منذ ثلاث سنوات، جمعت وليام نون وماريا فارس مأساة خسارة أعز الناس جراء انفجار مرفأ بيروت المروع، وبعد أسابيع، سيجمعهما زواج يكلّل حبا وُلد من رحم الأحزان، ويكرس عهدهما بالنضال حتى تحقيق العدالة لضحايا الكارثة.
من داخل منزل عائلة نون في بلدة مشمش الواقعة على بعد ستين كيلومترا شمال بيروت، يقول وليام محاطا بصور شقيقه التي تزين أنحاء الغرفة بينما تجلس خطيبته قربه: "لن يكون يوم زفافنا مشابها لأي زفاف آخر. كثر خسروا إخوتهم، لكن الفرق أننا لم نعرف لم خسرناهما أساسا وأنهما ماتا سويا".
ويضيف: "نود أن نؤسس عائلة معا، ما سنقدم عليه يبرهن عن إيماننا، رغم كل ما حدث، أن ما زالت لدينا إرادة الحياة".
وفي جلسة علاج نفسي مخصصة لأشقاء عناصر فوج الإطفاء الذين حفظ اللبنانيون قصة كل منهم وتأثر بها، التقى الخطيبان.
وبعد قرابة عامين من لقائهما الأول، جمعتهما قصة حب انطلقت من مشاركتهما في احتجاجات للمطالبة بمعرفة الحقيقة، وسيكللانها بالزواج في أيلول المقبل.
ويقول وليام الذي يدير مطعما أسسه مع شقيقه وشقيقته في قريتهم الهادئة، "ليتنا تعرفنا من دون انفجار وليت الانفجار لم يحصل".
بغصة، تنتظر ماريا موعد الزفاف، تغرق عيناها بالدموع عندما تفكر في أن شقيقتها سحر، التي كانت تضج حياة، لن تكون شاهدة على زفافها، ولن يكون جو بجانب شقيقه.
وتقول بصوت مخنوق: "عوض أن يكونا معنا وفرحين بنا، نفكر كيف يمكننا أن نجعلهما حاضرين في ذاك اليوم، ربما بوردة أو بصورة".
وتضيف: "صحيح أن منازلنا تضيق بصورهما، ولكن صعب جدا تقبل فكرة أن شقيقتي ستكون حاضرة من خلال صورة ولا تقف قربي".
وبعد الانفجار المشؤوم، لم يتوقع وليام أن يجد الفرح طريقه إليه، لكنه وجد في ماريا شخصا يتقاسم معه "الوجع ذاته والقضية ذاتها".
ويقول "النضال من أجل العدالة أصعب من الانفجار بحد ذاته"، قبل أن يضيف: "علينا أن نعرف ماذا حصل في الرابع من اب". (الحرة)