Advertisement

لبنان

هذا ما قرّره المجلس الدستوري بشأن الطعون الثلاثة في التمديد للبلديات

Lebanon 24
28-05-2024 | 09:10
A-
A+
Doc-P-1205164-638525099658805415.jpeg
Doc-P-1205164-638525099658805415.jpeg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
قرر المجلس الدستوري في جلسة عقدها صباح اليوم في مقره في الحدت، الذي التأم برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب، قبول الطعون الثلاثة  في التمديد للبلديات شكلا ورد المراجعات أساسا وتحصين القانون المطعون فيه بتفسيره بأنه خلال فترة التمديد، وعند زوال الظرف الاستثنائي يسن المجلس النيابي قانونا جديدا يحدد فيه موعد الانتخابات. على ان يبلغ هذا القرار من رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس النواب، رئاسة مجلس الوزراء ونشره في الجريدة الرسمية.
Advertisement
 
وقد خالف القرار القضاة ميشال طرزي والياس مشرقاني والبرت سرحان.
 
تجدون أدناه القرارات ونص مخالفة القضاة المذكورين
 
مخالفة جزئية القرار رقم 5/2024
 
مدّونة من عضوي المجلس الدستوري، القاضيين ألبرت سرحان وميشال طرزي.
اننا نخالف جزئياً ما ذهبت اليه الأكثرية في قرارها بالنسبة للسبب الثاني للطعن المتعلق بمخالفة القانون المطعون فيه مبدأ فصل السلطات وفقاً لما يلي:
حيث إنّ المستدعين يدلون تحت هذا السبب بأن تحديد التاريخ الذي تجري خلاله الانتخابات يدخل ضمن دائرة القانون، ولا يملك المشترع ان يترك للسلطة التنفيذية تحديد هذا التاريخ في الوقت الذي يراه.
وحيث إنّ الفقرة " ه " من مقدمة الدستور تنص على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، كما تنص المادة 16 منه على ان " تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة في مجلس النواب".
وحيث إنّ مبدأ الفصل بين السلطات يقضي بأن تمارس كل سلطة صلاحياتها في النطاق الذي أوكل اليها بموجب الدستور، بحيث لا تتجاوز سلطة دستورية صلاحيات سلطة دستورية أخرى، وبحيث تلتزم كل سلطة حدود اختصاصها الذي حدده الدستور، فلا تطغى سلطة على سلطة أخرى.
وحيث إنّ التعاون بين السلطات لا يجوز ان يؤدي الى حلول سلطة محل سلطة أخرى وممارسة صلاحياتها جزئياً أو كلياً.
وحيث إنّ القانون المطعون فيه اكتفى في مادته الوحيدة بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025 ولم يتناول أي أمر آخر قد يعتبر من اختصاص سلطة أخرى.
وحيث إنّ تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية حصل من ضمن الاختصاص المحفوظ لمجلس النواب، فيكون القانون المطعون فيه صدر في إطار ممارسة المجلس النيابي لصلاحياته تأميناً لاستمرارية المرافق العامة وحفاظاً على المصلحة العامة وتداركاً لأي فراغ قد يحصل بفعل الظروف التي تمر بها البلاد كما تم بيانه أعلاه.
وحيث إنه ليس في القانون المطعون فيه ما يفيد بوجود تفويض للصلاحيات لمصلحة أية جهة أخرى ولا يدخل بالتالي ضمن اختصاص المجلس الدستوري إعطاء توجيهات مستقبلية للمجلس النيابي بشكل تحفظات تفسيرية، وعليه الاكتفاء بحدود النص المطعون فيه.
وحيث إنّ القانون المطعون فيه لم يتجاوز في ذلك مبدأ فصل السلطات وليس فيه بالتالي      أية مخالفة للدستور أو للمبادىء العامة ذات القيمة الدستورية.
وحيث إنّ السبب المدلى به لهذه الجهة يكون في غير محله ويقتضي رده.
 
