تراجع الملف الرئاسي ليتقدم عليه ملف قيادة الجيش عند "اللجنة الخماسية" المعنية بحل الأزمة اللبنانية، والتي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر.
فالموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي ينهي اليوم زيارته إلى لبنان، ركز خلال لقاءاته على ضرورة منع تمدد الفراغ إلى المؤسسة العسكرية، لا سيما وان الوضع الامني اليوم، بعد أحداث غزة والتطورات على الحدود الجنوبية ،تفرض، إما تعيين قائد جديد للجيش أو التمديد للقائد الحالي العماد جوزاف عون، وبما أن الخيار الأول ليس متاحا بفعل الفراغ في سدة الرئاسة الأولى، فلا بد من الذهاب إلى الخيار الثاني والا على المعنيين انتخاب رئيس قبل نهاية ولاية قائد الجيش.
إذن فقد تمحورت لقاءات لودريان في اليومين الماضيين على مسائل ثلاث تتصل بالرئاسة والتمديد لقائد الجيش حيث بدا واضحا أن هناك اهتماما دوليا بهذا الأمر ظهّرته باريس عبر موفدها.أما الدعوة الى تجنيب لبنان الصراع في غزة فشكلت المسألة الثالثة، حيث دعا لودريان القيادات التي ألقاها إلى ضرورة عدم الانجرار وراء الحرب والالتزام بمندرجات القرار 1701.
وفيما لم تتضح بعد كل التفاصيل التي نوقشت خلال لقاء لودريان برئيس"كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، الا أن المصادر أشارت لـ"لبنان 24" إلى أن البحث تطرق إلى الأوضاع في الجنوب وغزة و1701 والموقف الفرنسي مما يجري فضلا عن الاستحقاق الرئاسي، حيث يفترض انتخاب رئيس لا سيما ان المنطقة مقبلة على تطورات عدة. وأكد رعد خلال اللقاء أن العدو الإسرائيلي هو من يخرق القرارات الدولية باعتداءاته المتواصلة على الجنوب فضلا عن عدوانه ومجازره التي ارتكبها في غزة وهذا كله يفرض تعاطيا مختلفا من الدول الأوروبية مع إسرائيل، وكرر رعد خلال اللقاء انفتاحه على الحوار من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، علما أن المعلومات تشير إلى أن لودريان طرح خيارا ثالثا للرئاسة خلال لقاءاته، الا ان الثنائي الشيعي لا يزال متمسكا بدعم ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية.
وكان اللافت الخلاف الذي تظهر إلى العلن بين لودريان ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي تعمد تسريب فحوى اللقاء بشأن التوجه الفرنسي للتمديد لقائد الجيش ورفض باسيل ذلك باعتباره أن المطروح هو مخالف للدستور والقانون وان هناك طروحات عدة تغني عن التمديد في الفترة الراهنة ولا تخالف الدستور أسوة بما حصل في حاكمية مصرف لبنان والأمن العام بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم تعيين قائد جديد.
وهنا تقول المصادر ان باسيل أراد من هذه الخطوة إبلاغ من يعنيهم الأمر أنه لن يقبل بهذا التمديد أسوة بما فعل من باريس عندما أعلن رفضه انتخاب فرنجية لرئاسة الجمهورية في محاولة للضغط على حزب الله للتراجع عن دعم الاخير وقطع الطريق على اي نقاش اخر مع السيد حسن نصر الله في هذا الشأن، الأمر الذي ازعج الحزب يومذاك.
و تعتبر مصادر سياسية ان باسيل يترقب موقف حزب الله لا سيما وأنه يعتبر أنه وقف إلى جانب الحزب ودعم دوره في الدفاع عن جنوب لبنان ولا يزال يسلّفه مسيحيا وانه لا بد للحزب من أن يتوقف عند هذا الأمر في الرئاسة والتمديد.
وعليه، فإن باسيل قال كلمته ومشى لودريان الذي كان قد سمع مواقف مؤكدة وغير معارضة للتمديد للقائد من كتل سياسية عدة، وهنا تقول الأوساط السياسية ان حزب الله لا يعارض التمديد لقائد الجيش وليس هناك من مآخد تستدعي رفض التمديد له، لكن الحزب في الوقت نفسه لا يزال يتريث في الحسم أو اعلان موقفه النهائي في هذا الشأن مراعاة لحليفه رئيس"التيار الوطني الحر" جبران باسيل، علما أن الأخير يتقاطع مع رئيس "تيار المردة"في هذا الامر، لكن المصادر تشير إلى أن موقف فرنجية هو رهن الساعات الأخيرة ربطا باتصالاته ومشاوراته مع حلفائه لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله الذي سوف يتخذ موقفا يراعي المصلحة الوطنية ومصلحة البلد لا سيما في هذه الظروف الدقيقة التي تفرض الترفع عن كل الحسابات.
ومع ذلك، يعتبر مصدر سياسي بارز أن التمديد لقائد الجيش ليس سالكا، ومرد ذلك الموقف الأميركي الذي يقارب الأمور من زاوية مختلفة، لا سيما بعد التطورات في جنوب لبنان، وهنا يسأل المصدر هل قائد الجيش سيلتزم بتنفيذ القرار 1701، ام سيبقي الأمور على ما هي عليه؟ وماذا عن التنسيق والتعاون مع حزب الله؟ الاجابة عن هذه الأسئلة، بالنسبة للمصدر نفسه كفيلة بتحديد مسار التمديد من عدمه خارجيا ومن ثم محليا.