مَن يدخل إلى "أسواق بيروت" يدرك جيدًا حجم الأضرار التي اصابت المدينة جرّاء انفجار المرفأ الذي قضى على وجودها ودمّرها. والمشهد كفيل بأن يختصر معاناة أصحاب المصالح والموظفين في ظل تدهور الاوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية.
العاصمة التي شهدت "أيام العز" الاقتصادي، وكانت تعج بالسياح، وبالاحتفالات، وبزحمة المطاعم في المواسم السياحية، اليوم هي أشبه بمدينة أشباح، ومن قلّة الزحمة بات سجع الحمام يسمع في وسطها.
"أسواق بيروت" نحو العودة؟
ترددت على مسامع اللبنانيين في الفترة الاخيرة مسألة اعادة افتتاح الاسواق، وفي بشرى سارة الى محبي وسط بيروت، أشار مدير قسم المبيعات والتسويق في شركة "سوليدير"، أديب النقيب لـ "لبنان 24" الى أنه يخطط اليوم "لاعادة افتتاح أسواق بيروت على مراحل، وبحلول نهاية عام 2023، سوف يكون هناك افتتاح تدريجي للمطاعم، والحانات، التي ستتميز بامكنة للجلوس جديدة في الهواء الطلق، اما بالنسبة لدور السينما فابوابها لم تقفل".
وأكد النقيب أن الافتتاح التدريجي للمتاجر سيبدأ مع بداية عام 2024 بعد الانتهاء من اعادة الترميم. وتوقع أن تحقق أسواق بيروت الجهوزية الكاملة في الربع الثاني من عام 2024.
عملية الاصلاح والحوافز
بعد أن تحوّلت الأسواق إلى منطقة منكوبة بفعل الانفجار الذي حمّلها خسائر ضخمة، قال النقيب:"حتى الآن، نجحنا في إصلاح أكثر من 90% من الأضرار التي نجمت عن الانفجار بما فيها البنى التحتية والواجهات والزجاج. والجدير ذكره ان كل هذه الاضرار التي حلت بالاسواق هي غير مغطاة من قبل شركات التأمين. اما نسبة الـ 10٪ المتبقية من الترميم فسيتم تنفيذها وإنهاء الاعمال بها بحلول نهاية 2023. اما الاصلاحات الداخلية للمتاجر فهي على عاتق المستأجرين وحسب تصاميمهم الخاصة لمحالهم".
وقال: "نحن نهدف إلى إحياء منطقة وسط بيروت بدءاً من الأسواق ومن ثم ليمتد تأثيرها إلى الشوارع المحيطة".
وعن امكان فتح اسواق متواضعة مختلفة عن التي كانت موجودة في السابق، أشار الى أن "أسواق بيروت عملت باستمرار لخدمة كل فئات المجتمع. وفكرة انها مخصصة لفئة معينة من الناس فقط هي خاطئة. وفي ما يخص إعادة الإطلاق، ستستمر الأسواق بالتنظيم لضم المزيج من المستأجرين كي يلبوا خدمات كل الطبقات الاجتماعية". وأضاف: "ان اسعار المتاجر سوف تكون معقولة، واقصد هنا اسعار الأزياء، والملابس، والأغذية، والمشروبات، الخ..".
مصير شوارع ساحة النجمة
ويبقى السؤال المطروح اذا كان هناك خطوات ايجابية نحو اعادة احياء الشوارع والمنطقة المحيطة بساحة النجمة، بعدما تسلل اليها الاقفال تباعا، منذ الاعتصام الذي حصل في 30 تشرين الأول 2006 حين تمّ نصب أكثر من 600 خيمة حول مقر رئاسة الحكومة في وسط بيروت ما أدى إلى إقفال عشرات المؤسسات التجارية وصرف موظفيها، وعلى الرغم من انهاء الاعتصام في 21 أيار 2008، الا ان الاقفال استمر في التمدد وصولا الى العام 2015 بالتازمن مع التحركات الاحتجاجية الى ان اتت ثورة 17 تشرين الاول 2019 لتقفل ما تبقى من مؤسسات.
وفي السياق، أوضح النقيب أن "المحلات التجارية والمباني والمطاعم في منطقة ساحة النجمة هي ملك للقطاع الخاص، والقرار باعادة فتحها وتشغيلها سيحدده أصحاب القطاع الخاص والجهات ذات العلاقة".