تماماً عن القرار، سيّما وأن "الحزب" شارك ودعم انعقاد جلسة مجلس الوزراء من دون أي تردّد مؤيداً موقف الرئيس نجيب ميقاتي في أن مصلحة الناس فوق كل اعتبار.
حاول رئيس "التيار الوطني الحر" الإيحاء بأنه يحظى بدعم مسيحي كامل من خلال تأييد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي لتوجّهه الى جانب باقي الاحزاب المسيحية، غير أن واقع الامور وشى بعكس ذلك، إذ إن الدعم الذي يحظى به باسيل برفض انعقاد الجلسة هو مجرد خطاب مبدئي للقوى المسيحية الاساسية، غير انها في الحقيقة لا تفكّر اصلاً في خوض معركة باسيل "الشخصية" بوجه ميقاتي.
كل ذلك يؤدي الى نتيجة واحدة، مفادها أن باسيل فتح جبهة كبرى خلال عملية تشكيل الحكومة وفشل في تحقيق أهدافه منها، لكنّه حاول المواربة من بوابة أدواته المستهلكة واستحضر على الطاولة من جديد سلاح الميثاقية وشعار حقوق المسيحيين وقنبلة التعطيل، معتبراً انه قادر على احداث حالة ردع بوجه القوى السياسية التي أيدت انعقاد جلسة مجلس الوزراء، فلم يتمكّن من "المَونة" على حلفائه بعدم حضور الجلسة وانقلب السحر على الساحر الذي أعاد نفسه الى مربّع المواجهة مع الشارع اللبناني فأسقط نفسه بنفسه من جديد!