باتت الاسئلة التي تُطرح في لبنان بين القوى السياسية الأساسية تتركّز حول مصير الواقع الاقتصادي والمالي والنقدي في البلاد خلال شهر أيلول المُقبل على اعتباره مؤشراً جدياً للواقع السياسي الاقليمي.
لكن قراءة المشهد المُقبل مرتبط بمعطيات عدّة ليست جميعها نقدية علمية مرتبطة بقواعد العرض والطلب إنما بالواقع السياسي والاقليمي الذي يحدّد حجم الضغوط التي ستواجه لبنان لدفع القوى السياسية نحو تسوية مُرضية أو لدفع التسوية نحو اتجاهات مختلفة.
بات من المؤكّد أن لا تسوية فعلية في أيلول، إذ إن الرسالة الفرنسية أعطت فرصة للنواب للردّ عليها حتى نهاية هذا الشهر، ما يوحي بأن لا جديد سيتخلّله إنما ستظهر ملامح سياسية جديدة بدءاً من نهايته حتى الأسابيع التي تليه. لذلك فإن كل الأحداث التي وقعت في الأسابيع الفائتة قد تتكرّر في هذه المرحلة بوتيرة تصعيدية.
وتعتبر مصادر سياسية شديدة الاطلاع أن البحث عن تسوية داخلية بات أمراً شبه مستحيل، وأنّ التوازنات السلبية في المجلس النيابي لن تتبدّل مهما حصل من حوارات ثنائية إذ هذه الحوارات وتحديداً بين "الوطني الحُرّ" و"حزب الله" لن تُلزم حلفاء "الحزب" بشيء وبالتالي فإن الطرفين المُتحاورين لن يتمكّنا من تنفيذ أي اتفاق يحصل بينهما في المجلس النيابي.
وتعتقد المصادر أن الضغوط ستتكثّف مع بداية شهر أيلول، الأمر الذي يبدو واضحاً من خلال التوجّه الاقليمي والدولي، إذ هناك رغبة في تحسين الواقع التفاوضي لخصوم "حزب الله" على اعتبار أن "الحزب" بات مُرتاحاً إلى حدّ كبير خصوصاً مع استعادة تقاربه مع "الوطني الحر" ما يفرض احداث توازن جدّي مجدداً في الساحة اللبنانية لذلك فإن القوى الاقليمية ستزيد من حراكها في المرحلة المقبلة.
وتؤكّد المصادر أن نتائج هذه الضغوط ستظهر، وبشكل تدريجي، في الأيام وربّما الأشهر المقبلة وعليه سيكون الحراك الفرنسي المنبثق عن المبادرة الفرنسية مرتبطاً بنتائج هذه الضغوط وإفرازاتها في الساحة اللبنانية، فإما أن تعود المبادرة الفرنسية السابقة المدعومة من القوى الاقليمية والدولية الراغبة بالوصول الى تسوية في لبنان أو ستذهب فرنسا باتجاهات أخرى مدعومة من "الخماسية" للوصول الى تسوية ترضي الجميع.