كغيرها من البلدات الجنوبية، تحارب بلدة "ميس الجبل" جبروت وعنجهية العدو الإسرائيلي.. تحاول الصمود رغم استحالة المعيشة داخلها.. تقاوم الصواريخ والقنابل والمدفعية الإسرائيلية التي عبثت بالبلدة وحرمت سكانها من نعمة ودفء المنزل..
هكذا تحارب ميس الجبل منذ أن وسّع العدو الإسرائيلي اعتداءاته في الجنوب، حيث لم يفرّق بين المدني وغير المدني، ضاربًا عرض الحائط كافة الحقوق الإنسانية التي تم النّص عليها عالميًا.
مشهدية ميس الجبل تتشاركها معها البلدات والقرى المحيطة، إذ إنّ الأهالي غادروا منازلهم، ولم يبق إلا قلّة منهم يحرسون بيوتهم، ولو لم يكن لديهم قوة العدو الغاشم، الذي يصرّ على التدمير وإثارة الرعب والتهويل.
وفي جولة ميدانية لـ"
لبنان24"، بدت ميس الجبل وكأنها مركز المعارك؛ دمار، وأضرار.. بيوت تساوت والارض، وأخرى بانت عليها شظايا الصواريخ، لتؤكّد أن العدو الإسرائيلي وعقيدة القتل والسفك بالارواح التي يحملها لا تهدف إلا للتدمير لأجل الإضرار من دون تحقيق أهدافه الإستراتيجية التي يزعم أنّه يحققها من خلال ضرباته هذه.
وحسب أرقام حصل عليها "
لبنان24"، فإنّ ما يقارب 1500 وحدة سكنية أغار عليها الاحتلال وأصرّ على إلحاق الضرر بها من دون أن يكون لديها أي هدف عسكري له علاقة بالحرب الدائرة. بالاضافة إلى 150 وحدة سكنية أخرى تم تدميرها بشكل كامل.
وفي آخر جرائم الاحتلال، رصد "
لبنان24" جريمة استشهاد 4 أفراد من عائلة واحدة بقصف إسرائيلي، في حي الجعافر.. 4 شهداء من المدنيين كانوا يتفقدون منزلهم بعد أن نزحوا منه، إلا أن رحلة العودة تكللت باستشهادهم، بعد أن أغار الطيران الإسرائيلي، من دون أن يفرّق بين مدني وعسكريّ. غارة جوية دمّرت منزلهم، ودمّرت حيّهم بشكل كامل بجريمة حرب جديدة تسجّل بتاريخ "إسرائيل" الأسود.
في السياق يؤكّد رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير أن البلدة تعيش اليوم حالة حرب واضحة، فالعدو قد أغار بمئات الصواريخ والقذائف المدفعية والقنابل الفوسفورية، التي طالت عدّة نقاط داخل البلدة. فالامر لم يقتصر على هدف دون الآخر، حسب رئيس البلدية، إذ إن مدرسة ميس الجيل، والمهنية، ومستشفى ميس الجبل، بالاضافة إلى المباني والمؤسسات الحكومية، كلّها تم استهدافها إمّا بشكل كامل، أو تعرضت لأضرار بسبب شظايا الصواريخ.
وحسب الأرقام، فإن ضراوة القصف التي شهدتها ميس الجبل، أجبرت السكان على النزوح، إذ يشير رئيس البلدية لـ"لبنان24" إلى أنّ ما يقارب 7000 نسمة قد غادرت البلدة، ولم يبقَ إلا ما يقارب 100 عائلة فقط، تحاول الصمود وسط أوضاع اقتصادية واجتماعية فقط، إذ إن العدو أمعن باستهداف البنى التحتية التي أثّرت على المعيشة، خاصة على صعيد الكهرباء، وشبكة الإنترنت، بالاضافة إلى استهداف مصادر وآبار المياه.
أما اقتصاديا، فالامر لا يختلف أيضا، إذ يؤكّد شقير أن التعاونيات والمحال التجارية وكافة المؤسسات الاقتصادية قد أغلقت أبوابها. ويلفت إلى أن العديد من المؤسسات تكبّدت خسائر كبيرة جدًا، حيث أن موادها الغذائية أو منتجاتها قد انتهت صلاحياتها، إذ إنّ وتيرة القصف الذي شهدت البلدة منعت أيًّا كان من فتح مؤسسته، وفضّل رب العمل النزوح وتحمّل التبعات المادية إلى حين هدوء الجبهة.
وعلى صعيد الزراعة، دفع مزارعو ميس الجبل الثمن مثلهم مثل كثر من المزارعين الآخرين الذين خسروا مواسمهم جرّاء الاعتداءات الاسرائيلية، وفي السياق، فإنّ ما يقارب 25 خيمة زراعية دمّرها العدو تدميرا كاملا وبشكل ممنهج، بالاضافة إلى مواسم التبغ والقمح، وغيرها من المواسم التي كان مزارعو ميس الجبل يعتمدون على إيراداتها.
أما ميدانيًا، وعلى الرغم من شبه خلو البلدة من سكانها الذي قارب الـ90%، وعلى الرغم من الدمار الذي لحق بأحياء عديدة، فإن العدو لا يزال مصرًا على استكمال اعتداءاته على البلدة التي قدّمت إلى حدّ اليوم 15 شهيدًا.. وفي السياق، يؤكّد المراقبون أن الضربة الأخيرة التي راح ضحيتها 4 شهداء جميعهم من المدنيين أجّجت الأوضاع، ودفعت بوتيرة المعركة صعودًا، وهذا ما يؤشّر إلى أن المعارك في ميس الجبل وشقيقاتها ستصبح أكثر ضراوة، إذ على ما يبدو فإن الكلام الإسرائيلي الذي كان يهدّد بتدمير الجنوب بات مقترنا بالفعل.