مخالفة القرار رقم 7/و /2024 
مدوّنة من أعضاء المجلس الدستوري
 القضاة البرت سرحان وميشال طرزي والياس مشرقاني

 
إننا نخالف ما ذهبت اليه الأكثرية لناحية قبول الطعن شكلا، المسجّل لدى قلم المجلس الدستوري بالرقم 9/و ورود 14/5/2024، مع التنويه بأن المجلس الدستوري، بموجب صلاحيته الشاملة حكماً جميع بنود القانون المطعون فيه، كان قد وضع يده أساساً على القانون المطعون فيه برمته لا سيما بمناسبة تقديم طعنين اخرين بالقانون نفسه. 
أسباب المخالفة الجزئية:
حيث إن المادة 19 من القانون رقم 250 الصادر في 14/7/1993 القاضي بإنشاء المجلس الدستوري نصت على انه ..."ولعشرة أعضاء من مجلس النواب على الأقل مراجعة المجلس الدستوري في ما يتعلق بمراقبة دستورية القوانين"،
وحيث يبقى من البديهي أن أعضاء مجلس النواب العشرة المقصودين في هذه المادة الدستورية يتقدمون بمراجعة واحدة طعناً في قانون واحد مطعون فيه وليس بعدة مراجعات؛ وإن سلمنا جدلاً بخلاف ذلك، إي بحقهم في تقديم عدة مراجعات، نكون قد سلّمنا أنّ الدستور أتاح لهم المشاركة في طعون أخرى من أجل، في الحد الأدنى، تأمين العدد الكافي من الأصوات الذي يجيز تقديم طعن آخر وفقاً لأحكام المادة 19 المومأ اليها، وكأنّ مسألة عدد النواب المفروض لقبول الطعن هي مجرّد إجراء شكلي، في حين أنّ الدستور حدّد هذا العدد المرتفع نسبياً من النواب كشرط جوهري لقبول كل مراجعة للدلالة على أمرين: أولهما أنّ ثمة عدداً وافراً من النواب مشكّكين في دستورية القانون المطعون فيه اجتمعوا لسوق الطعن، وثانيهما على جدّية المراجعة أمام المجلس الدستوري.
وحيث إن اشتراك هؤلاء النواب في طعون أخرى لاستكمال العدد المفروض لقبول تلك الطعون أمام المجلس الدستوري ينطوي في الواقع على تشكيل أكثرية وهمية غير قائمة فعلياً ولم تكن واردة في نية المشترع الدستوري، ويشكّل التفافاً غير مشروع على أحكام المادة 19 من الدستور ويؤول الى عدم قبول مراجعتهم شكلاً، مع التنويه بأنّ ليس ما يحول قانوناً دون تمكين النواب مقدمي مراجعة سابقة أن يتقدموا بأسباب طعن إضافية في ملف مراجعتهم السابقة ضمن مهلة الطعن القانونية. 
وحيث تبيّن من مراجعة الإبطال المسجلة لدى قلم المجلس الدستوري برقم 9/وورود 14/5/2024 انها موقعة من عشرة نواب بمن فيهم النائب السيد ميشال الدويهي الذي كان قـد قـدّم سابقـاً مراجعـة طعـن بنفس القانون سُجّلت لدى قلـم المجلس الدستوري برقم 8/و ورود 7/ 5/2024، الأمر الذي يؤول الى عدم قبول مشاركة النائب المذكور في تقديم الطعن موضوع المخالفة.
وحيث إنه كان يقتضي على القرار موضوع المخالفة عدم قبول اشتراك النائب السيد ميشال الدويهي في المراجعة رقم 9/و ما يفقد هذه الأخيرة النصاب القانوني الذي يتيح قبولها شكلاً لدى المجلس الدستوري سنداً للمادة 19 من أحكام الدستور، وبالتالي يؤدي الى ردّها شكلاً وعدم قبولها لهذه العلة.
 
قرار رقم :7-2024
 
موضوع المراجعة: إبطال القانون رقم 325/2024 (تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية) الصادر في 26/4/2024 والمنشور في العدد 18 من الجريدة الرسمية تاريخ 2/5/2024.
المستدعون: السيدات والسادة النواب: بولا يعقوبيان، ياسين ياسين، نجاة عون صليبا، نبيل بدر، إبراهيم منيمنة، ملحم خلف، أسامة سعد، فراس حمدان، ميشال الدويهي، شربل مسعد.

