Advertisement

لبنان

الصدمات الجماعية.. اللبناني رهينة لـ"التروما" النفسية

زينب زعيتر Zainab Zaiter

|
Lebanon 24
11-08-2023 | 02:30
A-
A+
Doc-P-1096518-638273416615818502.jpg
Doc-P-1096518-638273416615818502.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
 
هل يعيش اللبناني "تروما" نفسية، ام انّ هناك مبالغة في توصيف الواقع النفسي ربطا بالازمات التي يعيشها المواطن؟ فترى الجميع يستخدمون "الشماعة" النفسية، لتبرير سلوكيات وافعال معينة تحصل، ام انّ الصدمات الجماعية التي نمر بها تنعكس فعلا جرميا، ينم عن اضطراب نفسي سلوكي جرمي؟
Advertisement
اسئلة مشروعة، تقودنا الى البحث في الحالة النفسية للمواطن اللبناني اليوم، حيث بات من المؤكد انّ الواقع الاجتماعي والنفسي للتركيبة اللبنانية ربطا بالوضع الامني والاقتصادي والسياسي، ربما يحتاج اليوم الى اعادة تقييم، وخصوصا لجهة حالة اللاستقرار النفسي الذي يعيشه المواطن والذي يترجم باكثر من اسلوب بحسب الفئات العمرية والمناطقية. وليست الحوادث الفردية التي نسمع عنها بشكل شبه يومي وتؤدي احيانا الى مقتل اشخاص لمجرد حصول انفعالات وتشنجات بين المواطنين، سوى دليل على حالة السلوك العدواني التي بات الفرد يمارسها في كل تفاصيل حياته اليومية، فترى العدوانية تنسحب من منزله الى الشارع.
 
المنطق النفسي
فمنطق علم النفس يقول انّ الازمات لا تولّد فقط حالة من الغضب المباشر او القلق والاكتئاب، وانما ايضا حالة من العجز النفسي، وهذا العجز يتفرع منه اكثر من ترجمة نفسية، فترتفع الافكار السلبية لدى المواطن بالتالي ردود الفعل السلبية، وهو ما يعكس اليوم على الارض هذه "الفورة" الغاضبة للمواطنين.
يُضاف اليها مشكلة نفسية اخرى، وهي انّ اللبناني بات احيانا غير قادر على التأقلم مع التغييرات السلبية التي تحصل في البلد، وبالتالي ما تمثله من تحد كبير على الصحة النفسية للمواطنين، وأكبر دليل على هذا هو ارتفاع معدل استخدام الحبوب المهدئة بشكل كبير في السنوات الاخيرة. فهل وصلنا حد "التروما النفسية"؟
 
الخوف العميق
 علميا، يمكن اعتبار التروما ناتجة عن تكرار الصدمات، نتيجة التعرض لضغط نفسي حاد نتيجة لحدث يهدد الحياة او موقف مؤلم، فيعاني الشخص بعدها من اضطراب ما بعد الصدمة، وقد تستمر هذه المعاناة لسنوات طويلة، ويمكن أن يؤدي ذلك الى الخوف العميق والعجز والرعب والوصول الى عدم قدرة الفرد على التحمل وفقدان التوازن النفسي، فيدخل في حالة من التشتت القادرة على أن تهز حياته بالاكمل وتغير شخصيته بشكل نفسي او عضوي. وهنا يجب التفريق بين التروما النفسية والجسدية، فالجسدية هي حالة من التضرر الفيزيائي للجسم والناجمة عن مؤثر خارجي يتعرض له الجسم كما في الحوادث والكسور. 
وإذ يعتبر خبراء واخصائيون انّه لا يمكن ربط ما يحصل مع اللبناني من صدمات متكررة بالتروما، الا انّ للبعض الاخر من المعالجين وجهة نظر اخرى، تتحدث عن صدمات وعن تغير في البنية النفسية للمواطن. فكيف يتخطى المواطن اللبناني هذه الصدمات؟
 
لجوء الى العقلانية 
تقول الاختصاصية بالعلاج العقلاني الانفعالي السلوكي، اليزا خليفة، في حديث مع "لبنان 24" إنّ الحديث عن اضطرابات الصدمات وما بعدها في لبنان، يستحق الاهتمام نظرا للتداعيات الكبيرة لهذا الموضوع على حياة المواطنين مع استمرار الصدمات التي نعانيها في البلد. وبحسب خليفة: "تحدث هذه الاضطرابات بعد تعرض الفرد لتجربة صدمة نفسية او حادثة مروعة، وفي لبنان يتأثر المواطنون بكل النزاعات والاحداث والمشاكل في البلد منذ مرحلة انفجار الرابع من اب ولغاية اليوم، بحيث يعاني كُثر من اعراض نفسية وعاطفية مثل القلق والاكتئاب والهلع والخوف اضافة الى التوتر الزائد، وكل ذلك للاسف يؤدي الى الألم الجسدي والاضطرابات في النوم والتركيز والرهاب والخلل في العلاقات الاجتماعية".
 
وبالتالي فانّه لا مبالغة في توصيف سوء الحالة النفسية التي وصل اليها المواطن ومن ضمنها الخلل في العلاقات. وتقول خليفة: "المشكلة الاكبر انّ الاضطرابات تنسحب على مختلف الفئات العمرية، من الطفولة وحتى الكهولة، وتعتبر العدوانية من ابرز النتائج المباشرة التي قد تحصل مع الافراد، وخصوصا انّ بعض الاشخاص للاسف، بدأوا بالتوقف عن التفكير بعقلانية، وليست من فراغ هذه الحالة التي وصل اليها البعض".
 
الشفاء
فهل من الصعب ان يشفى اللبناني ويتأقلم؟ بحسب خليفة: "لا يوجد صعوبة في المطلق، والحل يبدأ اولا من تقبل الاشخاص لتكرار الصدمات او حتى الصدمة، وأن يتقبل انّ المشكلة وقعت وهذا طريقنا الى العلاج. وكلنا نعرف انّه هناك بعض المواطنين لغاية اليوم لم يتخطوا تروما 4 اب. ولكن نقول العلاج يحتاج الى ارادة، وذلك يتوقف على كل شخص واسلوبه وتربيته وقدرته على التكيف والتأقلم، ونحن نطلب من هؤلاء الاشخاص اولا ان يتوقفوا فقط عن التفكير غير الصحي لانه سيؤدي الى انفعالات غير صحية بالتالي. يجب الاعتراف ان المشكلة وقعت ولكن لا يجب المبالغة في تعظيمها، ونبني على السيء للمستقبل، لنحاول جميعا ان نعيش اليوم فقط، ولا نرفع من سقف التوقعات للمستقبل".
وبالتالي فانّ العلاج يبدأ عندما يقرر الشخص انّه يريد أن يتخطى. وتتحدث خليفة عن مجوعة من العلاجات التي يمكن اتباعها لمساعدة الفرد في تخطي الازمات، ومنها العلاج السلوكي المعرفي، الذي يستخدم لمعالجة الافكار السلبية، والعلاج الحركي العيني الذي يستخدم لاستهداف الذكريات المؤلمة، اضافة الى العلاج النفسي الواقعي الذي يتعامل مباشرة مع سبب الصدمة، والعلاج الجماعي والعلاج الطبيعي او التحرر العاطفي.
 
وتقدم خليفة نصيحة قائلة: "لا تنظروا الى الخلف ولا تخافوا من المستقبل، عيشوا الحاضر بكل واقعيته ومعالجة الامور بطريقة عقلانية وصحية".
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك