قال الكاتب الإسرائيلي ليئور أكرمان إنه إذا اضطرت إسرائيل إلى الدخول في حرب شاملة الآن، سيكون بوسع القوات الإسرائيلية أن تتولى القتال في جبهة غزة وفي الشمال مع حزب الله في الوقت نفسه، مشيراً إلى أن الأمر سيكون أكثر صعوبة، وأطول مما كان متوقعاً ولكنه سيظل ممكناً.
وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، قال أكرمان إنّ الأحداث التي وقعت مؤخراً على الحدود الشمالية مع لبنان لا ينبغي أن تكون مفاجئة لأحد، موضحاً أن القتال الجزئي على هذه الجبهة يجري بالفعل بموجب "تفاهمات غير مكتوبة"، يقوم بموجبها حزب الله والجيش الإسرائيلي بتنفيذ هجمات قريبة من المنطقة الحدودية، مع تجنب الدخول في معركة شاملة لا تخدم أياً من الجانبين.
وأشار أكرمان إلى أن هذا النوع من القتال، لا يملك فيه أي من الطرفين الثقة أو القدرة على تحديد احتمالية حدوث تصعيد مفاجئ بسبب سقوط العديد من الضحايا أو ضربة استراتيجية في أراضي العدو.
حرب طويلة الأمد
وتابع الكاتب: "في البداية، يجب أن نعترف ونفهم أنه من أجل هزيمة حزب الله وإزالة هذا التهديد بشكل كامل، ستحتاج إسرائيل إلى حملة شاملة ضد التنظيم، وهذا يعني حرباً طويلة الأمد لعدة أسابيع سيتم فيها تدمير البنية التحتية الصاروخية والمسلحة للتنظيم، ولكن في الوقت نفسه ستعاني إسرائيل من أضرار جسيمة في معظم أنحاء البلاد لأنه على الرغم من قدرات إسرائيل في الدفاع الجوي والدفاع المضاد للصواريخ، فإن حجم الأسلحة التي في أيدي حزب الله يتيح للتنظيم اختراق الدفاع وحتى إلحاق الضرر بمؤخرة البلاد ومدنها المركزية، وتعطيل الاقتصاد والتسبب بأضرار جسيمة للبنية التحتية والاقتصاد الإسرائيلي".
وأوضح أن "كل ذلك لا يشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل، ولكنه ثمن باهظ يتعين على إسرائيل ومواطنيها دفعه".
ضغط أميركي
ووفقاً للكاتب، فإن استعداد إسرائيل اليوم لاستيعاب هجمات حزب الله ينبع من الضغط الأميركي لعدم شن حرب شاملة، ومن إدارة اقتصاد الأسلحة في الجيش الإسرائيلي على خلفية القتال ضد حماس، بالإضافة إلى تهيئة نظام الاحتياط والاستعداد بشكل أفضل لهذا النوع من الحملات، وإذا تطلب الأمر دخول إسرائيل في حرب شاملة، فسيكون الجيش الإسرائيلي قادراً على القتال في كلتا الساحتين في نفس الوقت.
وأوضح أن القتال على جبهتين سيكون أصعب وأطول من المتوقع، ولكنه لا يزال ممكناً، إلا أن إسرائيل تفضل تأجيل هذه الحملة عدة أشهر حتى تكون أكثر استعداداً.
حزب الله لا يريد الحرب
أما عن "حزب الله"، فيقول الكاتب إنه لا يريد حرباً شاملة الآن، لأنها لن تخدمه وستضره كثيراً، وأضاف: "إلا أنه في ظل استمرار الحزب رفض التحركات الدبلوماسية التي من شأنها إبعاده عن الحدود والسماح بعودة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الشمال إلى منازلهم، ووسط إستمراره بمهاجمة أهداف داخل إسرائيل، فإنه ليس من المستبعد أن يؤدي ضرر كبير داخل إسرائيل، إلى تدهور سريع للأوضاع وتصعيد القتال في هذا القطاع أيضاً.
سلوك المستوى السياسي
ويضاف إلى ذلك سلوك المستوى السياسي في إسرائيل، والذي من ناحية لا يضع أي استراتيجية سياسية مستقبلية طويلة الأمد ولا يشارك في بناء محور سياسي تحاول الولايات المتحدة قيادته، ومن ناحية أخرى، فإنه مشغول جداً بجهود البقاء السياسي في السلطة والحفاظ على الائتلاف "المبتذل" الذي تتألف منه الحكومة، مما يعني أن القتال مع حزب الله قد يخدم استمرار حكم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو واستمرار وجود حكومة الطوارئ.
ولفت أكرمان إلى أن "هذه الاعتبارات قد تقلب الموازين العسكرية لصالح المصلحة السياسية، وتجر إسرائيل إلى حرب شاملة حتى لو كان هذا غير صحيح من الناحية العملياتية والاستراتيجية في الوقت الحالي".
استراتيجية إسرائيلية
كذلك، أكد الكاتب ضرورة أن تندمج إسرائيل في الجهد السياسي الاستراتيجي الذي تحاول الولايات المتحدة قيادته في المنطقة إلى جانب الدول الأخرى، وأن تسعى جاهدة للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين حتى على حساب وقف مؤقت للأعمال العدائية، وأن تخطط في نهاية المطاف لخطواتها من أجل إطلاق سراح المحتجزين، وعلى المدى البعيد تدمير حماس وحزب الله في مكان وزمان مناسبين لإسرائيل، مع استعادة قوة الردع الإسرائيلية في المنطقة.
واستطرد قائلاً: "ليس من المؤكد على الإطلاق أن القيادة الحالية، بأعضائها المتطرفين في الحكومة، قادرة على القيام بذلك، وسيكون من الأفضل للمسؤولين المنتخبين في إسرائيل أن يفهموا ويدركوا في أسرع وقت ممكن ضرورة تغيير القيادة وانتخاب حكومة جديدة". (24)