إنّ المجلس الدستوري الملتئم في مقرّه يوم الخميس الواقع فيه 28/5/2024، برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وحضور نائب الرئيس القاضي عمر حمزه والأعضاء القضاة: عوني رمضان، أكرم بعاصيري، البرت سرحان، رياض أبو غيدا، ميشال طرزي، فوزات فرحات، الياس مشرقاني وميراي نجم.
بعد الاطلاع،
على ملف المراجعة
وعلى التقرير الوارد بتاريخ 21/5/2024
ولدى التدقيق والمذاكرة،


تبين أنّ السيدات والسادة النواب الواردة أسماؤهم أعلاه، قدموا استدعاء بتاريخ 14/5/2024، سجل في قلم المجلس برقم 9/و/2024، طعناً بالقانون رقم 325/2024، الصادر في 26/4/2024 والمنشور في العدد 18 تاريخ 2/5/2024 من الجريدة الرسمية، طالبين قبول استدعائهم شكلاً، واتخاذ القرار فوراً بتعليق نفاذ القانون لحين البت بالأساس بقرار يقضي ببطلانه وبرسم حدود البطلان زمنياً، وأدلوا في الشكل باستيفاء المراجعة لجميع الشروط الشكلية وفي الأساس بمخالفة القانون:
1- للأصول الدستورية المنصوص عليها في المادتين 34 و36 من الدستور.
2- لإحكام الدستور وتحديداً مقدّمته والمبادئ الواردة فيها ولا سيّما للفقرات (ب) و(ج) و(د) منها وللمواثيق الدولية التي تعطف عليها، وكذلك للمبادئ المُستمدّة من أحكام المادة 21 من الدستور، خصوصاً في ظلّ عدم تناسب القانون المطعون فيه مع الظروف التي بُني عليها وارتكّز اليها، والتي لا تُبرّر تمديد ولاية جميع المجالس البلدية والاختيارية بصورة شاملة في كلّ المناطق اللبنانية وللمدّة غير المعقولة الواردة فيه،
3- لمبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الفقرة (ه) من مُقدّمة الدستور والمادة 16 من الدستور بِتَركه تحديد تاريخ إجراء الانتخابات البلدّية والإختياريّة للحكومة في أي وقت تراه ضمن الفترة التمديدّية التي أقرّها.
كما أدلوا بوجوب تكييف مفاعيل الإبطال من حيث الزمان:
(La modulation des effets de l’annulation dans le temps):
وتبين أنه بتاريخ 15/5/2024 تقرر عدم تعليق مفعول القانون،
وانه جرى ضم صورة عن محضر مناقشة القانون واقراره في الهيئة العامة،
وبتاريخ 21/5/2024 ورد التقرير وأبلغ من الأعضاء وفي 23/5/2024 بدأت مناقشته. 
بنـــــــــــــــــاءً عليــــــــــه
أولاً: في الشكل:
حيث إنّ القانون المطعون فيه نشر في العدد 18 من الجريدة الرسمية تاريخ 2/5/2024، وقد ورد الطعن في 14/5/2024، موقعاً من عشرة نواب ومستوفياً لسائر الشروط المطلوبة فيقبل شكلاً. 
ثانيا: في شطب بعض العبارات:
حيث قبل التطرق للأساس تقتضي الإشارة الى أنه ورد في الصفحات 3 حتى 6 ضمناً من المراجعة، تحت عنوان توطئة، عبارات تمس بآداب المراجعة والمخاطبة، علماً أن التوطئة بكاملها لا تتضمن أي سبب له علاّقة بالطعن ويرى المجلس شطب الصفحات المشار اليها بكاملها.

ثالثاً: في الأساس:
حيث يقتضي التطرق الى أسباب الطعن الواردة في المراجعة، سنداً لادلاءات الطاعنين ولما يمكن أن يثيره المجلس عفواً إذا لزم الأمر، وذلك في ضوء أحكام الدستور والمبادئ والقواعد الدستورية التي ترعى الموضوع.
1- في مخالفة القانون لأحكام المادتين 34 و36 من الدستور.
حيث يدلي المستدعون تحت هذا السبب بأن جلسة إقرار القانون كانت فاقدة للنصاب الدستوري إذ جرى احتساب نواب كانوا مقاطعين لها، متواجدين خارج القاعة العامة وتم افتتاحها على هذا الأساس، كما جرى التصويت على القانون في ظل فقدان النصاب الدستوري بدليل عدم تلاوة أسماء النواب المتغيبين بعذر وبدون عذر وذلك خلافاً لنص المادتين 55 و56 من النظام الداخلي لمجلس النواب كما يدلون بأن التصويت على القانون بمجمله لم يجر بالمناداة بالأسماء كما توجبه المادة 36 من الدستور،
وحيث تقتضي الإشارة سريعاً الى وجوب التفريق بين مخالفة المواد الدستورية أي المادتين 34 و36 التي تخضع لرقابة المجلس الدستوري ومخالفة النظام الداخلي لمجلس النواب التي تخرج عن تلك الرقابة،
وحيث إنّ اجتماع المجلس النيابي لا يكون قانونياً، بحسب المادة 34 من الدستور ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذي يؤلفونه، أي 65 نائباً، وإنّ التصويت على القوانين عموماً تكون بالمناداة بالأسماء بصوت عالٍ بحسب المادة 36،
وحيث بالنسبة للنصاب فإنه يتبين من الصفحة /5/ من محضر جلسة مناقشة القانون وإقراره، أن رئيس المجلس قد أكد أن النصاب متوفر بـ 72 نائباً جواباً على إشارة النائبة بولا يعقوبيان لعدم اكتماله،
 وحيث فيما يختص بالتصويت تبين أنه ورد في الصفحة /26/ من المحضر حرفياً ما يلي:
-القانون المطروح على التصويت بالمناداة بالأسماء.
-نودى السادة النواب بأسمائهم.
-أكثرية.
-الرئيس صدق القانون بالأكثرية.
وحيث لا يكون ثمة مخالفة للمادتين 34 و36 من الدستور ويكون السبب الأول مردوداً علماً أن أقوال الجهة الطاعنة بقيت مجردة من أي إثبات.

