افتتح بعد ظهر اليوم، في "بيت المحامي"، مؤتمر بعنوان "استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الاطفال"، برعاية نقيب المحامين في بيروت فادي مصري، وبدعوة من لجنة شؤون الأحداث وحقوق الطفل ولجنة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وحضر المؤتمر وزراء العدل هنري خوري، التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي، الاتصالات المهندس جوني القرم وممثل وزير الإعلام زياد المكاري، مدير "الوكالة الوطنية للإعلام" زياد حرفوش، رئيسة لجنة المرأة والطفل النائبة الدكتورة عناية عز الدين، رئيس لجنة تكنولوجيا المعلومات النائب طوني فرنجيه، ممثلة اليونيسف رئيسة قسم حماية الاطفال مايكي هيوجبرغتس، ممثل المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري المقدم إبراهيم مشموشي، ممثل المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا المقدم عماد سلوم، ممثل محافظ بيروت القاضي سهيل عبود القاضي جون القزي، ممثل نقيب المحامين في طرابلس والشمال سامي الحسن مروان ضاهر، رئيسة لجنة شؤون الأحداث وحقوق الطفل المحامية نادين دكروب، رئيسة لجنة التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي المحامية سهى إسماعيل، شخصيات رسمية وقضائية وممثلون عن الجمعيات الأهلية والمدارس والمؤسسات التي تعني بالطفل.
وفي كلمة لها، رأت عز الدين ان "طرح القضية في هذا التوقيت المناسب وبدعوة من الجهة المناسبة لنقابة المحامين يدل على ارتباط بالواقع وفهم للناس وتعبير عن شواغلهم وحديث بلغتهم".
وقالت: "ان السعي لصياغة شراكات من اجل التغلب على التحديات والتوفيق بين المصالح ولا سيما في مجال الاخلاقيات وحقوق الانسان هو امر ضروري، ولا نملك ترف عدم الذهاب اليه، وهذه الضرورة تصبح اولوية مطلقة عندما يتعلق الأمر بالاعتداء على الطفولة. ان اخطر ما يمكن ان يواجهه مجتمع هو ان يصبح الخطر محدقا بأطفاله، فاذا كان من الواجب على الناس ان يدافعوا من اجل قوانينهم كما من اجل اسوارهم فان النضال من اجل اطفالنا هو نضال من اجل وجودنا وانسانيتنا ولا يحتمل أي تسويف او تأجيل او تراخ".
اضافت: "ان استهداف الاطفال ليس جديدا والمخاطر التي يتعرضون لها ليست جديدة ايضا، ولكن اللافت في الفترة الاخيرة أن الجرائم المرتكبة في لبنان تحمل بعدين: الأول انها جرائم مرتبطة بالتكنولوجيا واستخداماتها وهذا خطر داهم وتحد كبير يواجه كل العالم على مستوى توفر هذه الوسائل وسهولة وصول او حصول الأطفال عليها، و من خلال الجرائم التي تتكشف هذه الايام نختبر بشكل عملي الجانب الآخر للتكنولوجيا، وهذا الجانب هو ما له علاقة بالمحتوي هذا الجانب هو الذي يثير القلق والفزع".
وتابعت: "نحن نعيش مفارقة تتمثل بحصول التطور التكنولوجي الكبير ولكن في نفس الوقت يقترن هذا التقدم مع انعدام الأمن والأمان بسبب سرعة تطور هذه الوسائل وصعوبة مواكبتها بنفس السرعة من مختلف الجوانب. هذا ما عاشه اطفالنا خلال الفترة الماضية من خلال الجرائم التي شهدها لبنان والتي تحول بعضها إلى قضية رأي عام. هذا النوع من الجرائم تحول إلى مشكلة عالمية وفي كل الدول المأزومة التي لم تضع الاطر الأخلاقية والقانونية والتنظيمية اللازمة للمحتوى، وهذا للاسف هو حال لبنان".
