تصدّر المشهد خضوع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة للتحقيق في قصر العدل، حيث استجوبه القاضي شربل أبو سمرا بحضور الوفود القضائية الأوروبية، على مدى ست ساعات تُستكمل اليوم، مع بلوغ سعر صرف الدولار سقوفاً جديدة قاربت المئة وعشرة آلاف ليرة للدولار الواحد.
وأفادت مصادر قضائية "النهار" أن رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر تقدمت بصفتها ممثلة للدولة اللبنانية بدعوى في ملف التحقيق الفرنسي المتعلق بحاكم مصرف لبنان وآخرين أمام قاضية التحقيق الفرنسية بالبريد الإلكتروني بعد التواصل بينهما على ان تكلف القاضية اسكندر محاميا لبنانيا مقيما في فرنسا لمتابعة هذه الدعوى.
وكانت رئيسة هيئة القضايا تقدمت بدعوى أمام قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل ابو سمرا بصفتها ممثلة للدولة سجلت بتاريخ 15 آذار الجاري في دائرة المحقق الأول ستتابعها القاضية إسكندر بحضورها شخصيا.
وصار الإستماع مطولاً الى أقوال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بصفة مستمع إليه في إطار جمع المعلومات وبخلاف إستجوابه كمشتبه فيه كما كانت طلبت تلك الإستنابة. وهو المخرج القانوني الصحيح باعتبار أن سلامة بات مدّعى عليه في الملف القضائي اللبناني العالق بحقه ولا يجوز استجوابه قانونا من القضاء الأجنبي قبل استجوابه من القضاء في بلده. وهو موضوع المذكرة التي كان تقدم بها وكيله المحامي حافظ زخور قبل أيام من موعد التحقيق المحلي مع موكله، باعتبار أن القانون اللبناني يتيح للمدعى عليه في المطلق، الإدلاء بدفاعه قبل حصول اول جلسة استجواب يُستدعى إليها من قاضي التحقيق.
وهي اول إفادة يدلي بها سلامة امام قضاء اجنبي منذ فتح عدد من الملفات بحقه في اوروبا محورها تحويلات مالية عبر شركة شقيقه المدعى عليه رجا "فوري" مشكوك بتبييض أموال من خلال تحويلات مالية عبرها. ودام التحقيق مع الحاكم خمس ساعات ونصف الساعة في أجواء سادها الهدوء أجاب خلالها عن كل الأسئلة التي طرحها عليه القاضي أبو سمرا على مسمع الوفد الفرنسي ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل وثلاثة قضاة من مساعديها.
وعلم أن جلسة اليوم مع سلامة لن تستغرق الوقت الذي استغرقته جلسة أمس على ان يغادر الوفد الأوروبي لبنان غدا السبت. ووفق معلومات "النهار" ان سلامة ابدى ارتياحه الى مسار التحقيق، واكد لسائليه انه اجاب عن كل الاسئلة، وقدم الاجابات الشافية والعلمية الموثقة. وانه يبدي كل تعاون مستقبلي، وانه سيجيب اليوم عن الاسئلة المتبقية ثم يقفل عائدا الى مكتبه.
وكتبت" اللواء": بدا حضور سلامة اشبه بمشاهد هوليوودية سينمائية فوق العادة سواء في ما خص طريقة الوصول والانتشار العسكري من جيش وفرع معلومات وأمن دولة وأمن عام في النقاط المحيطة بقصر العدل، قبل ان يصل بسيارة عمومية، ترافقه سيارة اخرى، وليدخل الى قصر العدل، ربما لأول مرة في حياته، ولو شاهداً وكأنه متهم، ويصعد الى الطابق الخامس، حيث جلس بمواجهة المحققين الأوروبيين، ولا سيما القاضية الفرنسية التي تولت طرح الأسئلة.
ولم يكن أيٌّ من المحامين سواء اللبناني او الفرنسي برفقة سلامة، الذي تولى الاجابة عن الاسئلة، عبر القاضي ابو سمرا، الذي طرح بعض الاسئلة باللغة العربية.