2- في مخالفة القانون المطعون فيه أحكام الدستور وتحديداً مقدّمته والمبادئ الواردة فيها ولا سيّما للفقرات (ب) و(ج) و(د) منها وللمواثيق الدولية التي تعطف عليها وكذلك للمبادئ المُستمدّة من أحكام المادة 21 من الدستور.
حيث يدلي المستدعون تحت هذا السبب بمخالفة القانون لمبدأ الديمقراطية ودورية الانتخابات لأن النظام اللبناني نظام ديمقراطي برلماني والشعب صاحب السيادة فيه، يمارسها بانتخاب ممثليه في المؤسسات الدستورية لفترة محددة، وإنه بانتهاء تلك الفترة تنتهي وكالة ممثليه ويجب اجراء انتخابات جديدة، ليمارس حقه في محاسبتهم وبالتالي إعادة انتخابهم أو اختيار سواهم وان ذلك يسري على المستوى السياسي بالنسبة للانتخابات النيابية كما على المستوى الإداري بخصوص اختيار الممثلين في المجالس  البلدية والاختيارية ، وان القانون المطعون فيه، بتمديده ولاية تلك المجالس في كل المناطق دون توفر ظروف استثنائية موجبة، قد حرمهم من ذلك الحق، وانه كان بالإمكان اقتصار التمديد على محافظة الجنوب لحين انتهاء الأوضاع الاستثنائية فيها،
كما أنه لو اعتمد المجلس النيابي والحكومة نظام الميغاسنتر وإجراء الانتخابات في جميع المناطق دون عائق.
 وحيث إن القانون المطعون فيه قد صدر بمادة وحيدة كما يلي:
"- تمدّد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025.
- يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية."
وحيث إن مقدّمة الدستور تشكل جزءا لا يتجزأ منه وقد نصت في الفقرة " ج" " ان لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية" وفي الفقرة "د" على أن " الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية"،
وحيث بموجب الفقرة "ب" من المقدمة ان لبنان ملتزم بمواثيق جامعة الدول العربيةـ، ومنظمة الأمم المتحدة، والاعلان العالمي لحقوق الانسان، ما يضفي عليها جميعها القيمة الدستورية بفعل الاحالة اليها في مقدّمة الدستور، فضلاً عن أنه على الدولة، بسلطاتها وأجهزتها كافة، أن تجسد المبادئ التي كرّستها تلك النصوص في جميع الحقول والميادين،
وحيث بموجب المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان إن إرادة الشعب، التي تشكل مصدر السلطات، يعبّر عنها بانتخابات نزيهة ودورية، الأمر الذي كرسته أيضاً الفقرة "ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر عن الأمم المتحدة في16/12/1996 والذي كان قد انضم اليه لبنان سنة 1972، التي نصت على أن لكل مواطن الحق في ان يَنتخب ويُنتخب في انتخابات دورية على أساس من المساواة، 
وحيث ان المادة 7 من الدستور تنص على ما يلي: 
"كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم"،
وحيث إن اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية او تمديد ولاية تلك المجالس المحلية انما يسري على جميع اللبنانيين دون تمييز، فلا يكون ثمة مخالفة لهذه الجهة لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 7 أعلاه، 
