أكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى أن "الموقع الأثري في بعلبك هو مكان لا نظير له في الكوكب كله"، داعيا "كل اللبنانيين بأن يستحضروا أهمية موروثهم الأثري والتراثي".
جاء ذلك خلال رعايته احتفال اختتام أعمال ترميم معبد "جوبيتر" وإعادة تأهيل موقع بعلبك الأثري بتمويل إيطالي، في حضور سفيرة إيطاليا في لبنان نيكوليتا بومبارديير،وشخصيات.
وقال المرتضى: "بعلبك موعد دائم لترميم الزمان. الأعمدة التي ترتفع فيها، والحجارة التي تتشابك بناء، أو تنطرح أرضا على صعيدها، وأدراج المهرجانات والأقبية المسقوفة في قلعتها، والبطولات التي تتدفق من دماء أبنائها، هي بيننا ألسنة الأيام والسجلُّ الناطق بالفخامة والكبرياء، عن حضارات حلَّت ثم ولَّت، أو ظلَّت، تاركةً شواهدها الثقافية الضخمة كي تحكي لنا التاريخ المتّصل منذ آلاف السنين، بالذكرى التي نجتمع اليوم في رحابها، حتى يصح القول إنَّ من أعاد صفَّ حجر فوق حجر، في أوابد الماضي المهدَّمة، يكون قد رمَّم الزمان لا المكان فقط".
أضاف: "لعلَّ من أفضل دروس الحاضر استعادة شيء من التاريخ الذي هو خير معلم. والذي ينبئ أن العولمة الأولى في تاريخ البشرية قد تكون الحضارة الرومانية التي بسطت سلطانها على حوض البحر الأبيض المتوسط، منذ حوالي ثلاثة آلاف عام، فلم تكتف باستدراج خيرات العالم إلى روما فحسب، بل وسعت مجال التنمية الشاملة على كل أرجاء امبراطوريتها، فكانت حصة لبنان وفيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر، هذا المعبد الشاهق في بعلبك، ومدرسة الحقوق في بيروت، والمدرج الروماني في صور، وسواها من الهياكل والمعابد والقلاع، على امتداد الجغرافيا اللبنانية. وكان الأباطرة من عرقا، ومن حمص أيضا، بالإضافة إلى معالم عمرانية مزروعة في الشرق والغرب، تشهد للعظمة والانفتاح".
ولفت إلى أن "لبنان، في ظل الأزمة الأزمة الخانقة التي يعيش، لا يستطيع إلا أن يثمّن جميع مبادرات التعاون التي تقدمها له الدول الصديقة، وفي مقدَّمها الدولة الإيطالية، عبر المساعدات والهبات الرامية إلى تمويل المشاريع الثقافية والحياتية والإنمائية المختلفة. فعندما تنغلق الأبواب في وجوه المواطنين، لا بدَّ من التفتيش عن مفتاح ما، لباب ما، يكون مدخلا إلى فتح الأبواب كلّها. وهل باب أشدّ رسوخا في الأرض وارتفاعا في السماء، واتّساع مصراعين للريح، أكثر من باب الثقافة التي ينبغي لها أن تكون واحدا من محفزات الاقتصاد الوطني، وفصلا متقدما في خطة التعافي المنشود، وهذا ما حرصنا على العمل لأجله".
بومباردييري
من جهتها قالت بومباردييري: "يشهد اليوم على تاريخ مهم يصادف تسليم لبنان لمشروع ترميم معبد جوبيتر وإعادة تأهيل موقع بعلبك الأثري. يتمتع هذا الموقع وتاريخه وخصوصا الآثار الرومانية فيه والتي تنتمي إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو بشهرة كبيرة. هو موقع معروف عالميا ويجذب الزوار منذ العصور القديمة وحتى الآن".
وأوضحت أن "استكمال المشروع تطلب جهدا غير عادي إذ جرى تنفيذه في إطار برنامج التراث الثقافي والتنمية الحضرية (CHUD) من قبل مجلس الإنماء والإعمار، بالتعاون مع الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي. منذ البدء وضع برنامج التراث الثقافي والتنمية الحضرية (CHUD) الثقافة في قلب عمليات إعادة الإعمار والتعافي ونظّم دروسا عملية في الحفاظ على التراث الثقافي اللبناني وإدارته وبالتالي ساهم في زيادة التمنية الاقتصادية المحلية. وأثبت برنامج CHUD أنه أداة حقيقية للعمل في مجال حماية التراث. تجدر الإشارة إلى أن مساهمة إيطاليا الإجمالية في البرنامج المذكور فاقت الـ 12 مليون يورو".
وختمت بومباردييري: "اليوم، نحن بالفعل في مكان مميّز للغاية، فريد بتاريخه الذي يعود إلى العصر الفينيقي واليوناني الروماني كما وبحجمه. يبقى أحد المعابد الأكثر شهرة في العالم القديم وواحدة من العمارات الأثرية الرومانية الأكثر إثارة للدهشة والإعجاب في الامبراطورية الرومانية. بالنسبة لي، هناك كلمة واحدة فقط تعكس فرادة هذا المكان وتعبّر عنها: الضخامة، تماما كضخامة أعمدة معبد جوبيتر التي بناها الرومان وتعتبر الأعلى على الإطلاق".