الفرح الذي يعمّ مختلف المناطق اللبنانية حتى ولو كان مؤقتًا هو ما يمكن أن يقال عنه أمرًا طبيعيًا وليس العكس. ما تشهده هذه المناطق على تنوعّها وامتدادها الجغرافي هذه الأيام يعيد اللبنانيين، على رغم جراحهم العميقة، إلى طبيعتهم وإلى ما يميزّهم عن غيرهم من شعوب. فإرادة الحياة تبقى أقوى من أي إرادة أخرى لا تشبه اللبنانيين بشيء.
فالفرحة التي شعّت من أدراج بعلبك في مهرجاناتها الصيفية، والتي حاكت ما في هذه الهياكل من أمجاد، رسمت وجه لبنان الحقيقي، لبنان الذي لا يُقهر، والذي لن تلويه المحن مهما اشتدّت، ومهما عصفت رياح الشرّ.
هذه الفرحة، التي اشتاق إليها اللبنانيون، جميع اللبنانيين، سنراها في بيت الدين تمامًا كما رأيناها بالأمس في بعلبك، وكذلك سنراها في صور وبعقلين وجبيل والبترون وأهدن، وإن غاب بعض المهرجانات كتلك التي كانت تقام في تنورين وفي الأرز لأسباب اقتصادية. سنرى تلك الأيدي التي ستلوح في الأعالي، مصّفقة ومتحدّة ومتحدّية الظروف القاهرة.
هذا هو لبنان، الذي عرفناه، وهذا هو الذي نريده أن يكون. لبنان لن يموت ما دام في أرضه أناس طيبون وكرماء وشرفاء.
هذا هو لبنان، الذي ينتفض في كل مرّة يتعرّض فيها للمحن.
هذا هو لبنان الآتي على أجنحة الأرز، والصاعد كالبخور من وديانه، والمدّوي صوته كالصلاة الطالعة من عبق الكنائس والجوامع.
هذا هو لبنان الفرح. هذا هو لبنان الأمل، الذي لن تنطفئ شعلته.