قبل الجلسة الحكومية الاخيرة المخصصة لملف الكهرباء وبعدها، لم يتأخّر "التيار الوطني الحر" في "التصويب" وفتح النار في كل اتجاه ، لأسباب يزعم "مبدئيّتها" الميثاقية والوطنية، رغم تحمّله "مبدئيًا" الأسباب الموجبة لأزمة الكهرباء، بعد "احتكاره" حقيبة الطاقة في الحكومات المتعاقبة، إلا أنه ذهب أبعد من ذلك بـ"التشويش" على الجلسة، وصولاً لحدّ "ابتزاز" حليفه "حزب الله"، عبر تسريباتٍ لأوساط محسوبة عليه، تقاطعت عند تأكيد أنّ ما بعد جلسة الأربعاء لن يكون كما قبلها.
ومع أن "حزب الله" سعى لـ"مراعاة" حليفه، من خلال الترويج لـ"حصر" مشاركته في الجلسة الحكومية ببند الكهرباء الملحّ والجوهري، إلا أنّ مواقف بعض قياديّي "التيار الوطني الحر" فتحت الباب أمام العديد من علامات الاستفهام، فهل تكرّس جلسة الأربعاء "الطلاق" بين الجانبين، بعدما أفضت الجلسة الحكومية الأولى في ظلّ الفراغ، إلى ما يتخطى "سوء التفاهم" ويرقى لمستوى "القطيعة"؟!
"التيار" يرفع سقف "التهديد"
بمجرّد دعوة رئيس الحكومة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، بدا واضحًا استنفار "التيار الوطني الحر" للتشويش على الجلسة، والتصويب تحديدًا على "حزب الله"، باعتبار أنّ الدعوة ما كانت لتتمّ لو لم يكن الرئيس ميقاتي قد "ضمن" مشاركة الحزب، وفق تعبير أوساط "عونية"، رغم أنّ رئيس الحكومة سبق أن قال إنّه سيمارس واجباته بدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد متى دعت الحاجة، بمعزل عمّن يحضر، على أن يتحمّل المقاطعون مسؤولياتهم الأخلاقية.
سريعًا، رفع "التيار" سقف التحذير، بل "التهديد"، الذي وصل لحدّ الحديث عن "طلاق" مع "حزب الله" قد ينجم عن مشاركة الأخير في جلسة الأربعاء الحكومية، حيث تشير أوساطه إلى أنّ "التيار" كان ينتظر أن يبادر "حزب الله" إلى "تصحيح الخطأ" الذي ارتكبه بمشاركته في جلسة الحكومة قبل أسابيع، رغم موقف "الوطني الحر" الرافض، وبالتالي فإنّ مشاركته من جديد ستشكّل "إمعانًا في الخطأ"، وبالتالي قطعًا للطريق أمام أيّ "مبادرات".
وفيما تتمسّك أوساط "التيار" بفكرة "المراسيم الجوالة" لبتّ ملف الكهرباء، رغم أنّ رئيس الحكومة أعلن جهارًا رفضه لها بالنظر لعدم دستوريتها وقانونيتها، تعتبر أنّ "حزب الله" بتأمينه نصاب الجلسة يضرب بعرض الحائط كلّ مواقف "الوطني الحر"، وبالتالي فإنّ الحوار الذي كان منتظرًا بين الجانبين ترجمة لـ"وعد" الأمين العام لحزب السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير يصبح عندها بلا قيمة، بل بمثابة "لزوم ما لا يلزم"، بكلّ بساطة.
"حزب الله" يستغرب
لكنّ تصعيد "التيار" المُضمَر عبر التسريبات المنسوبة إلى أوساطه ومصادره، لا يبدو أنّه يتقاطع مع موقف "حزب الله"، الذي يقول العارفون بأدبيّاته إنّهم يستغربون رفع السقف لهذا المستوى".
ويشير هؤلاء إلى أنّ "حزب الله" يشعر بالإحراج، فالجلسة الحكومية بالنسبة إليه أكثر من ضرورية، طالما أنّ ملف الكهرباء على رأس جدول أعمالها، وهو لا يستطيع أن يبرّر لجمهوره عدم مشاركته فيها، وبالتالي تحمّل تداعيات "تطييرها"، بفكرة "مراعاة خواطر الحليف"، على أهميتها، خصوصًا عندما يجد أنّ هذا "الحليف" يبالغ في تحفظاته وتوجساته، حتى بات يتسبّب بتغليب مصالحه السياسية على الشؤون المعيشية للمواطنين.
ويرى العارفون بأدبيّات "حزب الله" أنّ الأخير ينتظر من "التيار" أن يتفهّم الحيثيات التي ينطلق منها، حتى لو أنّ المؤشرات الأولية لم توحِ بمثل هذا "التفهّم"،
يؤكد العارفون أنّ "حزب الله" لا يزال متمسّكًا بتفاهمه مع "التيار الوطني الحر"، وهو يرفض القول إنه "يفرّط به" بأيّ شكل من الأشكال، ولكنّه في الوقت نفسه، لا يقبل أن يبقى "أسيرًا" له، في ظلّ الظروف الصعبة التي يعيشها جميع اللبنانيين، والتي يفترض أن تُعطى الأولوية في هذه المرحلة. مع ذلك، فإنّ الحزب يبدو "جاهزًا" لكل السيناريوهات والاحتمالات، فهل يفعلها "التيار" ويطوي صفحة "التفاهم"، أم أنّ مصلحته ستثنيه عن مثل هذا الفعل؟!