لم تتخذ المملكة العربية السعودية موقفا متقدما من ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعد القمة العربية التي عقدت في جدة، كما كان يعتقد داعمو فرنجية، بل حافظت على موقفها منه والذي وصل الى حد رفع الفيتو عنه بشكل نهائي، الا ان الرياض لم تبدأ بخوض معركة رئيس المردة ولم تضغط على حلفائها لكي يصوتوا له.
لم يعد بإمكان الرياض الوقوف ضد وصول رئيس تيار المردة الى قصر بعبدا، خصوصا بعد المصالحة التي عقدت بينها وبين سوريا والتقارب الحاصل مع ايران، اذ ان المواقف الحادة في مختلف الساحات لم تعد تناسب مسار التسوية الجديد، لذلك كان لا بد من تطوير التموضع السعودي في لبنان وتحديدا في الاستحقاق الرئاسي.
هذا الامر يتقاطع مع رغبة سعودية بمراعاة الفرنسيين الذين يصرون على دعم وصول رئيس المردة وفوزه بالمعركة الرئاسية، لذلك فقد اكدت الرياض لباريس انها لن تعرقل مبادرتها الرئاسية بل ستسهل لها عملية ايصال فرنجية عبر رفع الفيتو عنه، وهذا ما حصل، اذ ابلغت السعودية حلفاءها في لبنان انها لا تعارض وصول الرجل الى رئاسة الجمهورية.
هذا كله لا يعني ان موقف الرياض سيتطور اكثر، او سينتقل من مرحلة اللافيتو على فرنجية الى مرحلة الدفع لانتخابه، خصوصا وأن الذهاب الى هذا الحد سيعني توجيه ضربة قاضية لحلفائها وتحديدا "القوات اللبنانية"، وهذا ما لا تريده السعودية ابدا، اقله حتى اللحظة.
الى جانب عدم اعتراضها على فرنجية، لا تعترض السعودية على وصول الوزير السابق جهاد ازعور الى بعبدا، فهي تتعامل مع لبنان بإعتباره ملفا لا يحظى بالاهمية الكافية للدخول في تفاصيله الدقيقة. ففي حين لا تنزعج الرياض من وصول ازعور، يبدو انه من المستحيل على النواب السنّة دعم الرجل او التصويت له لانه مرشح "الثنائي المسيحي" بالدرجة الاولى.
من هنا يظهر ان السعودية ليست في وارد الضغط من اجل ايّ من المرشحين المطروحين، بل تخافظ على مسافة واحدة من الجميع. ومن هنا تأتي زيارة السفير وليد البخاري الى قائد الجيش جوزيف عون، لتقول بذلك الرياض بأنها منفتحة على اي رئيس جديد، وستتعامل معه وفق سلوكه.
الموقف السعودي من لبنان ومن الاستحقاقات فيه ثابت في المدى المنظور ولعل تطوره سيكون مرتبطاً بحجم تطور مسار التفاهات الاقليمية، وعليه فإن مخاوف بعض القوى السياسية من تعديلات جوهرية بموقف الرياض ليست في مكانها في المرحلة الحالية.