في المرّات السابقة للفراغ الرئاسي سمعنا كلامًا كثيرًا صدر عن مرجعيات سياسية، ومن بينهم الرئيس نبيه بري. ومختصر هذا الكلام هو "أننا جميعًا تحت عباءة البطريرك الماروني. وما يقرره في الشأن الرئاسي نسير وراءه".
هذا الكلام قيل في الماضي، ويُقال اليوم، وسيقال غدًا، ما دامت طائفة رئيس الجمهورية مارونية عرفًا، وما دام البطريرك الماروني هو المعني الأول بهذا الاستحقاق، كونه استحقاقًا وطنيًا قبل أن يكون استحقاقًا سياسيًا أو دستوريًا.
فلو لم يكن البطريرك الماروني معنيًا بهذا الاستحقاق كأولوية مطلقة لما كان مضطرًّا لتكرار ما يقوله في عظات الأحد، ولما كانت هذه القضية تحتّل الصدارة في بيانات مجلس المطارنة الموارنة. ولكن نسأل سيد بكركي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي"المعطى مجد لبنان": هل هذا هذا الكلام يكفي أم المطلوب أكثر من ذلك بكثير.
صحيح أن غبطة البطريرك حاول أن يجمع الأقطاب الموارنة في بداية ولايته البطرسية. وصحيح أيضًا أن هؤلاء الأقطاب أدخلوا بطريركهم في دوامة اليأس، حيث نفض يديه من مسؤولية جمع ما لا يُجمع، مع أنه نجح في الجمع بين رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع.
ولكن غبطة أبينا البطريرك، الأمر خطير جدًّا، ولأنه بهذه الخطورة، يجب عدم الاستسلام واليأس، ويجب المحاولة مرّة واثنتين وثلاثًا. وإذا لم يبادر سيد بكركي فمن غيره قادر على المبادرة، وهو رجل الرجاء.
غبطة أبينا البطريرك هز عصاك. فصدى هذه العصى لا يزال يتردّد في الوديان والجبال، ولا يزال رجعها يُسمع في عواصم القرار.
استدعي هؤلاء الأقطاب، مع جميع النواب الموارنة، إلى جلسة رئاسية مغلقة في بكركي لا يخرجون منها إلاّ بتوافق على اسم الرئيس العتيد. وليجسر على رفض المشاركة في هكذا اجتماع من يقدر أن يتحمّل مسؤولية هذه المقاطعة. فالأمر خطير إلى درجة أن الدلع السياسي غير مسموح. فالوقت ليس وقت المناكفات المارونية – المارونية، وليس وقت تصفية الحسابات أو فتح دفاتر الماضي.
ليتحمل هؤلاء الأقطاب مسؤولية عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خصوصًا أن ما يُقال في السرّ وبين الجدران الأربعة قد وصل إلى مسامع سيد بكركي، إذ يُحكى أن الرئيس ميشال عون هو آخر رئيس ماروني.