بات الحوار القائم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحرّ" يأخذ طابعاً أكثر مرونة مع مرور الوقت خصوصاً أن الطرفين يتعاملان معاً على اساس رغبتهما بإنجاح هذه التجربة ويحيطان عملية الحوار المستجدّة بكثير من السريّة ما يزيد من جرعة الجديّة التي تحكم في الأصل علاقتهما.
كما ان سرعة تحقيق نتائج عملية وتسريب بعضها بطريقة رسمية الى الاعلام يعطي دلالة واضحة بأن الطرفين يرغبان بالوصول الى خواتيم ملائمة وبأن لا تطول عملية التفاوض لتصبح مساراً لا ينتهي ولا يثمر بالشكل المأمول من كلا الطرفين.
الجديد اليوم أن فريقي الحوار قد أنهيا مؤخراً النقاش السياسي حول اللامركزية الإدارية والمالية بشكل نهائي، والحديث هنا عن النقاش السياسي هو على مستوى رئيس "التيار" جبران باسيل وقيادة "حزب الله" التي أدخلت رئيس مجلس النواب نبيه برّي ضمن هذا الإطار التوافقي السياسي سيما وأن عدم الوقوف على "خاطر" برّي، بحسب مصادر متابعة للحوار، قد يؤدّي لاحقاً إلى عرقلة تطبيق كل ما يتمّ الاتفاق عليه بسبب رفض الاخير أو نواب "حركة أمل". لذلك فإنّ إنهاء الحديث حول اللامركزية يُعتبر قفزة نوعية في عملية الحوار.
من جهة أخرى، ترى مصادر سياسية مقرّبة من "الوطني الحر" أن اعتبار النقاش حول اللامركزية الادارية والمالية منتهياً بصورة قطعية أمرٌ مبالغ به، إذ إن هذا العنوان يدخل أيضاً ضمن إطار نقاشات تقنية وقانونية بدأت لجان مختصة من قبل الطرفين دراستها، وهذا يضمّ تحت مظلّته الكثير من التفاصيل التي قد تختزن عناوين خلافية وآراء متباينة، وأن النقاش قد يطول قبل الوصول الى اتفاق يمكن تحويله الى مشاريع قوانين والذهاب نحو إقرارها.
لكن بعيداً عن العناوين التي يتمّ نقاشها في حوار "التيار" و"حزب الله" والتي كان بعضها يركّز على الملفات السياسية، بدأت عناوين اخرى تدخل على خطّ المحادثات وتبادل وجهات النظر بين قيادتي الحزبين، وبدأ يُطرح السؤال الذي يشغل بال كل القوى السياسية اليوم؛ هل سيؤدّي فعلاً حوار "حزب الله" و"التيار" الى إيصال رئيس جديد للجمهورية.
وفق مصادر سياسية متابعة، فإن هذا الأمر لا يبدو وارداً في المرحلة الحالية لأنّ الطرفين يدركان أنهما لوحدها عاجزين عن إبرام تسويات نهائية، لذلك يعمل "الحزب" للحصول على اكبر تأييد ممكن من قِبل القوى والنواب والكتل التي يتحالف معها على اعتبار أن تحقيق هذه التوافقات سيؤمن دعماً نيابياً يساهم بإقرار مشاريع القوانين بعد الاتفاق عليها بين الطرفين.
ثمة عائقان أساسيان يجعلان التوافق بين "التيار" و"حزب الله" حول مجمل الملفات المطروحة غير كاف ؛ الاول هو التوافق الدولي والاقليمي، إذ لا يستطيع الفريقان مهما حشدا من تأييد نيابي تجاوز عدم نضوج الواقع الاقليمي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. أما الثاني فهو وجود "ڤيتوهات" قد تطرأ على ملف اللامركزية أو الصندوق الائتماني من قبل فئات ومجموعات وأحزاب لبنانية كبرى ما يجعل من اقرار هذه القوانين أمراً شبه مستحيل ويعرقل تنفيذ أي اتفاق جديد بين الطرفين المتحاورين على ارض الواقع.