وحيث إن حق الاقتراع، وبالتالي، حق المواطن في أن يكون ناخباً أو منتخباً، هو من الحقوق الدستورية ويجسد المبدأ الديمقراطي الذي يرتكز عليه النظام الدستوري في لبنان، وله القيمة الدستورية نفسها سواء عند ممارسته على مستوى الانتخابات النيابة أم على مستوى الانتخابات المحلية،
وحيث إنّ حق الاقتراع، المكرّس في المادة 21 من الدستور، يتولّد عنه مبدأ دستوري آخر هو مبدأ الدورية في ممارسة الناخبين لحقهم في الاقتراع، ما يوجب دعوة الناخبين لممارسته بصورة دورية وضمن مدة معقولة. وقد كرَّست هذا المبدأ ايضاً الفقرة "ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفق ما جرى بيانه أعلاه،
وحيث إنه يعود للمشترع أن يحدد مدة الولاية الانتخابية، لأن وضع الأنظمة الانتخابية النيابيه أو المحلية يدخل في اختصاصه، كما يعود له أن يُعدِّل في مدة الولاية الجارية لأسباب مستمدة من ضرورات قصوى وفي حدود المدة التي تستدعيها هذه الضرورات، أي في حال وجود ظروف استثنائية حيث تتولَّد شرعية استثنائية يجوز  معها للمشترع أن يخالف أحكام الدستور والمبادئ الدستورية أو القواعد ذات القيمة الدستورية، حفاظاً على النظام العام أو ضماناً لاستمرار سير المرافق العامة وصوناً لمصالح البلاد العليا، التي لا يعود بالإمكان صيانتها من خلال القوانين العادية، علماً إنّ المجلس الدستوري قد أكّد على كل هذه الحقوق في أكثر من قرار وآخرها القرار رقم 6/2023 تاريخ 30/5/2023،
وحيث إنّ ممارسة المشترع لحقه في تقدير وجود الظروف، الاستثنائية وسن القوانين التي لا تتوافق وأحكام الدستور، في حدود المدة التي تستوجبها تلك الظروف تبقى خاضعة لرقابة المجلس الدستوري، الأمر الذي يستتبع البحث في مدى توفر تلك الظروف، لترتيب النتيجة بالنسبة لمدى دستورية القانون المطعون فيه، بما في ذلك لناحية مداه الزمني والجغرافي.
وحيث إنّه من الثابت ان ولاية المجالس البلدية والاختيارية المنتخبة عام 2016 كانت تنتهي مبدئيا في شهر أيار 2022، وانه جرى تمديدها لغاية 31/5/2023 بموجب القانون رقم 258 تاريخ 12/4/2022 ثمّ جرى تمديدهما مرة ثانية حتى تاريخ 31/5/2024 بموجب القانون رقم 10/2023، وإنّ القانون المطعون به حالياً مدّدها حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025 مبرّراً ذلك بالأسباب الموجبة التالية:
أولاً- قيام ظرف أمني وعسكري وسياسي معقد نتيجة العدوان الإسرائيلي المفتوح على لبنان والذي يطال معظم قرى محافظتي الجنوب والنبطية ومناطق بعلبك الهرمل والبقاع الغربي.
ثانياً- الإرباك في سير عمل المؤسسات في المناطق المذكورة آنفاً والتأثير على المناطق الأخرى وعلى قدرة المرشحين والناخبين بممارسة حقهم ودورهم في الترشح والإقتراع، ما يترك تداعيات تفقد العملية الإنتخابية أهميتها ودورها وديمقراطيتها.

