بالرغم من الخسائر الكبيرة، تحقق اسرائيل تقدماً مقبولا في معركتها البرية في غزة، من دون ان تتمكن من الحفاظ على المساحات التي سيطرت عليها، لكن هذا التقدم يشكل خطراً على واقع القطاع خصوصا انه يهدف الى تقسيم غزة الى جزئين، والتفرغ الى السيطرة الكاملة على شمال القطاع وتفريغه من السكان أولا ومن المقاتلين ثانيا، وهذا الامر دونه عقبات أهمها تفلت الجبهات الاخرى وذهاب الأمور الى حرب شاملة في المنطقة.
سيشهد الاسبوع المقبل، وفق كل المؤشرات، تطورا نوعياً في عملية الاستهداف التي تتعرض لها القواعد الاميركية في سوريا والعراق وكذلك استهداف اليمن لاسرائيل، وهذا يتوافق مع ما أوحى به الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عندما أكد ان ما يحصل لن يتم الإكتفاء به، وهذا لا ينطبق فقط على الجبهة اللبنانية بل على كامل الجبهات التي اعلنت مساندتها لغزة ولفصائل المقاومة الفلسطينية.
امس، أدخل "حزب الله" سلاحاً جديداً الى المعركة هو صاروخ "البركان" الذي اشتهر في معارك سوريا بسبب قدرته التدميرية الهائلة، اذ قصف به موقعين للجيش الاسرائيلي عند الحدود وهذا يعني ان مرحلة الاستهداف الدقيق والمحدود للاليات العسكرية الاسرائيلية قد انتهت وكذلك استهداف اجهزة الرصد والتجسس التي بات اكثر من 80 بالمية منها خارج الخدمة وهذا ما جعل الحزب ربما يطلق هذا النوع من الصواريخ الذي يحتاج الى بيئة عمل مؤاتية.
وبحسب مصادر مطلعة فإن استخدام صواريخ بهذا الحجم والقدرة التدميرية يعني ان قرار تدمير المواقع العسكرية الاسرائيلية دخل حيز التنفيذ، على اعتبار ان الجيش الاسرائيلي لم يعد يظهر بشكل كبير، بل يخفي آلياته داخل التحصينات ما يجعل عملية استهدافها صعباً، لكن الذهاب نحو تدمير المواقع وتعريضها لهذا القصف العنيف سينقل الصراع الميداني الى مرحلة مختلفة، اذ بات استخدام سلاح الجو الاسرائيلي للرد على تصعيد الحزب امراً واضحاً ومكثفاً.
وترى المصادر ان قيام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بطرح معادلة "المدني مقابل المدني" في خطابه قبل يومين، يعني ان الحزب ينوي التصعيد بشكل واضح في المعارك الحدودية، ويريد في الوقت نفسه عدم السماح لتل ابيب باستهداف المدنيين في لبنان، لان ذلك سيجعل تدحرج المعركة امراً سهلاً وخارجاً عن إرادة الاطراف كافة، ومن هنا جاءت عملية ضبط ردود الفعل الاسرائيلية من قبل نصرالله ووضع قواعد جديدة للاشتباك.
وتؤكد المصادر ان عملية التصعيد شملت ايضاً عمليات تفجير السياج الحدودي، وهذا ما صوّره الاعلام الحرب. وان كان الحزب لا يرغب او لا يريد الذهاب الى عملية برية او هجوم ميداني، الا ان فتح ثغرات في الجدار الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، يزيد من ارباك الجيش الاسرائيلي ومن إشغاله خصوصا ان قدرته على الرصد التقني تراجعت بشكل لافت وبات يعتمد على المسيّرات حصرا التي تتعرض بدورها للصواريخ ويتم اسقاط بعضها.