فضيحةٌ من العيارِ الثقيل أبطالُها طبيبٌ لبنانيٌّ ومختارٌ زحلاويّ وبضعةٌ من السّوريين الذين قرروا أن يسرقوا أموالاً بحجة الموت.
ففي التّفاصيل، فإنَّ القوى الأمنيّة في "زحلة" استطاعت أن تُفكّك شبكة تضم مجموعةً من اللّبنانيين والسّوريين يقومون بصياغة تقارير وفاة تشير إلى موت أحد السّوريين بطلبٍ منهم للإستفادة من أموالٍ تقدمها جمعيات معينة تساعد السّوريين، من خلال تقديم تقارير رسميّة صادرة عن سلطاتٍ محليّة وأخرى طبيّة، وذلك تحت تغطية المختار "ي.ق"، الذي يسلّم التقارير للسوريين الذين "يتوفاهم" على الورق، ومن ثم يحصل على أجر "تزويره" لورقةٍ تفيدُ بأنّ السّوريّ الحيّ "متوفٍ"!!
فكيف تتمُّ هذه العملية الهوليوديّة؟
في لبنان يتواجدُ العديد من الجمعيات التي أُنشأت تحت لواء "دعمِ الأُسر السّوريّة" وذلكَ من نواحٍ عدّة، فهناك من يدعمُ الأطفال، وأُخرى تدعمُ العائلات، وأخرى تدعمُ الأرامل، ومن هنا قرّرت مجموعةٌ من السّوريات أن يدخلن بمغامرة جديدة تتمثلُ بقتل أزواجهن "على الورق"، وذلك من خلال الاستحصالِ على ورقةٍ من المختار "ي.ق" تمثّل وثيقة وفاة مزوّرة، وفور حصولها على تقرير من عند المختار "ي.ق"، تُقدّمها مباشرةً إلى الجمعيات التي تُعنى بالأرامل لتحصل على المال والمُساعدات، إذ تكون هذه المساعدات متنوعة، فمنها ما يكون على الصّعيد المالي، وأخرى على الصّعيد الغذائي، وكلما ازداد عددُ أفرادِ العائلةِ تزدادُ قيمةُ المساعدات، ومن هنا فإنّ حصّة المختار محفوظةٌ إذ تتقاسم العائلات السّوريّة المبالغ الماليّة معهُ، حيث يحصلُ على عمولة "محرزة".
العصابة اللّبنانيّة-السّوريّة غاصَت بتفاصيلِ الجريمةِ أكثر، إذ أنّهم امتهنوا هذه اللّعبة من خلال إغرائهم لطبيبٍ بدفع مبلغٍ من المالِ لقاءَ إصدارِ تقاريرٍ طبيّة تتضمنُ أسباب وفاة الرجل السّوريّ الذي لا يزال على قيد الحياة، لتذهب زوجتُهُ إلى هذهِ الجمعيات وتقوم بتسليمِ وثيقةِ الوفاة الحاصلة عليها من المختار بالإضافةِ إلى تقرير الطّبيب "ز.س." الذي يشيرُ خلالهُ إلى أسبابِ الوفاةِ، ليضمنوا بذلك مبالغَ ماليةٍ ومساعداتٍ غذائيّة ومعونات تمتدُ لأشهرٍ وأشهر.
كلّ ذلِك تؤكّده تحقيقاتُ المديريّة العامة لأمن الدولة حيث أنّ أقوالَ المختار أثبتت بأنّه كان يسلّم وثائق وفاة لرجال سوريين على قيدِ الحياة، ليتواطأ معهم لأجل الحصول على نسبة من الأموال التي تسلّمها الجمعيات، كما وأن أقوال الطّبيب الذي قام بعملية تزوير أسباب الوفاة أُثبتت بالتّحقيقات.
التّحقيقات كشفت أمرًا آخر شديد الخطورة ألا وهو سوء استعمال المراكز واستغلالها، إذ أن مصادر قضائية تشير لـ"لبنان 24" الى أن المختار "ي.ق." ليس هو الشّخصيّة الوحيدة المتورّطة بهذا الملف، لا بل أنَّ الأمرَ يتعداهُ إلى مختارٍ آخر متواجدٌ في "البقاع" ذُكر اسمهُ خلال التّحقيقات التّي توصّلت إليها مديرية أمن الدولة، ومن المتوقع حسب المصدر أن تقودَ هذه الإعترافات إلى مزاريب جديدة من الهدر قد تتكشف تباعًا.
من هنا تشيرُ مصادر خاصّة لـ"لبنان 24" إلى أنّ التّركيز على منطقة البقاع يعودُ لأسبابٍ أهمّها الإنتشار السّوريّ الكثيف غير المنظم، ما يعودُ بذلِك على المخاتيرِ المتواطئين والعصابات المنظّمة بمبالغَ طائلةٍ من الجمعيات المُنتشرة.
التّحقيقات بهذا الملف لا تزالُ مستمرةً، يشيرُ المصدر القضائي، خلال حديثه الى "لبنان 24"، ويضيف بأنَّ النّساء اللّواتي يحصلن على تقارير وفاة لرجالهم الأحياء هم بالمئات.
ويستغرب المصدر الحملةِ الممنهجةِ التّي يتعرّض لها المدّعي العام الإستئنافي منيف بركات لناحية المطالبات المستمرة من قبل أحزابِ المنطقة بإطلاق سراح المختار وعدم زجّ اسمهِ بهذا الملف ولو أنّه أعطى وثائق وفاة باعتبار أنَّ لا صلاحية له بالكشف ما إذا كان الرجل فعلاً توفيَّ أم لا. إلا أن المصدر يكمل بأن بركات لن يرضخ لهذه الحملة وهو ليس بوارد إطلاق سراح المختار أبدًا.
وهذا ما لم يفلحْ بهِ المطالبون إذ أنَّ المصادر القضائية المتابعة تشيرُ إلى أنَّ المختار والطبيب اعترفا بأنّهما كانا على علمٍ بالتّزوير وهذا ما يثبّت الجرم عليهم.