معالم تجديد التحرك الفرنسي باتجاه لبنان اتخذت ذروتها مع البيان الذي أصدره الإليزيه مساء الجمعة الماضي عقب اجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برئيس الحكومة نجيب ميقاتي والذي تضمّن تعهدات لافتة للرئيس الفرنسي بالمضي نحو حلين محوريين في لبنان هما الوضع المتفجر على الحدود الجنوبية للبنان وحض المسؤولين اللبنانيين على الاستجابة لإلحاح انتخاب رئيس للجمهورية.
وكتبت "النهار": إذا كان يمكن اعتبار النتيجة العملية الأكثر قابلية للترجمة العملية هي اندفاع فرنسا في عملية دعم الجيش اللبناني فإن نتائج التحرك الفرنسي في شقي الداخل والجنوب لا تزال غامضة وتحتاج إلى مزيد من الترقب والانتظار لمعرفة ما إذا كان التحرك الفرنسي سيحظى فعلاً، وبسرعة، بدعم قوي من واشنطن والشركاء الآخرين، وطبيعة المتغيرات التي يفترض أن تكون حفزت فرنسا على إعادة إنعاش مبادراتها سواء المتعلقة بالجنوب اللبناني أو الداخل، علماً أنّ ثمة معطيات ثابتة مثيرة للقلق تشير إلى أن المسبب الأول والأساسي لهذا التحرك المتجدد يعود إلى المعلومات الدقيقة للغاية التي تملكها باريس عن نيات إسرائيل التصعيدية الواسعة ضد لبنان في حال عاند "حزب الله" جوهر الورقة الفرنسية القائم على انسحاب "حرب الله" من الخط الحدودي وإعادة تنفيذ مندرجات القرار 1701.
وجاء في افتتاحية "الديار": قالت مصادر مطلعة ان الرئيس ماكرون ابدى خشيته من توسع الحرب بين لبنان وإسرائيل، مؤكدا على أهمية ايجاد "حل للوضع القائم وتسوية الوضع بضمانات تؤمن الهدوء على هذه الجبهة".
واذ اشار الى مضمون الورقة الفرنسية، المح الى ان بعض التعديل قد ادخل عليها وفقا للمعطيات الاخيرة.
ونقلت المصادر عنه قوله ان عامل الوقت مهم لتحقيق الاتفاق او التسوية ليس من اجل لجم التصعيد فحسب بل ايضا لاستباق استحقاقات دولية قد تصعب الحلول.
وفي شأن الملف الرئاسي علم ان اتصال الرئيس ماكرون مع الرئيس نبيه بري تمحور حول الملف الرئاسي والوضع في الجنوب. واعرب الرئيس الفرنسي مجددا عن تقديره للموقع والدور الذي يلعبه رئيس المجلس بشكل عام، وكرر دعوته الى ايجاد حل للازمة المؤسساتية وانتخاب رئيس الجمهورية لان هذه الازمة تضعف لبنان.
بدورها، ذكرت "الأنباء الكويتية" أن ماكرون اجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس نبيه بري، وتركز البحث على ما يمكن ان تقدمه فرنسا من مساعدات على مختلف الصعد.
وعبر الرئيس الفرنسي عن المخاوف من نية إسرائيل بتوسيع الحرب، على غرار ما تقوم به في غزة بعد تصاعد وتيرة المواجهات على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. وشدد ماكرون مع كل من الرئيسين بري وميقاتي، "على ضرورة بذل جهد لتجنب إعطاء الذريعة لإسرائيل لتنفيذ تهديداتها". ودعا في المقابل إلى تنسيق أكبر بين الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل".
وكان ماكرون أشار إلى مبلغ قيمته مليار دولار، كمساعدة إضافية من الاتحاد الأوروبي، للبنان وللجيش . وقال إن فرنسا ستزيد بدورها من قيمة المساعدات للجيش، وستواصل تحركها مع الأطراف المعنية للحفاظ على استقرار لبنان ومنع التصعيد.
وفي قضية النازحين، أكدت فرنسا أنها ليست ضد عودتهم إلى سورية، مشترطة "ألا يعودوا بطريقة غير شرعية، ما يشكل خطرا على الاستقرار".
وكان اتفاق على قيام الجانب اللبناني بوضع دراسة شاملة تحدد المناطق الآمنة في سورية، كمناطق نفوذ حكومة دمشق للنازحين الموالين لها، وإمكانية إرسال المعارضين إلى مناطق سيطرة المعارضة في شمال سورية. وسيشارك البعض من الوزراء في حكومة تصريف الأعمال في إعداد الدراسة المطلوبة، لتقدم إلى اجتماع بروكسيل المخصص لموضوع النازحين الذي يعقد بعد شهر ونصف الشهر.
وأوضح مصدر ديبلوماسي في العاصمة الفرنسية ان "الاجتماع الثنائي المطول بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس نجيب ميقاتي تناول في حيز مهم منه الوضع في الجنوب، وسبل توفير الشروط اللازمة لتنفيذ القرار الدولي 1701، لجهة تمكين الجيش اللبناني عدديا ولوجستيا من القيام بما هو مطلوب منه في منطقة عمل قوات الطوارئ الدولية المؤقتة (اليونيفيل)، في ظل عدم الإمكانية اللبنانية الذاتية على توفير ذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بلبنان".
وقال المصدر انه "في خلال غداء العمل الذي انضم اليه العماد جوزف عون ونظيره الفرنسي، استكمل الحديث عن هذه النقطة بالتحديد مع توسيع في مقاربة الوضع الجنوبي من زاوية الورقة الفرنسية، حيث شرح ماكرون عن هذه الورقة التي هي مبادرة حل للوضع المتفجر في الجنوب، على قاعدة دعم فرنسيا للجيش في المجالات كافة وصولا إلى تحقيق الاستقرار وإبعاد لبنان عن تداعيات الحرب الدائرة في قطاع غزة، وبالتالي استعداد فرنسا لدعم الجيش بالعتاد والخبرات لتمكينه من تنفيذ مهامه كاملة".