ثالثاً- تأجيل الإنتخابات لسنة كحد أقصى يحول دون حدوث فراغ في البلديات والمجالس الإختيارية بما يحفظ مصالح المواطنين وانتظام عمل الإدارات المحلية.

رابعاً- مراعاة مقتضيات المصلحة العامة والحفاظ على سلامة ونزاهة العملية الإنتخابية.
وحيث إن الظروف الاستثنائية هي الظروف الشاذة التي تهدد السلامة العامة والامن والنظام العام في البلاد وهي تنجم عن احداث خطيرة جداً وغير متوقعة.
وحيث أنه منذ 8 تشرين الأول من العام 2023 تشهد المناطق الحدودية الجنوبية من لبنان حرباً واقعية، وتتعرض معظم المدن والقرى للتدمير المتواصل من طائرات ومسيرات ومدفعية الكيان الإسرائيلي ما أدى الى تهجير أهاليها،
وحيث أن الاعتداءات تتوسع يوماً بعد يوم، وقد بلغت قرى متعددة في محافظة النبطية كما طالت مراراً كثيرة مناطق بعيدة جداً عن الحدود مثل مناطق بعلبك والهرمل والبقاع الغربي وعدة مناطق في محافظة جبل لبنان،
وحيث إن التهديدات شبه اليومية بتوسيع رقعة الاعتداء وتدمير لبنان وبناه التحتية وعاصمته بحرب شاملة، وما تسببه من عدم استقرار، تنعكس سلباً على العملية الانتخابية على مساحة الوطن،
وحيث إنّ الظروف التي تعيشها البلاد حالياً هي ظروف شاذة واستثنائية تحول دون امكان إجراء الانتخابات، في المناطق التي تهجر سكانها، كما تحول دون إجرائها بشكل طبيعي آمن وسليم، في المناطق التي لا تزال بمنأى عن الاعتداءات، مع الإشارة الى أن تقصير مدة القانون المطعون فيه او تطبيقه في مناطق دون أخرى، أو وجوب تطبيق نظام الميغاسنتر كما يطلب الطاعنون، يخرج عن نطاق صلاحية المجلس الدستوري الذي لا يسعه ان يحل نفسه مكان مجلس النواب،
وحيث تبعاً لكل ما تقدم تكون جميع إدلاءات الطاعنين الواردة ضمن السبب موضوع البحث مردودة.

3- في مخالفة القانون المطعون فيه لمبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الفقرة (ه) من مقدّمة الدستور والمادة 16 من الدستور.

حيث يدلي المستدعون تحت هذا السبب بأن تحديد التاريخ الذي تجري خلاله الانتخابات يدخل ضمن دائرة القانون ولا يملك المشترع ان يترك للسلطة الإدارية تحديد هذا التاريخ في الوقت الذي تراه،
وحيث إن الفقرة " ه" من مقدمة الدستور تنص على الفصل بين السلطات وتنص المادة 16 منه على أنه " تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب"،
وحيث إن مبدأ الفصل بين السلطات يقضي بأن تمارس كل سلطة صلاحياتها في النطاق الذي أوكل اليها بموجب الدستور، بحيث لا تتجاوز سلطة دستورية على صلاحيات سلطة دستورية أخرى، وبحيث تلتزم كل سلطة حدود اختصاصها الذي حدده الدستور، فلا تطغى أي سلطة على سلطة أخرى،
وحيث أنّ التعاون بين السلطات لا يجوز أن يؤدي الى حلول سلطة محل السلطة الأخرى، وممارسة صلاحياتها جزئياً أو كلياً،
وحيث إنه بموجب المادة 14 من قانون البلديات " تدعى الهيئات الانتخابية البلدية بقرار من وزير الداخلية خلال الشهرين السابقين لنهاية ولاية المجالس البلدية يذكر في القرار مراكز الاقتراع وتكون المهلة بين تاريخ نشره واجتماع الهيئات الانتخابية ثلاثين يوما على الأقل"،
وحيث إذا كان يعود للمجلس النيابي تكليف السلطات الإدارية بمواضيع تنظيمية او بتنفيذ القوانين ضمن اطرها بتفصيل ما ورد فيها، الا ان الامر يختلف في المواضيع المحجوزة بموجب الدستور للقانون والتي لا يجوز التفويض بشأنها نظرا لأهميتها ولحرص المشترع الدستوري على الضمانات التي يوفرها القانون، ومن ضمن هذه المواضيع سيادة الشعب التي يمارسها عبر السلطات الدستورية التي يختارها بطريقة الانتخاب، بإرادته ولمدة زمنية محددة،
(يراجع قرار المجلس الدستوري رقم 1/2002 تاريخ 3/1/2002)
وحيث إن القانون المطعون فيه، بتمديده ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة، حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025، يشوبه الغموض ويحمل على الالتباس، إذ قد يفهم أنه يعود للسلطة الإدارية أي وزارة الداخلية، خلال فترة التمديد، ان تدعو الى الانتخابات ساعة ترى الظرف مناسباً، وتكون هي التي تحدد موعد نهاية الولاية، وهذا أمر مخالف للدستور، كما يمكن أن يفسر بأن المجلس النيابي يعود مجدداً، عند زوال الظرف الاستثنائي، الى تحديد الموعد،
وحيث يقتضي إزالة هذا الالتباس بتحصين النص بالتحفظ التفسيري التالي:" خلال فترة التمديد، وعند زوال الظرف الاستثنائي، يحدد المجلس النيابي موعداً جديداً للانتخابات بقانون جديد".
4- في تكييف مفاعيل الابطال من حيث الزمان.
حيث يدلى المستدعون تحت هذا السبب بأنه عملاً بالمادة 22 من قانون إنشاء المجلس الدستوري رقم 250/1993 يمكن للمجلس الدستوري أن يحدد تاريخاً لاحقاً لنفاذ قراره القاضي بالبطلان ويعطي للمشترع الوقت اللازم لسن قانون جديد يستدرك فيه المخالفات الدستورية الواردة في القانون المطعون فيه.


