يصر وزير الطاقة والمياه وليد فياض، كعادته، على إحداث "الجَلَبَة" في كل اتجاه، وكان واضحا من اطلالاته التلفزيونية وبيان مكتبه بالامس أنه يرد على
إفتتاحية "لبنان 24"، الصادرة صباح الثلاثاء.
لن ندخل في سجال مع معالي الوزير، لان اللبنانيين ملوا سجالات وزراء الطاقة وحكاية "ابريق الزيت" الكهربائية المستمرة منذ سنوات. ولكن نكتفي بايراد بعض الملاحظات المهنية لئلا يعتقد "معاليه" انه بالابتسامات المرفقة "بكلام طالع نازل" يمكنه ان يضرب صدقية "لبنان 24" وما كتبناه بمهنية بحتة.
يقول وزير الطاقة انه "مستعد لإجراء مناقصة جديدة بالأمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد لإِستقدام باخرة غاز اويل جديدة تؤمن إستدامة وزيادة في ساعات التغذية للمواطنين ضمن خطة الطوارئ الوطنية".
والجواب على هذا القول ان المشكلة الاساس ليست في المناقصة، رغم الملاحظات الكثيرة عليها ونترك الحديث عنها لوقت لاحق، بل في مخالفة قرار الحكومة بعدم اخذ الموافقة المسبقة من اللجنة الوزارية على استقدام الباخرة، ما ترك علامات استفهام مشروعة حول الاهداف الحقيقية لهذه العجلة والعجقة.
اما بالنسبة الى قول معالي الوزير في رده على "لبنان 24" ان الاخبار الذي تقدم به رئيس الحكومة الى المدعي العام المالي علي ابراهيم بشأن اخبار تُفيد بوجود عمولات وسمسرات لقاء عمليّة الشراء، جاء بعدما كان الغى العقد مع الباخرة، فهو قول غير صحيح. فالاخبار تم توجيههه الى المدعي العام المالي صباح يوم 30-8-2023، في حين ان كتاب وزير الطاقة الموجه الى رئيس الحكومة والذي طلب فيه اتخاذ القرار النهائي بشأن الباخرة، قد وصل الى رئاسة الحكومة بعد ظهر اليوم نفسه، اي بعد انتهاء الدوام الرسمي، ما يؤكد ان "فاعل خير" ابلغ معاليه بأمر "الاخبار الموجه الى القضاء المالي"، فسارع الى طلب اتخاذ القرار النهائي بشأن الباخرة، فرد رئيس الحكومة باتصال هاتفي مع الوزير وابلغه الموقف ثم وجه اليه في اليوم التالي كتابا جاء فيه: إن حريّة التصرّف بالباخرة يعود أمر تقريره إلى الوزير لدفع أي ضرر، وتدارك أي تعويض لا تُسأل عنه الحكومة، وقد يَترتّب بنتيجة الخطأ المُرتكب من قبله على النحو الذي أقرّ به صراحةً في الإجتماع الأخير للجنة عندما أوضح أمام جميع أعضاء اللجنة بأنّ تصرفه بالمُضيّ قُدماً في عملية الشراء دون الحصول على موافقة اللجنة المُسبقة والواضحة والصريحة يُعتبر من قبيل الخطأ غير المقصود، وبالتالي فإنّ إقتراحكم بالعدول عن طلب الباخرة يَضحى الحلّ المُناسب للموقف الراهن الناتج عن الخطأ المُرتكب من قبلكم ويقتضي السير به علماً أن هذا الموقف يمثل رأي رئيس وأعضاء اللجنة على النحو الذي أعلن صراحةً خلال إجتماعات اللجنة".
أما بالنسبة الى قول وزير الطاقة "من يتّهمني فلينظر إلى نفسه قبل اتهامي"، فهو قول يدينه بالتأكيد، لانه هو من تسبب بالاتهامات والشكوك لنفسه بسبب تصرفه المخالف لقرار الحكومة، ودفاعه المستميت عن باخرة لا يمكن ادراجها الا ضمن البواخر التي ابتلعت ملايين الدولارات من دون توفير الكهرباء للناس.
اما بالنسبة الى قول معالي الوزير "إن الجهة السّياسيّة الّتي سمّتني لم تتبرأ منّي، وكلّ ذلك شائعات"، فننصحه بمراجعة رئيس "التيار الوطني الحر" شخصيا لسؤاله اذا كان حقيقة ابلغ من يعنيهم الامر انه براء من تصرفات وزير الطاقة أم لا.
ولان المجالس بالامانات نتحفظ عن اعطاء المزيد من التفاصيل، او الغوص في تفصيل لا يعنينا ولا يهمنا اصلا، ولكننا اضأنا عليه من باب اعطاء مقاربة شاملة للملف الكهربائي.
تبقى كلمة اخيرة نوجهها لمعالي الوزير: ننصحك الا تهوّل كثيرا على اللبنانيين بالعتمة الشاملة، حتى لا تتسبب لك ولعائلتك بالشتائم. فالمواطنون باتوا على بيّنة من كل الحقائق وأي تضليل لن ينطلي عليهم بعد الآن.
حافظ على الحد الادنى من التعاطي المهني في مقاربة ملف لن يسامح اللبنانيون ستة وزراء من تيار سياسي واحد تعاقبوا عليه وصرفوا 25 مليار دولار عليها خلال 10 سنوات من اموال المودعين، فيما النتيجة العملانية: ما خلوّنا ولا كهرباء.