استغلت دول عربية عدة الزلزال المدمر الذي اصاب سوريا لكي تبدأ مساراً جديدا في العلاقة السياسية الديبلوماسية مع دمشق، اذ إن التقارب العربي مع نظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي بدأ قبل سنوات توقف مرات عدة، قبل ان يصل الى المرحلة الحالية التي يبدو انه يندفع فيها بقوة نحو التطبيع الكامل.
حتى ان التصريح العلني لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الذي اكد فيه ان لا مجال الا للحوار مع دمشق في المرحلة المقبلة، يوحي بأن موجة التقارب ليست آنية بل استراتيجية لها أسس سياسية عميقة لا يمكن تخطيها، خصوصا وان الزيارات المتتالية لمسؤولين من الدول العربية ستكون اكثر وضوحا في الايام المقبلة.
ويبدو ان انتقال العلاقات العربية السورية من مرحلة التنسيق الامني الى مرحلة العلاقة السياسية الديبلوماسية ستكون له تبعات كبرى، خصوصا وان زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الى دمشق ستتبعها زيارة لزعيم عربي كبير وبارز في الايام القليلة المقبلة، كل ذلك بالتوازي مع زيارة وفد من البرلمانيين العرب.
حققت دمشق من خلال هذا التحرّك العربي امرين، الاول هو عودة الانفتاح العربي عليها، وهذا امر كان متوقعا في السابق لكنه لم يحصل، والثاني هو بدء مسار فك الحصار الاقتصادي والحد من الخسائر الحاصلة جراء الانهيار الاجتماعي الذي يضرب مناطق سورية عدة.
ومن يراقب حجم الدعم والمساعدات الاماراتية الى سوريا بعد الزلزال، يتيقن ان الامر تخطى فكرة الدعم الانساني بل يحمل دلالات سياسية كبيرة، خصوصا انه، وقبل وقوع الزلزال، كان هناك حديث جدي عن مصالحة شاملة سورية تركية وهذا ما لن يكون في مصلحة الثلاثي العربي، السعودية- الامارات ومصر، لذلك كان لا بد من المبادرة..
سيؤدي الانفتاح العربي على سوريا الى الحد من تبعات وآثار الازمة كما سيكون احد مداخل العودة السياسية لسوريا الى قضايا المنطقة الاقليمية، وهذا بحد ذاته سيؤثر على لبنان وعلى استحقاقاته الدستورية، وان كانت تسوية"السين - سين"لن تعود كما السابق لتسيير شؤون الدولة في لبنان فإن التسوية وحل ازمة سوريا سيكون بحد ذاته مؤشرا على اقتراب حل الازمة اللبنانية.
في الاسابيع القليلة المقبلة، ستكون دمشق قد انتقلت سياسيا من مرحلة الى اخرى، الا في حال حصول تطورات دراماتيكية في المنطقة، ان كان على صعيد التوتر بين الفلسطينيين واسرائيل، او على صعيد فشل المفاوضات الايرانية السعودية وهذا امر لا يزال مستبعداً..