ولوحظ ان عناصر المواكبة الامنية لسلامة، سواء لدى دخوله الى قاعة مجلس شورى الدولة او خروجه عند الساعة الرابعة بعد ظهر امس، وهو حضر للاستماع اليه في ملف تبييض اموال واثراء غير مشروع وتهرب ضريبي ليس كمتهم بل كشاهد.
والثابت ان محققين من فرنسا والمانيا ولوكسمبورغ ينظرون في قضايا غسل اموال واختلاس في لبنان مرتبطة بسلامة، بعد الاستماع الى شهود حول هذه الملفات في كانون الثاني الماضي.
وتركز التحقيقات الاوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة «فوري اسوسييتس» المسجلة في الجزر العذراء، ولها مكتب في بيروت، والمستفيد الاقتصادي منها رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان. ويعتقد ان الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوندز من المصرف المركزي عبر تلقي عمولة اكتتاب وتحويلها الى خارج لبنان وهي اكثر من 300 مليون دولار.
وكتبت" الاخبار":بدا الطوق الفرنسي محكماً بحيث لم يستطع سلامة الإفلات، خصوصاً بعد إعلان أبو سمرا بنفسه أن حضور قضاة أوروبيين لا يتعارض مع الاتفاقية أو مع مبادئ السيادة، فما كان من سلامة إلا الخضوع. وقد استمعت بوروزي إلى الحاكم على مدى ست ساعات في حضور مساعدين قضائيين لها وكتّاب في المحكمة الفرنسية ومترجمة وقضاة فرنسيين متدرجين صودف وجودهم في بيروت، إضافة إلى رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة اسكندر ممثلة عن الدولة اللبنانية والقاضي أبو سمرا.وقد وصل سلامة في الوقت المحدد، في الساعة العاشرة والنصف صباحاً، إلى قصر العدل، ودخل إلى قاعة استجوابه من دون أن يصطحب محامياً كما أكدت المصادر. وفيما أحاط نفسه بعدد من المرافقين الأمنيين لدى دخوله وخروجه، نفّذ الجيش اللبناني انتشاراً كثيفاً على طول الطريق المؤدية إلى قصر العدل بالتزامن مع انعقاد الجلسة. الساعات الست التي طرحت خلالها بوروزي على سلامة نحو 100 سؤال لم تكن كافية، لذلك تم تحديد جلسة أخرى اليوم في التوقيت نفسه لاستكمال التحقيقات بـ100 سؤال آخر.
ورفضت مصادر قضائية الإجابة عما إذا كانت التحقيقات تطرقت إلى ملفات غير تبييض الأموال، «حفظاً لسرية التحقيق»، لكنها أشارت إلى «سذاجة بعض الأسئلة واتخاذها طابعاً شخصياً لا يمت إلى الملف القضائي بصلة». وخلافاً لما نُشر عن حفاظ سلامة على هدوئه خلال التحقيق، أكدت المصادر أن الحاكم بدا متوتراً جداً خصوصاً أنه لم يتوقع استمرار التحقيقات على مدى يومين ومكوثه لساعات طويلة في قصر العدل. على أن قلق سلامة الرئيسي يتمحور حول ادعاء القاضية الفرنسية عليه في باريس، ما سيؤدي إلى تحوّل كبير في مسار التحقيقات اللبنانية.
