منذ انتهاء الضربة الصاروخية التي وجهها الحرس الثوري الايراني ضد اسرائيل، بدأت الاسئلة تتمحور حول نجاح الهجوم الايراني من عدمه، وما اذا كانت طهران قد استطاعت الرد فعليا على الهجوم الاسرائيلي ضد القنصلية الايرانية في دمشق ومقتل جنرالات في الحرس الثوري هناك؟ واذا كان الرد على هذه الاسئلة يخضع لكثير من العوامل، لا بد من معرفة الهدف الايراني من العملية العسكرية التي حصلت واستمرت لعدة ساعات.
الهدف الايراني المباشر وربما الوحيد هو اعادة ردع اسرائيل ومنعها من تجاوز الخطوط الحمر في مواجهتها، وهذا الردع كان قد تضرر في السنوات الماضية وتعرض لضربة قاضية خلال الحرب الحالية اذ استهدفت اسرائيل قيادات في الحرس الثوري في سوريا اكثر من مرة حتى وصل بها الامر الى استهداف القنصلية في دمشق، وهذا ما كان يجب ان يضبط بشكل حاسم حتى لو ادى الى ذهاب المنطقة الى حرب شاملة ومفتوحة، بحسب وجهة النطر الايرانية.
من الواضح ان اسرائيل تضررت كثيرا جراء الضربة الايرانية، فهي كانت مضطرة الى رفع مستوى الاستنفار الى حدوده القصوى والى الاستعانة باربع دول لمساعدتها في اسقاط الصواريخ والمسيّرات، وهذا اخر ما تريده تل ابيب لانها تظهر بمظهر الفاقد لوظيفته الاستراتيجية في ظل حاجتها للولايات المتحدة الاميركية ودول اخرى، مما يؤدي الى خسارتها هامش الحرية في تقرير خطواتها العسكرية التكتيكية والاستراتيجية وتصبح بحاجة لاستشارة الدول التي تدعمها بشكل دائم.
وعلى صعيد الصورة، وبعيدا عن حجم الضرر المادي او البشري الذي وقع في القواعد العسكرية والمطارات، استطاعت طهران ربح معركة الاعلام وهشمت الردع الاسرائيلي بشكل كبير من خلال تعريض اسرائيل لهجوم جوي ليلاً وظهور الاشتباك الصاروخي فوق الاراضي المحتلة وتصويره ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مباشر، وهذا اكثر ما لا تستطيع اسرائيل السكوت عنه او تمريره لانه سيؤدي الى تجرؤ منظمات ودول اخرى عليها..
وعلى الصعيد الاستراتيجي اكد الخبراء بأن ايران لم تستخدم ايا من اسلحتها غير المعروفة والحديثة بل اقتصرت ضربتها الصاروخية على مسيّرات وصواريخ قديمة نسبيا استطاعت من خلالها اجبار اسرائيل على تفعيل كافة قدراتها للدفاع الجوي وحتى التقنيات التي لم تكن مستعملة سابقاً وهذا يعني ان تل ابيب اظهرت بنسبة كبير شكل تموضع دفاعاتها الجوية على طول الخارطة وكذلك فعلت الولايات المتحدة الاميركية في الاردن وبعض الدول المحيطة وهذا يقدم خدمة ومعلومة مجانية لخصومها ناهيك عن كلفة التصدي للصواريخ والمسيّرات الرخيصة والتي تجاوزت المليار دولار بحسب الاعلام الاسرائيلي.
يبقى الحديث عن الرد الاسرائيلي من عدمه في ظل سعي حثيث من الولايات المتحدة الاميركية لدفع تل ابيب لعدم الرد الا ان الموقف التي باتت فيه الحكومة الاسرائيلية صعب للغاية ولا يجعلها قادرة على "بلعها" وعليه فإن الساعات المقبلة ستحدد كيف سترد اسرائيل وما اذا كان ردها سيستهدف الاراضي الايرانية ام القوات الايرانية في سوريا وعليه سنكون امام احتمالات مختلفة من الرد الايراني الجديد.