لم يستتبع تلويح رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بامكان ترشح للرئاسة بردات فعل أساسية ، أقله حتى الساعة.
وبحسب " نداء الوطن" فانه بخلاف ما كان باسيل يمنّي النفس به، أتت خطوة التلويح بترشحه للرئاسة كضربة سيف في الماء لم تحرك ساكناً في المستنقع الرئاسي الراكد، بل تعامل حلفاؤه قبل الخصوم مع هذه الخطوة ببرودة واستخفاف بوصفها تندرج ضمن سياق "غير عقلاني لانعدام حظوظه الرئاسية إلى ما دون الصفر"، كما علّقت أوساط قيادية في قوى الثامن من آذار، معربةً عن أسفها لكون سياسة "النكايات والابتزاز وهدم الهيكل فوق رؤوس الجميع" هي العنصر الغالب والمتحكّم في أداء باسيل حيال الاستحقاق الرئاسي "فهو لا يمارس عملية الإقصاء وحرق الأسماء بحق المرشحين المطروحين من قبل الأفرقاء الآخرين فقط، إنما يرفض حتى طرح إسم أي مرشح من داخل تياره للرئاسة".أما على ضفة الخصوم، فتعتبر أوساط نيابية معارضة أنّ باسيل "حشر نفسه في السباق الرئاسي ليحشر "حزب الله" في مسألة الترشيح والانتخاب"، معتبرةً أنه "بعدما نجح إلى حد كبير في التشويش على رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية وإجهاض حظوظ ترشيحه، يسعى راهناً إلى تشويه صورة قائد الجيش العماد جوزيف عون والتصويب عليه بالشخصي لنسف أي إمكانية للتوافق الداخلي والخارجي على انتخابه، وفي الوقت نفسه يعمل على خط محاولة إحداث تقارب مع "القوات اللبنانية" حيال الملف الرئاسي لتعزيز جبهته التفاوضية مع "حزب الله"، وهذا ما تعيه "القوات" جيداً ولن تقع في فخّ منحه ورقة تفاوض ليعمد إلى استغلالها باسم المسيحيين في تحصيل مكاسب رئاسية وسياسية له".ومن هذا المنطلق، كشفت الأوساط نفسها أنّ "باسيل يسعى إلى إعادة فتح قنوات التواصل المباشر مع معراب طالباً أقله استقبال وفد نيابي من "التيار" في حال تعذر استقباله شخصياً في هذه المرحلة"، لكنها لفتت إلى أنّ "القواتيين بحكم التجربة يدركون جيداً أنّ باسيل ليس جدّياً في طرحه التوافقي بدليل أنه لا يزال حتى الساعة يمتنع عن طرح أي إسم من الأسماء التي يمكن أن يشكل ترشيحها مدخلاً توافقياً مع قوى المعارضة الداعمة لترشيح النائب ميشال معوّض"، وخلصت إلى القول: "باسيل بلغ حائطاً مسدوداً بعدما فقد الأمل بتجاوب "حزب الله" مع شروطه الرئاسية، و"القوات" غير مستعدة لإعادة تكرار تجربة اتفاق معراب وغير معنية بإعادة التواصل معه على حساب مصداقيتها أمام الناس والمعارضة".
وكتبت" الديار": بعد ساعات على التصعيد من قبل النائب جبران باسيل، والذي استثنى منه جنبلاط فقط، دخل رئيس «تكتل لبنان القوي» في «لعبة» استدراج العروض الخارجية، بعدما ادرك ان «بضاعته» كاسدة على الصعيد المحلي، وقدم نفسه مرشحا محتملا لمن يريد تبنيه، مع استعداده الواضح للتخلي عن تحالفه مع حزب الله. وهو الطرح «الاخطر» منذ وصول العلاقة مع حليفه الوحيد الى «حافة الهاوية».
باسيل، برأي اوساط سياسية بارزة، يلعب في مساحة خطرة جدا قد لا يستطيع الحزب «هضمها» هذه المرة، وان اختارت قيادته «الصمت» علنا كالعادة، لكن المرجح ان تكون «الرسائل» الضمنية اكثر حدة في اقرب فرصة ممكنة، خصوصا ان باسيل يصر على استدراج حليفه الى سجال علني لا طائل تحته، وهو امر «أزعج» قيادة حزب الله، خصوصا انه لم يبد اي حرص على مستقبل العلاقة عندما تساءل ماذا يمكننا أن نفعل بعد وماذا علينا أن نقدم؟ المسألة هي مسألة كرامة ووجود، ومن ليس لديه بديل يموت. ولكن نحن لا نموت. وبقوله إن التيار «مستعدّ لعقد تفاهم جديد ليس مع الحزب وحسب، إنما مع أي مكوّن جديد تحتَ عنوان بناء الدولة»، رافضاً تسوية الخلافات في الغرف المغلقة، لأن «من حق جمهورنا أن يعلم بما يجري»، ما فسر على أنه رد على طلب الحزب أن تبقى المناقشات بين الجانبين بعيدة من الإعلام.
والاهم من كل ما سبق انه اقفل مرة جديدة اي محاولة للنقاش حول ترشيح سليمان فرنجية، وهو اختار نقض وجهة نظر السيد حسن نصرالله علنا، قائلا له ان من يحمي المقاومة هي الدولة المحمية والمحصنة من الفساد، لأن مشروع المقاومة لا يجب أن يتناقض مع مشروع الدولة، وأن الناس هي من تحمي المقاومة وليسَ فقط بيئتها... ووفقا لتلك الاوساط، فان ثمة ايضاحات ينتظرها الحزب من باسيل حيال استدراج العروض الخارجية، وسط ارتفاع منسوب التوتر في المنطقة، وما اذا كان يدرك فعليا خطورة كلامه؟!
وكتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": لم يجد مصدر نيابي لبناني بارز، في معرض تعليقه على الحملات السياسية التي شنّها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على حلفائه وخصومه في آن معاً، سوى أنه يمر بحالة من القلق والاضطراب والتخبُّط؛ لأنه كان يستمد قوته من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون. وهذا ما يفسر إصراره على انتخاب رئيس للجمهورية على قياسه لعله يستعيد نفوذه الذي فقده ويؤمّن الاستمرارية السياسية لـ«العهد القوي» بعد أن اكتشف أنه لم يعد يمون على كبار الموظفين الذين عُيّنوا إبان تولي عمه رئاسة الجمهورية.
ويتحدّى المصدر النيابي باسيل بأن يعلن رسمياً ترشّحه لرئاسة الجمهورية؛ لأنه سيجد نفسه وحيداً، وسيواجه صعوبة في إقناع بعض النواب المنتمين إلى تكتل «لبنان القوي» بتأييده. ويقول، كما نقل عنه عدد من النواب، إنه يفكر بترشّحه لحشر حليفه «حزب الله» في الزاوية بوضعه أمام قرار صعب؛ لأنه سيكون مضطراً لتحديد موقفه باستمراره في تأييد خصمه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية أو تفضيله على منافسه.
ويلفت إلى أن باسيل يسعى بتهديده بالترشّح إلى لملمة الوضع بداخل تكتل «لبنان القوي» لقطع الطريق على تشتيت أصواته بعد أن امتنع عن ترشيح أحد نوابه للرئاسة بذريعة أن فرصة الفوز ليست متاحة له، وهذا ما يدفع عدداً من النواب لاحقاً للمطالبة بترك الحرية لهم في انتخاب الرئيس.