وكتبت" نداء الوطن":استمر التحقيق ساعات طويلة أمس بسيل من الأسئلة المتوقعة وغير المتوقعة، وعلمت "نداء الوطن" أن عدداً كبيراً من بنود الاستجواب كان يتطلب بإجابات "نعم" أم "لا" ، لأن ما في جعبة المحققين الأوروبيين عموماً والقاضية الفرنسية أود بوريسي خصوصاً الكثير من الحقائق والاثباتات والأدلة التي لا تحتاج الى تحقيق جديد، بقدر ما تحتاج الى "اعتراف أو انكار فقط" من جانب سلامة، وفقاً للمصادر المتابعة.وأضافت المصادر عينها: "كان القاضي اللبناني شربل أبو سمرا أجّل التحقيق مع سلامة مفسحاً المجال للمحققين الأوروبيين من دون سبب واضح، ليلعب دور ناقل الأسئلة بين الطرفين. الا أن مفاجأة ابو سمرا كانت كبيرة بالنظر الى كم المعلومات الممكنة الوجود كأدلة في الملفات الأوروبية، مقابل ما في ملف التحقيق اللبناني الذي كان أجراه القاضي جان طنوس". والمسألة البديهية التي تطرح نفسها الآن هي الضرورة القصوى لضمّ التحقيقات الاوروبية الى التحقيق اللبناني. وللمثال، ليس في التحقيق اللبناني معلومات عن حسابات رياض سلامة في لبنان، وبات القاضي الآن أمام ضرورة الإصرار على رفع السرية عن حسابات سلامة في لبنان ومطابقتها مع المعلومات الموجودة في التحقيقات الأوروبية عن حسابات سلامة في الخارج، ثم مطابقتها مع حسابات رجا سلامة (شقيق رياض) لاستكمال خريطة التحويلات والعمليات التي أفاد منها حاكم "المركزي"، وبالتالي تأكيد أن العمولات التي حصلت عليها شركة "فوري" وتبلغ نحو 330 مليون دولار انتهى بها المطاف عند رياض سلامة نفسه ولم يكن شقيقه وشركة "فوري" إلا واجهة.واستغرب مرجع قضائي رفيع كيف أقدم ابو سمرا على التفريق بين الملف الذي بين يديه وبين تنفيذ المساعدة القضائية الدولية، علما بأن دخول رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلينا اسكندر على الخط وطلب الادعاء على الأخوين سلامة وماريان حويك، جاء بناءً على طلب من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وعلمت "نداء الوطن" أنّ الفرنسيين وعدوا لبنان بمعونة قضائية للحجز على أموال وأصول في الخارج، وفي هذا السياق أيضاً أقدمت السلطات في اللوكسمبورغ على التعاون مع لبنان وحجزت أصولاً بناءً على طلب قضائي لبناني
وعما هو متوقع بعد انتهاء جولة التحقيق الأوروبي الحالية، تشير المصادر إلى عدة احتمالات أبرزها "الادعاء على سلامة ثم طلب تسليمه لمحاكمته، مع توقع عدم موافقة لبنان على ذلك، بحجة استمرار التحقيق معه محلياً ومتابعة طلبات الادعاء عليه "، كاشفةً أنّ "جهات محلية معنية تتجه الى الطلب من الأوروبيين التريّث قليلاً ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية، ليصار بعد ذلك الى قبول استقالة سلامة او اقالته او انتظار نهاية ولايته في الحاكمية، على وعد فتح محاكمة محلية عادلة له".وبين السيناريوات أيضاً، الإمعان في المماطلة والتهرب من إدانة سلامة، إلا أن لذلك تداعيات على تعامل جهات أوروبية مع منظومة الحكم في لبنان، مع ما يعني ذلك من إمكان مواجهة بعض أطراف تلك المنظومة بـ"عواقب" كانت تحدثت عنها جهات فرنسية علناً، إضافة الى تحرك في البرلمان الأوروبي لتفعيل "قانون إطار" كان أقرّ لمعاقبة مسؤولين لبنانيين مشمولين في قوائم معرقلي سير العدالة ومقوّضي الإصلاح.
وكتبت" البناء": وفق المعلومات فإن أجواء الجلسة كانت إيجابيّة ورد سلامة على كل الأسئلة والاستيضاحات التي طرحها المحققون لا سيما القضاة الألمان الذي واجهوا سلامة بمعطيات ومعلومات هامة ودقيقة تتعلّق بحركة تحويل الأموال ودخولها في القطاع المصرفي الأوروبي بطرق غير مشروعة وشرعية وقانونية. ولفتت المعلومات إلى أن الأسئلة لم تنتهِ بل ستستكمل في جلسة اليوم وستتركز حول عمليات فساد وتبييض أموال في دول أوروبية عدة.وانتهت جلسة أمس قرابة الرابعة عصراً، لارتباط سلامة باجتماع للمجلس المركزي لمصرف لبنان. وحدد أبو سمرا موعداً لاستكمال التحقيق مع سلامة صباح اليوم في جلسة ثانية.