أقرّت
محكمة الاستئناف المدنية في بيروت برئاسة القاضية
جانيت حنا حق الشخص في تبديل جنسه في سجلات النفوس مراعاةً لوضعه النفسي، الجنسي، الخلقي والاجتماعي. وأكّدت القاضية في حكمها ثلاثة أمور أساسية هي أولاً: ضرورة تغيير الجنس لتخليص الشخص من المعاناة النفسية والاجتماعية التي يعانيها، الحق الأساسي والطبيعي للشخص في تلقي العلاج اللازم لما يعانيه من أمراض جسدية ونفسية، والحق في
حماية الحياة الشخصية ومنع التعرض لها.
الحكم الصادر عن
محكمة الاستئناف بتاريخ 3/9/2015 (نشرته المفكرة القانونية) استجاب لطلب تغيير جنس أحد الأشخاص من أنثى إلى ذكر بعدما ردّ
القاضي المنفرد في بيروت الناظر في قضايا الأحوال الشخصية دعوى تصحيح الجنس في سجلات النفوس.
في تفاصيل القرار، أن الجهة المستأنفة "عانت منذ ولادتها من مرض اضطراب الهوية الجنسية وتمتعت بمظاهر وملامح ذكورية بحتة لجهة المظهر الخارجي، كما لجهة الخصائص النفسية والعاطفية والتصرفية (...) واستحصلت على تقرير طبي ورد فيه أن قرارها إجراء عملية لتصبح ذكراً هو نتيجة نضج وتطور (...) وهي تستطيع إجراء هذه العملية من الناحية النفسية".
وبعدما تعافت المستأنفة من العملية، تقدمت أمام
القاضي الناظر بقضايا الأحوال الشخصية باستدعاء طلبت فيه تصحيح قيدها في سجل النفوس. تركت المديرية العامة للأحوال الشخصية الأمر للمحكمة التي قامت بتكليف طبيب لمعاينة المستدعية ووصف حالتها. على الرغم من تأكيد الطبيب في تقريره أنّ المستدعية تعاني من اضطراب نفسي جنسي سلوكي غير قابل للتغيير ولا يوجد أي إمكانية لإعادتها إلى الجنس الأنثوي، رد
القاضي طلب تصحيح الجنس فاستأنفت المستدعية الحكم. أخذت
محكمة الاستئناف توجها مغايراً فقبلت
الاستئناف واعتبرت أنّ الحكم الأول ألحق بالمستدعية ضرراً بالغاً، فهي تعجز عن تجديد جواز سفرها لعدم تطابق أوراقها الثبوتية التي تشير الى كونها أنثى مع واقع كونها رجلاً مكتمل النضوج.
اعترفت القاضية بالمعاناة التي كانت تعانيها المستدعية جراء جنسها، واعتبرت أنّ "تحول جنس المستأنفة ناجم عن عمل طبي ضروري لشفائها ولتخليصها من المعاناة التي رافقتها طيلة حياتها"، كما أكّدت أن "حق الشخص في تلقي العلاج اللازم لما يعانيه من أمراض جسدية ونفسية هو حق أساسي وطبيعي ولا يمكن لأحد أن يحرمه منه". ذهبت
المحكمة أبعد من ذلك، فطرحت حق احترام حياة الفرد الخاصة وعدم التعرض لها، وتطبيقاً لهذا المبدأ يجب "إزالة الأسباب التي تشكل تعرضاً غير مبرر لحياة المستأنفة الخاصة". استندت القاضية الى أن "تصحيح الأخطاء التي تعتري القيد في سجل النفوس يعني جعل القيد مطابقاً مع الحقيقة، بحيث يعكس وضعية صاحبه بدقة ولا يمكن حصر مفهوم التصحيح ضمن حالة الخطأ المادي البحت الحاصل لدى إجراء القيد دون غيره من الحالات التي يتضح فيها أن القيد لا يطابق الواقع".
خلاصة الحكم هي إلزامية الاستجابة لطلب تصحيح اسم المستأنفة ليصبح متآلفاً مع واقع تحولها الى ذكر وفسخ الحكم الأول باعتباره غير سليم قانوناً.
(إيفا الشوفي - الأخبار)