وحيث إن المادة 22 تنص على ما يلي:
"يعلن المجلس الدستوري في قراره أن القانون مطابق أو مخالف كلياً أو جزئياً للدستور.
إذ قرر المجلس الدستوري أن النص موضوع المراجعة مشوب كلياً أو جزئياً بعيب عدم الدستورية فإنه يقضي بإبطاله كلياً أو جزئياً بقرار معلل يرسم حدود البطلان.
إنّ النص الذي تقرّر بطلانه يعتبر، في حدود قرار المجلس، كأنه لم يصدر ولا يجوز لأي كان التذرع به.
وحيث إن رسم حدود البطلان المنصوص عنه في المادة 22 من القانون 250 ينحصر كما يتبين من صراحة النص، بتجديد البطلان بالنسبة للقانون المطعون فيه، أي إذا كان هذا البطلان يطاله كلياً ام في جزء منه، الأمر الذي يؤكده نص الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعلاه.
وحيث لم يبق من موجب للاستفاضة في البحث أو التعليل.

لــــــــــــذلـــــــــــك،

تقــــــــــــــــــرّر بالأكثرية ما يلي:
1-قبول المراجعة شكلاً.
2- شطب الصفحات 3 و4 و5و 6 من المراجعة.
3-رد المراجعة اساساً وتحصين القانون المطعون فيه بتفسيره بأنه خلال فترة التمديد، وعند زوال الظرف الاستثنائي، يسن المجلس النيابي قانوناً جديداً يحدد فيه موعد الانتخابات.
4-إبلاغ هذا القرار من رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس النواب، رئاسة مجلس الوزراء ونشره في الجريدة الرسمية.
 
رقم القرار:6 /2024
 
موضوع المراجعة: إبطال القانون رقم 325/2024 (تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية) الصادر في 26/4/2024 والمنشور في العدد 18 من الجريدة الرسمية تاريخ 2/5/2024.
المستدعون: السادة النواب: سامي الجميل، ميشال الدويهي، الياس حنكش، ميشال معوض، وضاح الصادق، سليم الصايغ، بلال حشيمي، فؤاد مخزومي، أشرف ريفي، نديم الجميل.

إنّ المجلس الدستوري الملتئم في مقرّه يوم الخميس الواقع فيه 28/5/2024، برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وحضور نائب الرئيس القاضي عمر حمزه والأعضاء القضاة: عوني رمضان، أكرم بعاصيري، البرت سرحان، رياض أبو غيدا، ميشال طرزي، فوزات فرحات، الياس مشرقاني وميراي نجم.
بعد الاطلاع،
على ملف المراجعة
وعلى التقرير الوارد بتاريخ
ولدى التدقيق والمذاكرة،
تبيّن أنّ السادة النواب الواردة أسماؤهم أعلاه، قدموا استدعاء بتاريخ 2/5/2024، سجل في قلم المجلس برقم 8/و/2024، طعناً بالقانون رقم 325/2024، الصادر في 26/4/2024 والمنشور في العدد 18 تاريخ 2/5/2024 من الجريدة الرسمية، طالبين قبول استدعائهم شكلاً، واتخاذ القرار فوراً بتعليق نفاذ القانون لحين البت بالأساس بقرار يقضي ببطلانه وأدلو في الشكل باستيفاء المراجعة لجميع الشروط الشكلية وفي الأساس بالأسباب التالية:
أ- مخالفة القانون المطعون فيه للفقرات "ب" "ج" و "د" من مقدمة الدستور ولأحكام المادة 7 منه بمخالفة المبادئ الدستورية المتعلقة بالديمقراطية وحق الاقتراع ودورية الانتخاب.
ب- مخالفة القانون المطعون فيه للفقرة "ه" من مقدمة الدستور ولأحكام المادة 16 من الدستور لجهة مخالفة مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.
ج- عدم جواز التذرّع بالظروف الاستثنائية للتمديد لكل المجالس البلدية والاختيارية.
د- الخطورة في تأجيل الانتخابات البلدية للمرة الثالثة.
وتبين أنه تقرر تكليف الجهة الطاعنة بتقديم نسخة عن المراجعة تكون جميع صفحاتها موقعة وقد نفذ القرار ضمن المهلة،
وتبين أنّه جرى ضم صورة عن محضر مناقشة القانون المطعون فيه وإقراره في الهيئة العامة، وإنه بتاريخ 20/5/2024 تقرر عدم تعليق مفعول القانون،
وبتاريخ 22/5/2024 ورد التقرير،
وفي 23/5/2024 افتتحت جلسة مناقشته.

