Advertisement

لبنان

لو كان الإمام الصدر بيننا اليوم... ماذا كان ليقول؟

اندريه قصاص Andre Kassas

|
Lebanon 24
01-09-2023 | 02:00
A-
A+
Doc-P-1103008-638291558604088002.jpg
Doc-P-1103008-638291558604088002.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
Messenger
في شباط من العام 1975، أي قبل اندلاع الحرب المشؤومة في لبنان بشهر تقريبًا، ولم أكن قد دخلت مهنة المتاعب، رأيته للمرة الأولى عن قرب في بكركي، بعد زيارة تهنئة لصديقه البطريرك مار أنطونيوس بطرس خريش، على أثر إنتخابه بطريركا لإنطاكيا وسائر المشرق خلفًا للمثلث الرحمات البطريرك مار بولس بطرس المعوشي. 
Advertisement
بهرتني طلّته البهية وسحرتني قامته الفارهة ولفتتني لكنته المميزة، وهو لم يتفوه ساعتها سوى ببعض كلمات "خير خلف لخير سلف". 
إنه سماحة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بمواقفه الوطنية وجرأته في قول كلمة الحق، أيًّا تكن نتائجها، وقد دفع ثمن هذه المواقف يوم أزعجت كثيرين فكان القرار بتغييبه مع رفيقيه في طرابلس الغرب. 
 
فمنذ 31 آب من العام 1978، حيث شوهد لآخر مرة في ليبيا، وحتى اليوم لا يزال الإمام الصدر حاضرًا بمواقفه التاريخية في ضمائر جميع اللبنانيين وقلوبهم، وهو لم يغب يومًا واحدًا عن الساحة التي أحبها، فبقيت مواقفه محفورة في التاريخ فيما غاب الذين غيّبوه، وطواهم النسيان. 
لا نزال نذكر مواقفه البطولية يوم كانت أصوات القذائف تصّم الآذان، وهو الذي أنقطع عن الطعام احتجاجًا على جولات العنف وصولاته، ولم يكّف عن حضّ الجميع على التوافق والوفاق، وهو الذي كانت تربطه بجميع الأطراف أطيب العلاقات الخالية من الزيف والمجاملات الفارغة، فكان صريحًا إلى حدود الجرأة، ولكن صراحته وجرأته لم تكونا لتدمي أو تجرح، ولهذا أحبه الأبعدون قبل الأقربين. 
بعد خمسة وأربعين عامًا لا يزال صدى مواقفه، التي اخترنا منها القليل من كثير، يتردّد وكأنه يعلنها اليوم وليس قبل ما يقارب العقدين من الزمن: 
- لبنان العربي المسالم مع "إسرائيل" يعد طابوراً خامساً ضمن العالم العربي. 
- التعاون مع "إسرائيل" هو تعاون مع أعداء الله المعتدين المتآمرين على كل القيم والانسان. 
- إنّ المقاومة ليست مجموعة عصابات مخرّبة يستعملهم لبنان لإزعاج إسرائيل، بل إنّهم أصحاب حقّ ومظلومون. 
- صحيح أنّنا نتعرّض للصعوبات والإعتداءات، ولكنّنا أيضاً لا نزال نملك دماً يدافع، وهمّة ترفض، وقول: لا. كيف كان تاريخنا؟ كيف كان قادتنا؟ كيف كان رجالنا؟ كانوا وحدهم في التاريخ يقولون للإمبراطوريّات: لا لا!! 
-  إن مسؤوليتنا تحرير أرضنا وإخراج العدو منها، هي مسؤوليتنا وحدنا. 
- نحن الذين سنحفظ المقاومة الفلسطينيّة وسنصونها... 
- نحن وضعنا الجيل ثمناً لتحرير القدس، وَمن وَضَعَ الجيل ومَن وضع نفسه في سبيل تحرير أمّته ينتصر. 
- شرف أبناء لبنان في بقائهم متمسكين بأرضهم. 
- إنّ الجيش هو العمود الفقري لبناء الدولة، وهو سياج الوطن والبوتقة التي ينصهر فيها أبناء لبنان ليصبحوا مسلكيّة وهدفاً، مواطنين صالحين. 
- التشيّع والتسنّن هما من نبع واحد، ونبيّ واحد، وكتاب واحد. 
إنها مواقفٌ للتاريخ لإمام تاريخي. 
 
فلو كان الأمام المغيّب حاضرًا بيننا اليوم فما عساه يقول عمّا يراه من تباعد بين اللبنانيين؟ هل كان ليسكت عن ترك البلاد من دون رئيس؟ هل كان ليستكين عمّا يتعرّض له المواطنون من الذّل والقهر؟ هل كان ليسمح بأن ننجرّ إلى هذه اللغة الطائفية البغيضة، وهو الذي يمقتها؟ هل كان ليقبل بألا يُحترم الدستور؟ هل كان ليقبل بأن يرى مريضًا يموت على باب مستشفى، أو أن يرى فقيرًا معدمًا يلتقط من براميل القمامة ما يجده من فضلات ليسدّ به جوعه؟ هل كان ليتساهل مع الذين يجّوعون الشعب ويمعنون في افقاره؟ هل كان ليساوم على المبادئ والقيم والأخلاق؟ هل كان ليرضى بأن يسقط شباب  في غير المواقع الطبيعية للقتال؟  
وتكرّ سبحة التساؤلات، التي تبقى من دون جواب، إلى أن يصبح لدينا رئيس جمهورية لكل لبنان، وإلى أن تنكشف كل الحقائق، بدءًا من حقيقة تغييب الامام الصدر، إلى حقيقة انفجار المرفأ، وصولًا إلى حقيقة ما ورد في التقرير المالي الجنائي. 
  
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك