لا يبدو أن مسار الترسيم البري سيسلك طريقه قبل أن تتضح الصورة في قطاع غزة، فالوسيط الاميركي في ملف الطاقة آموس هوكشتاين يستعد مجددا لانعاش وساطته بين لبنان والعدو الاسرائيلي من أجل إيجاد حل لهذا الملف البالغ الاهمية،علما أن هذا الطريق سيكون طويلا ربطاً بمسار المفاوضات التي ستحصل والتي لا بد أن تنتظر انتهاء الحرب على قطاع غزة، لأن حزب الله أبلغ كل من يعنيه الامر ان لا بحث في أي ملف يتصل بوضع الجنوب والقرار 1701 قبل ان توقف إسرائيل عدوانها على غزة وعلى جنوب لبنان.
وليس بعيداً فإن الامور تبدو معقدة في ما خص البت بمزارع شبعا التي يريد الاسرائيلي تحييدها عن مفاوضات الترسيم، علما أن القرار الدولي 1701 ينص على اسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة كافة.
والى أن تنجلي الصورة فإن هوكشتاين يعمل راهنا على عودة الهدوء إلى الحدود اللبنانية الجنوبية بهدف عودة المستوطنين الاسرائيليين إلى مستوطناتهم،على أن ينتقل لاحقاً إلى البحث في النقاط الخلافية الحدودية باستثناء مزارع شبعا، علما أن هذا الامر لا يزال محل رفض لبناني رسمي وسياسي، فهناك اجماع محلي على ضرورة أن تشمل المفاوضات مزارع شبعا.
رئيس مجموعة العمل الاميركية من أجل لبنان إد غبريال يؤكد لـ" لبنان 24" أن "اولويات هوكشتاين في الوقت الراهن تتصل بالترسيم البري وتطبيق القرار 1701، فهو يسعى إلى وقف الحرب حتى يتمكن 100.000 نازح داخلياً على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم".
وبينما تصر واشنطن، بحسب غبريال، على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، فإنه يرى أنه "يتعين على الجانبين البدء في تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الآن. ولا يوجد سبب لاستمرار معاناة المدنيين على الحدود الجنوبية"، معتقداً أنه إذا تمت الدعوة إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في المستقبل القريب، فإن مناقشة وقف الاشتباكات بين لبنان وإسرائيل ستتسارع. مع الاشارة في هذا السياق ، إلى أن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب أشار إلى أن هذه المفاوضات يمكن أن تستأنف بالكامل عندما تهدأ التوترات الحالية على الحدود.
وأشار بو حبيب إلى أن هوكشتاين "نقل بعض الأفكار" عندما كان في بيروت مؤخراً، لكنه أضاف أنها "غير مكتملة" وأنه "إذا تم إعلان وقف إطلاق النار في غزة، فإن التصعيد سيتوقف في جنوب لبنان".
ومن هنا يشجع اد غبريال "كافة الأطراف على إعطاء الأولوية لهذه المحادثات، لأنها، توفر إمكانية تحقيق "أمن طويل الأمد وسلام طويل الأمد".
وبالتوازي مع مساعي هوكشتاين للترسيم والتهدئة ، فإن حراك "اللجنة الخماسية" تجاه انتخاب رئيس للجمهورية على قدم وساق، رغم أنها لم تتوصل بعد إلى تقديم تقديم رؤية مشتركة وموحدة بشأن الرئيس في لبنان، إلا أن اد غبريال يعتبر ان ممثلي الخماسية حددوا في تموز الماضي بشكل واضح الصفات الضرورية التي يفترض أن يتمتع بها الرئيس اللبناني المقبل، بما في ذلك النزاهة، وان يكون رئيسا لكل لبنان وليس طرفا، ويعطي الأولوية للشعب اللبناني، وأن يقود الإصلاحات الاقتصادية اللازمة.
ولأن انتخاب رئيس هو واجب أساسي على البرلمانيين اللبنانيين، فقد نوقشت التدابير المتخذة ضد أولئك الذين يعرقلون هذه العملية، يقول غبريال، مع إشارته في الوقت عينه إلى أن انعدام تأثير "اللجنة الخماسية" على القوى السياسية اللبنانية مرده أنها لم تتحدث بصوت واحد ووفق رؤية واحدة موحدة ، أملا أن يرى يشكل سفراء "اللجنة الخماسية" الذين اجتمعوا امس مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري برئاسة الولايات المتحدة ومشاركة حيوية من قطر، جبهة موحدة من أجل المساعدة في تسهيل قيام القادة السياسيين في لبنان بإنهاء الفراغ الرئاسي وإيجاد رئيس توافقي.
وفي خضم هذه الاجتماعات الدبلوماسية المكثفة، يفترض أن يعود إلى بيروت قريبا هوكشتاين الذي يكثف من واشنطن، بحسب اد غبريال، اتصالاته مع المعنيين لحل النقاط العالقة، وهناك تعويل أن يتمكن من تحقيق نجاح مماثل للترسيم البحري، على الحدود البرية.