في تقارير إسرائيلية عديدة، تمّ الحديث عن "آلية عمل" غرف العمليات التابعة للجيش الإسرائيلي المعنية بمراقبة وتحديد ومتابعة وتنسيق الهجمات ضدّ "حزب الله" في جنوب لبنان.
تلك التقارير تكشفُ عن "جانب إستخباراتيّ" تعمل إسرائيل على تحقيقه من خلال عمليات التجسس التي تقودها على الساحة اللبنانية، فيما الجوانب العسكرية الأخرى تبقى سريّة ولا يمكن الإفصاح عنها خصوصاً داخل إسرائيل.
في المقابل، تتجهُ التساؤلات عن "غرف عمليات حزب الله" داخل لبنان، فالنقاط المُثارة بشأنها "قليلة" وقد لا تكون متوافرة، بينما نمط عملها يُعدّ محورياً في ظل المعركة الحالية.
تتحدّث مصادر معنية بالشأن العسكري عن إدارة "غرفة عمليات الحزب"، فتشيرُ إلى أنَّ تلك الغرف تتضمن ضباطاً من كبار قادة "حزب الله"، فيما المهمات تختلف بين غرفة وأخرى، فهناك ما يعرف بـ"غرف العمليات الميدانية"، بينما هناك ما يُعرف بـ"غرفة العمليات المركزية" والتي تعتبرُ محورية وعبرها يتم إتخاذ وإخراج القرارات الأساسية.
المصادر تقول إن "تنسيق العمليات" يحصلُ من خلال دراسات تُجرى داخل تلك الغرفة عبر مستشارين، خبراء ومحللين، ويكون ذلك مُستنداً إلى ما يتم تجميعه من بيانات في الميدان. ضمنياً، فإن المقاتلين على الجبهة هم "دينامو غرفة العمليات المركزية"، فهم "الناقل، الفاحص، المراقب، جامع المعلومات والبيانات"، ومن خلالهم يحصل قادة "حزب الله" على كافة التفاصيل التي تعنيهم لوضع الخطط العسكرية.
تلفت المصادر إلى أنّ وظيفة غرفة العمليات المركزية لا تنحصر فقط بالإعداد والتخطيط، مشيرة إلى أنّ هناك "عيناً تقنية" لها في جنوب لبنان ترتكز على "المراقبة المستمرة والحية"، وهو أمرٌ يقترن أيضاً بوسائل أخرى منها الطائرات من دون طيار التي يستخدمها الحزب باستمرار في عملياته ضد إسرائيل، سواء على صعيد المُراقبة أو الإستهداف.
ومؤخراً، كانت عملية إستهداف "حزب الله" لـ"منطاد تجسسي" إسرائيليّ عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، بمثابة ضربة إستخباراتية وتجسسية لا يمكن إلا أن تؤثر على نمط عمل إسرائيل في جنوب لبنان. الأمرُ هذا "يُسجل" نقطة لصالح غرفة عمليات "حزب الله"، فالأخير استطاع ضرب "عين إسرائيلية" لصالح عملياته من جهة، ولناحية "إراحة" عناصره وجعلهم يتحركون بشكلٍ أكثر حرية ضمن الميدان.. فما العبرة وراء ذلك؟
وفق المصادر، فإن إستهداف "حزب الله" لقاعد ميرون الجوية الإسرائيلية من جهة، وإنزال المنطاد التجسسي، كلها عوامل تؤدّي إلى جعل مهمات إسرائيل الإستطلاعية "رهن الإهتزاز وتحت الإرباك"، ما سيجعل "حزب الله" يكسب هامش تحرّك إضافي في مناطق حساسة تعتبر تحت عين الرصد الإسرائيليّة.
غرفة العمليات.. هل تتأثر بإغتيال القادة الميدانيين؟
لا شكّ أن إغتيال إسرائيل لقادة "حزب الله" بشكل مستمر وآخرهم حسين مهدي وحسين مكي، يعتبرُ مؤشراً على أن الخروقات التي تطالُ الحزب عديدة وكثيرة. المسألة هذه لا يمكن نكرانها أبداً، في حين أنَّ ذلك يفتح الباب أمام إعادة النظر في بنية "حزب الله" الأمنية التي تحتاج إلى إعادة ترميمٍ أكيد بعد الحرب الحالية.
ما يجري على صعيد جبهة قادة "حزب الله" يكشف عن أن إسرائيل تردّ على استهداف الحزب لها بشكل متصاعد بـ"إغتيال مسؤولين"، وتقول المصادر إن تل أبيب تسعى لاعتماد مبدأ "قطع رأس الأفعى"، بمعنى أنها تحاول "إستهداف الرؤوس الأساسية ضمن الحزب" من أجل التأثير على العناصر الأخرى.
كل ذلك يؤدي إلى وجود تأثيرٍ على عمل غرف العمليات التابعة للحزب، لكن مصادر مقربة من الأخير تُقلل من "جدوى الإغتيالات" الإسرائيلية، وتقول إن العمليات التي طالت مسؤولين لم تؤثر بتاتاً على "نمط عمل التشكيلات القتالية"، والسبب هو أن كل شخص يتعرض للاغتيال، يكون وراءه العديد من البدلاء.
الغرفة الخاصة.. هل هي مُشتركة؟
المصادر المُقربة من الحزب تقول إنّ غرفة عملياته مُستقلّة تماماً عن تلك "غرفة العمليات المشتركة" مع فصائل أخرى مثل حركة "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" أو "الجماعة الإسلامية".
وفق المصادر، فإنَّ ما يتخذ داخل غرفة عمليات الحزب لا يدري به أي فصيلٍ آخر، فالإستقلالية قائمة كما أن هناك إنفصالا تاما في عمل كل غرفة عمليات تابعة للتنظيمات الأخرى.
المصادر تقول أيضاً إن الغرفة المشتركة تُسمى بـ"غرفة عمليات المحور"، مشيرة إلى أنه يجري عبرها تبادل المعلومات وتنسيق الهجمات، لكن القرارات عبرها لا تكون مُلزمة لأي طرف، فيما دورها يكون إستشارياً علماً أنها تشهد تواجداً لخبراء إيرانيين.
إذاً، ما يظهر هو أن التكامل بين الأطراف المُقاتلة في جنوب لبنان قائم بشكل أساسي، لكن "حزب الله" لا يكونُ مُلزماً بما تمليه أي غرفة عمليات أخرى، والعكس صحيح. أما الأمر الأهم والأبرز فهو يرتبط بما سيصلُ إليه من معطيات عن الخروقات التي طالته.. فكيف سيتعامل معها وما هي السيناريوهات المرتبطة بها؟