وأردفت: "اما البعد الثاني: ان الجرائم تظهر خللا كبيرا على المستوى القيمي في مجتمعاتنا، اذا علينا ان نتفق على التشخيص، وأعتقد ان هذا الأمر متوفر لحسن الحظ. المشكلة خطيرة وحساسة ولكن الأهم يبقى ان نتفق على آليات الحل، وانا ادعو الى اعلان حالة طوارىء وطنية من قبل الجهات الحكومية المعنية تنطلق من وضع خطة مواجهة بالشراكة مع الاطراف ذات الصلة وبالاستفادة من التجارب الدولية خاصة تلك التي تسعى من اجل تكنولوجيا كاسحة لما نختار نحن لها اكتساحه وليس تكنولوجيا، كمثل الثور الهائج في متجر خزف تحطم كل ما في متناولها لانها قادرة على ذلك".
وأكدت ضرورة "العمل على مستويات متعددة من اجل الوصول إلى بيئة آمنة للاطفال وقائية وعقابية".
فرنجيه
أما فرنجيه، فتحدث عن "خطورة عالم التكنولوجيا"، واصفا إياه بـ"عالم ذي حدين، من جهة يفتح الباب امام البشرية للتطور، ومن جهة اخرى التداعيات التي يسببها".
وأشار إلى ان "وسائل التواصل فتحت اليوم المجال لأشخاص وضمن إمكانيات محدودة، لطاقات بشرية كبيرة لان اصبح لديها فرصة حياة".
وقالت: "ان الادمان على وسائل التواصل ليس حكرا على الأطفال انما على البالغين ايضا، وهذا الادمان يفتح المجال امام الهندسة الاجتماعية والرضوخ بملء ارادتنا للشركات الكبرى التي اصبحت الداتا خاصتنا بين يديها، وهذه الشركات اصبحت اليوم أقوى من الدول بحد ذاتها، وبات لها قيمة كبيرة وبإمكانها ان تدير مجتمعا ما او تغيير نتائج الانتخابات، في حين نظن ان هذا قرارنا يكون حينها تمت هندستنا اجتماعيا للقيام بعمل من الاعمال".
وشدد على ان "المواجهة تكون من خلال القوانين والوعي"، متمنيا على "الأهل توعية اولادهم على هذا الادمان".
القرم
من جهته، قال القرم: "لكي يبقى لبنان مساحة فكرية وأخلاقية ملتزما تاريخه الثقافي، نجتمع اليوم في هذا الحدث الحساس، "أنقذ طفلك"، متحدين بالتزامنا المشترك لحماية أطفالنا من المخاطر التي تشكلها وسائل التواصل الاجتماعي".
واعتبر أن "سلامة ورفاهية الصغار أمر بالغ الأهمية"، وقال: "هذا التجمع يؤكد مسؤوليتنا الجماعية لمعالجة هذه التحديات بفعالية".
أضاف: "لكي يبقى تاريخنا، الذي أغنى النهضة العربية، واحة فكر وأدب وعلم، تلتزم وزارة الاتصالات تقديم الدعم الفني اللازم للتخفيف من المخاطر عبر الإنترنت. نحن نعمل بالتكنولوجيا والبنية التحتية الضرورية لتعزيز السلامة عبر الإنترنت لأطفالنا. ومع ذلك، فإن الجاهزية التقنية وحدها غير كافية، وإن الحماية الفعالة تتطلب إطارا قانونيا قويا وتطبيق القوانين المصممة لحماية الأطفال في العالم الرقمي".
