أقفلت المصارف أبوابها أمس تنفيذاً لقرارها بالإضراب المفتوح، احتجاجاً على اجراءات قضائية خاصة بالمودعين وكشف السرية المصرفية في قضية تبييض أموال.والتقى رئيس الحكومة وفدا من جمعية المصارف امس عرض له اسباب الاضراب.
وكتبت" نداء الوطن": اكدت مصادر الجمعية "بقاء الاضراب قائماً، حيث تم تقليص العمل المصرفي ليقتصر فقط على السحب عبر ماكينات الصراف الآلي ATMs، وتأمين الاعتمادات المالية الضرورية للاستيراد، كما استقبال أموال Fresh من الخارج لصالح المواطنين والشركات".اضافت "نداء الوطن" أنّ هناك قضية متعلقة بتحويل نحو 8.8 مليارات دولار في الأشهر الأولى للأزمة (مع ربط ذلك بعمليات هندسات مالية حصلت في 2016!)، تدافع المصارف عن نفسها بشأنها بتأكيد ان المبالغ اقترضتها من مصرف لبنان لتغطي التزامات خارجية، لئلا تنكشف إزاء البنوك المراسلة، مع ما لذلك من تداعيات قانونية دولية.في المقابل، تؤكد جهات الادعاء أن "في تلك التحويلات شبهات، وانها أتت على حساب بقية المودعين، ولم تكن كلها لتغطية التزامات خارجية، بل فيها أموال تعود لنافذين ومصرفيين".وفي اليومين الماضيين تلقت مصارف طلبات لكشف السرية المصرفية عن حسابات وعمليات رؤساء واعضاء مجالس الادارات والمديرين التنفيذيين في عدد من البنوك، بالاضافة الى مدققي الحسابات الحاليين والسابقين. واختلفت الآراء حول تفسير مواد في قانون تعديل السرية المصرفية، فامتنعت مصارف عن تلبية طلبات كشف السرية، ما دفع بالجهة القضائية المعنية الى فتح دعاوى جديدة بحقها مع امكان اجراء مداهمات واصدار مذكرات جلب واحضار كل من يمتنع عن تلبية طلبات كشف السرية".تبقى الاشارة الى ان المصارف تضغط أيضاً لإقرار سريع لقانون كابيتال كونترول يحميها من قضايا المودعين. وعلى سبيل المقارنة بين قضيتي تبييض الأموال وإنصاف المودعين، يؤكد مصدر قضائي أنّ "المصارف تتمسك بأهداب السرية المصرفية كأنها "قدس الأقداس"، بينما تهزأ بشعار "قدسية الودائع" التي تقتطع منها يومياً ما يصل الى 85% من قيمتها".
وكتب صلاح سلام في" اللواء":قد لا تتحمل المصارف وحدها مسؤولية الإنهيار المالي والنقدي، لأنها كانت تُقرض الدولة، وتساهم في هندسات المصرف المركزي، ولكن هذا الواقع لا يُعفي أصحاب البنوك من مسؤولياتهم القانونية والتعاقدية تجاه المودعين، خاصة وأن معظم ألمصرفيين قد سارعوا إلى تحويل أموالهم إلى الخارج، في فترة الإقفال الصادمة، والتي حالت دون وصول المودعين إلى أموالهم باكراً، وتفادي حصول هذا الحجز الإعتباطي للودائع دون أي مستند قانوني.
محاولات تحميل أصحاب الودائع الجزء الأكبر من «الفجوة المالية» المقدرة بـ٧٣ مليار دولار، هو تجنٍّ صارخ على حقوق أكثر من مليوني لبناني، ذنبهم الوحيد أنهم وضعوا ثقتهم بالنظام المصرفي، الذي كان حتى عشية الإنهيار، يُعتبر الأبرز والأكثر نجاحاً، ليس على مستوى الشرق الأوسط وحسب، بل وعلى مستوى العديد من الدول الأوروبية والنمور الآسيوية.
نحن مع إعادة هيكلة القطاع المصرفي في أسرع فترة ممكنة، ولكن لا يمكن، بل لا يجوز، أن تتم عمليات الهيكلة للمالية العامة والقطاع المصرفي على حساب المودعين، خاصة الذين تزيد وديعتهم عن المئة ألف دولار، لأن إستعادة ثقة كبار المودعين، خاصة رجال الأعمال اللبنانيين وغير اللبنانيين، تبقى مسألة أساسية لعودة القطاع المصرفي إلى سابق نشاطه، والحفاظ على نسبة محترمة من الودائع الكبيرة لتغطية حاجات إعادة تفعيل دور المصارف في دعم القطاعات المنتجة، وتوفير التسهيلات اللازمة لبناء القواعد الإقتصادية القادرة على تحقيق نسب نمو معقولة.
وهنا لا بد من التوقف عند التقصير الفادح لجمعية المصارف في البحث عن الصيغ الملائمة لخروج هذا القطاع الحيوي للإقتصاد الوطني من حالة التخبط والتسلط الحالية، والتي حوّلت معظم المصارف إلى دكاكين للصرافة، والإكتفاء بدور الوساطة بين السوق السوداء للدولار والبنك المركزي عبر منصة صيرفة، وما ينتج عنها من عمولات مرتفعة تزيد الأعباء على المواطنين الغلابى.
إضراب المصارف لن يعفيها من مسؤولياتها في تنفيذ الأحكام القضائية برد الودائع لأصحابها، مهما بلغ تعنت بعض البنوك في إنكار حقوق مودعيها.
وأكد مسؤول مصرفي لـ«الشرق الأوسط»، أن ميزان العدالة لا يستقيم مع تكرار الطلبات لكشف السرية المصرفية من خارج الآلية الرسمية المعتمدة التي تعود صلاحياتها لهيئة التحقيق الخاصة. كذلك لجهة صدور أحكام مبرمة لصالح أفراد، بما يفضي إلى تخصيصهم بجزء أساسي من السيولة النقدية المتاحة للمجموع يومياً. كذلك لا يمكن تعطيل أدوات سداد -كالشيكات المصرفية التي يجري إصدارها لصالح طالبيها- بينما يُفرض على البنوك أن تقبل بسداد القروض للعميل عينه أو سواه بهذه الوسيلة للدفع.