رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إجتماعا للجنة المكلفة وضع اقتراحات لتعديل قانون النقد والتسليف، وشارك فيه وزير العدل هنري خوري، وزير المالية يوسف الخليل، واعضاء اللجنة الوزيران السابقان ابراهيم نجار وشكيب قرطباوي، الدكتور نصري دياب والخبراء عبد الحفيظ منصور، حسن صالح وغسان عياش.
واعلن الوزير خوري بعد اللقاء: بحثت اللجنة في اقتراح افكار جديدة لتعديل قانون النقد والتسليف.الأمور الأساسية في القانون لا تُمس ولكن هناك بعض النقاط يمكن ان يطرأ عليها تعديلات تجميلية فقط.
وذكرت «اللواء» ان الاجتماع الاول للجنة كان لتنظيم جدول اجتماعاتها ولم يتطرق الى بنود البحث والمواد التي يفترض ان يتم تعديلها، لكن تبين ان التعديل طلبته شركة الفاريز اند مارسال في تقريرها حول التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، لتحقيق مزيد من الحوكمة والشفافية. وعلم ان اللجنة ستعقد اجتماعها الثاني يوم الاثنين المقبل.
اضافت" اللواء": بدأت تظهر مواقف نيابية اعتراضية على تجاوز الحكومة حالة تصريف الاعمال بالانصراف الى تعديل القوانين.حيث قال احد نواب المعارضة المستقلين ل"اللواء": ان اخطر ما تقوم به الحكومة من قرارات عشوائية هو محاولة تعديل قانون النقد والتسليف متجاوزة صلاحياتها، وعلى الحكومة ان تقوم بواجباتها ضمن حدود تصريف الاعمال.
وكتبت" الاخبار": يشير أحد القانونيين إلى أن من انتقاهم ميقاتي هم ضالعون في التشريع والقانون بمعزل عن الخيارات السياسية والتوجهات «لكن من يكتب القانون سيضع الصيغة التي تلائم توجهاته. وإذا أردنا الحديث بشكل منطقي، يفترض أن تُدار اللجنة بآلية تشاركية، أي أن تضمّ أفراداً ذوي مقاربات متناقضة حول دور مصرف لبنان والحوكمة فيه. عندها يمكن الحصول على تنوع في الآراء لتعديل قانون النقد والتسليف الذي كان محورياً في إدخال لبنان في الأزمة». ويلفت قانوني آخر، إلى أن ميقاتي قرّر تعديل القانون وكأنّه المشكلة في ما جرى من تجاوزات ومخالفات «من دون أي مراجعة للخسائر وتوزيعها، ومن دون أن يلتفت إلى تخاذل أعضاء المجلس المركزي ومفوّض الحكومة ووزراء المال المتعاقبين».
أضافت" الاخبار": ستون عاماً مضت على إقرار قانون النقد والتسليف من دون أن يتبدّل أي شيء في السياسة المتحكّمة بالتشريع، وكأنّ التاريخ يعيد نفسه وكأنّ نفوذ المصارف لا يزال على حاله، ومصالحها تتحكم بكل القوانين وتعديلاتها. ففي أواخر عام 1962 دعا مجلسُ النقد والتسليف، جمعيّةَ مصارف لبنان إلى التعقيب على مشروع قانون النقد والتسليف. بحسب الباحث هشام صفي الدين، فقد عارضت الجمعية ممثّلة برئيسها بيار إدّه، تنظيم أي جهة حكوميّة لمهنة العمل المصرفيّ، بما فيها المصرف المركزيّ، وعبّرت عن ذلك في رسائل إلى رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي. ويضيف صفي الدين: «قالوا إن المصرف المركزي، يجب ألا يكون مصرف المصارف، بل مصرفاً لإصدار العملة فقط. ونجحت الجمعية في إلغاء بنود تنص على التصنيف الإلزامي للمصارف بناءً على سياساتها الائتمانية، وحقّقت انتصاراً لناحية فرض مسألة عدم إعطاء أي بيانات للمصرف المركزي تؤدّي إلى خرق السرية المصرفية». واتُّفق على ترتيب يسمح للمصارف أن تخلق حسابات للزبائن بأرقام، ومُنِع مفتّشو المصرف المركزيّ من الحصول على معلومات المصارف إلا من خلال مديريها، وعبر استمارات موحّدة. كذلك مُنع المفتشون من حق طلب أسماء الزبائن في ميزان حساباتهم، إلا إذا كان الميزان هو ميزان تسليف. وكان يجب أيضاً على موظّفي المصرف المركزيّ أن يُقسِموا على السريّة، في ما يخص المعلومات عن الداتا المجمّعة للمؤسسات المصرفيّة، لا لزبائنها فقط. وشُدِّدَت عقوبات الموظفين الذين ينتهكون السريّة المصرفيّة، عمّا كانت في قانون السريّة المصرفيّة عام 1956».
وكتبت سابين عويس في" النهار": لا شك في ان سوء ممارسة الحاكم السابق لصلاحياته المنصوص عليها في قانون النقد والتسليف، فضلاً عن الصلاحيات الواسعة التي يمنحها له القانون، ولا سيما في ما يتصل بلجنة الرقابة على المصارف، او بتنظيم العمل المصرفي، وهو جزء لا يتجزأ من القانون في شقه الثاني، يدفع الى ضرورة إعادة النظر في القانون، ولكن هل يفتح باب التعديلات في ما لو وصلت اللجنة الى صوغ مشروع متكامل في هذا الشأن، ولم تخترقها الحيثيات السياسية والطائفية، الباب واسعاً امام تقليص الصلاحيات الواسعة لحاكم المصرف المركزي، وهو الذي يتمتع بأكبر الصلاحيات واوسعها في الطائفة المارونية بعد منصب رئيس الجمهورية، الذي افقده دستور الطائف جزءا كبيرا من صلاحياته الاستثنائية بعد ميثاق 1943؟
قد يكون من المبكر الحكم على خلفيات التعديلات قبل ان تتبين التوجهات التي ستتبناها اللجنة، ومدى قدرتها على النجاح في مهمتها، وهذا سيتطلب رصد الجلسة الثانية التي يُفترض ان يحمل اليها أعضاء اللجنة أفكارهم واقتراحاتهم لوضعها على مشرحة البحث. واذا كان من الأهمية بمكان ان يعاد النظر بالقانون لجهة سد مسارب الهدر والفساد التي حصلت تحت رعاية مندرجات وصلاحيات هذا القانون، انطلاقاً مما كشفه التقرير الجنائي لإصلاح مكامن الخطأ واستعادة الصدقية للنظام المصرفي والعمل المصرفي في لبنان فلا بد من رصد الأبواب التي ستُطرح على التعديل، سيما وان ما كُشف في هذا السياق يدل على ان التعديلات ستتناول القسم المتعلق بالمصرف المركزي حصراً وليس بالعمل المصرفي، فيما كان لافتا تصريح وزير العدل بعد اجتماع اللجنة عندما تحدث عن ان "الأمور الأساسية في القانون لا تمسّ ولكن هناك بعض النقاط يمكن ان تطرأ عليها تعديلات تجميلية".
فهل التعديلات ستكون جوهرية أم تجميلية؟