وختم: "إن حماية أطفالنا عبر الإنترنت مسؤولية مشتركة تتطلب عملا جماعيا. وبالطبع، يجب مواكبة الآلة والعالم الرقمي ولكن لمساعدة حياة شبابنا لا لهدمها. وبالتالي، هناك واجب ضميري، عائلي، وطني، وأخلاقي، وبهذا الواجب القائم على المصارحة يتحصن الطفل أو الشاب، وهذا لن يكون إلا بالمتابعة اليومية، وبالسهر على أولادنا، ومرافقتهم في شؤون الحياة أو تحفيزهم على تفجير مواهبهم من فنون ورياضة، ومصادقة الطبيعة، والحرفة الهواية، والكشافة، وغيرها من وزنات وضعها الله في الإنسان كي يستثمرها معا، يمكننا إنشاء عالم رقمي أكثر أمانا لأطفالنا، مما يسمح لهم باستكشاف العصر الرقمي من دون خوف".
الحلبي
وألقى الحلبي كلمة قال فيها: "دخلت وسائل التواصل الاجتماعي البيوت والمدارس وفرضت نفسها كوسائل للوصول إلى المعلومات وإرسال المعطيات، وأصبحت البرمجيات أثمن صناعة في العالم، رفعت اقتصادات الدول والمؤسسات والأفراد. لقد تمتعت البشرية بهذه القفزة التكنولوجية غير المسبوقة، وبات العالم يحصي الحسنات والمساوىء، ولكن الجانب السلبي لهذه القفزة الهائلة أصبح يستدعي جهودا جبارة في المنازل والمدارس والجامعات وسوق العمل، إن لجهة الضوابط والتشريعات والمعالجات أو لجهة العودة إلى الأخلاقيات التي تحكم مختلف جوانب الحياة، وإلا فإن الأمثلة أمامنا كثيرة وتزداد خطورة".
أضاف: "لقد حددنا هدفا في وزارة التربية والتعليم العالي، وهو أن نؤمن التعليم النوعي للجميع. وبالتالي، فإن تطبيق الهدف يعني أن نهتم بكل إنسان وبكل مكوناته".
وتابع: "أن نهتم بكل الإنسان يعني ألا نهتم فقط بالكفايات الأكاديمية من لغات وعلوم واجتماعيات، والتي على أهميتها لا تكفي للعمل على ملمح مواطن ينجح في الحياة أيضا، وليس فقط في المدرسة. من هذا المنطلق، عملت الوزارة مع المركز التربوي للبحوث والإنماء على أنشطة تمكن المتعلم من اكتساب المهارات الضرورية للتصدي للتحديات التي قد يواجهها على الإنترنت بطريقة آمنة ومسؤولة".
وأشار إلى أن "الحرص على سلامة التلاميذ وتعزيز نموهم في بيئة خالية من المخاطر الإلكترونية يستوجب تضافر جهود جميع المعنيين في التربية والإعلام، لرفع مستوى وعي المتعلمين والأهل وتمكينهم من التصدي لظواهر التنمر والعنف الإلكتروني"، وقال: "ربما يكون من المفيد الإشارة إلى أننا أرسلنا فيديو إلى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال الصديق الدكتور زياد المكاري، وتمنينا تعميمه على محطات التلفزيون ووسائل التواصل".
ولفت إلى أن "المناهج الجديدة التي تعمل عليها الوزارة والمركز التربوي لحظت كيفية تحصين الأولاد بالكفايات اللازمة"، مشيرا إلى أنه "تم تفعيل الخط الساخن لحماية التلميذ في البيئة المدرسية (01772000 ) كآلية فعالة للتبليغ عن حالات العنف ، ومنها الاستغلال والابتزاز الجنسي، سواء أكانت تلك الحالات تحدث داخل البيئة المدرسية، في المجتمع أو في العالم الافتراضي، ويتلقى المبلغون الدعم والإرشادات والتوجيهات اللازمة بعد التبليغ".
ورأى أن "استخدام الإنترنت والتكنولوجيا أصبح ضرورة للأطفال والمراهقين لمواكبة العصر وتطور المجتمعات"، وقال: "إذا حجبنا تطبيقا، يخلقون مئة تطبيق مكانه".
وأشار إلى أن "الحل هو بتحصين الأبناء لمعرفة كيفية الاستخدام الآمن لهذه التطبيقات ومواجهة التحديات التي تواجههم في العالم الإلكتروني".