كتبت دوللي بسعلاني في" الديار": لم يعد ينتظر الداخل اللبناني أن يخرج أي إجتماع لسفراء الدول الخمس المعنية بلبنان، بحلّ سريع للإستحقاق الرئاسي، رغم أنّه غالباً ما يكون "الطبق الرئيسي" على طاولة محادثاتهم. وما اجتماعهم الأخير الذي عُقد بعد ظهر يوم الثلاثاء المنصرم في قصر الصنوبر، إلّا ليصبّ في هذا الإطار، لولا حصول أمرين، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، قد يُنذران بتبدّل ما في المشهد:
- الأول: قرار سفراء "الخماسية" بإعادة تحريك الملف الرئاسي مجدّداً بعد اجتماعه مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، من خلال اللقاءات التي سوف يعقدونها الأسبوع المقبل، سوياً أو بشكل آحادي أو ثنائي مع مختلف القوى السياسية، علّ مواقف بعضها يكون قد تغيّر خلال فترة الشغور الرئاسي التي طالت، وبعد 7 تشرين الأول والحرب على غزّة وعلى جنوب لبنان، حول ضرورة تسريع انتخاب رئيس الجمهورية.
- الثاني: الموقف المستجدّ للرئيس ميشال عون الذي انتقد فيه فتح حزب الله جبهة الجنوب للإسناد قائلاً: "إنّنا لسنا مرتبطين بمعاهدة دفاع مع غزّة"، والذي يتوافق مع موقف رئيس "التيّار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل حول ما صرّح به أخيراً عن "أنّنا لسنا مع وحدة الساحات، وتحديداً ربط وقف حرب الجنوب بوقف حرب غزّة"، وكذلك "رفض استخدام لبنان كمنصة هجمات على فلسطين المحتلة".
اصداء إجتماع السفراء الخمس في قصر الصنوبر، قد وصلت الى مسامع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر سفيره في لبنان هيرفيه ماغرو، على ما شدّدت المصادر، لا سيما حول اعتراض السفيرة الأميركية ليزا جونسون والسفير القطري الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني خلاله على حركة لودريان. فقد قالت جونسون إنّه "لا يُمثّل الخماسية، وليس مكلّفاً من قبلها، بل هو يخرب عمل اللجنة". وهذا الإمتعاض من تحرّك الممثل الرئاسي الفرنسي، لا بدّ وأن تتمّ مناقشته مع المسؤولين اللبنانيين، كون زياراته غالباً ما كانت تصبّ في إطار حمل مقترحات أو توصيات اللجنة الخماسية لهم.
وهذا يعني، وفق المصادر نفسها، أنّ دول "الخماسية" لا تزال غير متفقة في ما بينها على ما تريده من الإستحقاق الرئاسي في لبنان، أو من رئيس الجمهورية المقبل. وهي وإن كانت تتفق على ضرورة تسريع انتخاب الرئيس، نظراً للحاجة الى وجوده على رأس الدولة في المرحلة المقبلة التي قد تشهد مفاوضات وتسويات لإنهاء حرب غزّة، إلّا أنّها لا تزال غير متوافقة على إسم هذا الرئيس، ولا على برنامجه خلال سنوات عهده.
كذلك فإنّ عدم موافقة الولايات المتحدة الأميركية عبر سفيرتها في لبنان، على أن يكون لودريان موفد الرئيس الفرنسي ممثلاً للجنة "الخماسية"، يدلّ أيضاً الى جانب الخلافات الداخلية ضمن اللجنة، على ما أكّدت المصادر، على أنّ السفراء سيقترحون استبدال لودريان بممثل جديد عن "الخماسية" يتكلّم باسمها، قد يكون قطرياً. وتقوم الدول الخمس بتكليفه لاحقاً بمهمة نقل المقترحات والأفكار الى المسؤولين اللبنانيين.
ترى المصادر السياسية بأنّ ما أعلنه السفراء في بيانهم المقتضب بعد اجتماعهم الأخير عن أنّه يهدف الى "إعادة التأكيد على عزمهم على تسهيل ودعم انتخاب رئيس الجمهورية"، لا بدّ وأن يُترجم خلال تحرّكهم المرتقب من خلال الإعلان عن"آلية عملية" تؤدّي في نهاية الأمر الى انتخاب الرئيس قريباً، وعدم الإكتفاء بخارطة طريق صعبة التحقّق. وإلاّ فإنّ تحرّكهم ولقاءاتهم المنتظرة لن يأتيا بنتائج إيجابية، ولن يكونا أفضل من الحركة التي قام بها لودريان في لبنان والخارج خلال الفترة الماضية.