بنـــــــــــــــــاءً عليــــــــــه
أولاً: في الشكل:
حيث أن القانون المطعون فيه نشر في العدد 18 من الجريدة الرسمية تاريخ 2/5/2024، وقد ورد الطعن في 7/5/2024 أي في ضمن المهلة القانونية، موقعاً من عشرة نواب ومستوفياً لسائر الشروط المطلوبة فيقبل شكلاً.

ثانياً: في الأساس:
حيث إنّ أسباب الطعن تتلخص بمخالفة القانون المطعون فيه للفقرات "ب"-"ج"-"د"  من مقدمة الدستور وللمادة 7 منه، وللمادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان ، وبمخالفته لأحكام الفقرة "ه" من مقدمة الدستور والمادة 16 منه، وبعدم جواز التذرع والظروف الاستثنائية  للتمديد لكل المجالس البلدية والاختيارية، وبخطورة تأجيل الانتخابات للمرة الثالثة.
وحيث يقتضي التطرق الى هذه الأسباب، سنداً لادلاءات الطاعنين ولما يمكن أن يثيره المجلس عفواً إذا لزم الأمر، وذلك في ضوء أحكام الدستور والمبادئ والقواعد الدستورية التي ترعى الموضوع.
1-  في مخالفة القانون للفقرات " ب" و"ج" و"د" من مقدمة الدستور وللمادة 7 منه بمخالفته للمبادىء الدستورية المتعلقة بالديمقراطية وحق الاقتراع ودورية الانتخاب.
حيث يدلي المستدعون تحت هذا السبب بمخالفة القانون لمبدأ الديمقراطية وحق الاقتراع ودورية الانتخابات لأن النظام اللبناني نظام ديمقراطي برلماني والشعب صاحب السيادة فيه، يمارسها بانتخاب ممثليه في المؤسسات الدستورية لفترة محددة، وإنه بانتهاء تلك الفترة تنتهي وكالة ممثليه ويجب اجراء انتخابات جديدة، وذلك عملاً بالفقرات "ج" و"ب" من مقدمة الدستور وبالمادة السابعة منه وبالمادة 21 من الإعلان العالمي للحقوق الانسان وبالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ليمارس حقه في محاسبتهم وبالتالي إعادة انتخابهم أو اختيار سواهم وان ذلك يسري على المستوى السياسي بالنسبة للانتخابات النيابية كما على المستوى الإداري بخصوص اختيار الممثلين في المجالس  البلدية والاختيارية، وان القانون المطعون فيه، بتمديده ولاية تلك المجالس دون توفر ظروف استثنائية موجبة، قد حرمهم من ذلك الحق .

 وحيث إن القانون المطعون فيه قد صدر بمادة وحيدة كما يلي:
"- تمدّد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025.
- يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية."
وحيث إنّ مقدّمة الدستور تشكل جزءا لا يتجزأ منه وقد نصت في الفقرة " ج" " ان لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية" وفي الفقرة "د" على أن " الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية"،
وحيث بموجب الفقرة "ب" من المقدمة ان لبنان ملتزم بمواثيق جامعة الدول العربيةـ، ومنظمة الأمم المتحدة، والاعلان العالمي لحقوق الانسان، ما يضفي عليها جميعها القيمة الدستورية بفعل الاحالة اليها في مقدّمة الدستور، فضلاً عن أنه على الدولة، بسلطاتها وأجهزتها كافة، أن تجسد المبادئ التي كرّستها تلك النصوص في جميع الحقول والميادين،
وحيث بموجب المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان إن إرادة الشعب، التي تشكل مصدر السلطات، يعبّر عنها بانتخابات نزيهة ودورية، الأمر الذي كرسته أيضاً الفقرة "ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر عن الأمم المتحدة في16/12/1996 والذي كان قد انضم اليه لبنان سنة 1972، التي نصت على أن لكل مواطن الحق في ان يَنتخب ويُنتخب في انتخابات دورية على أساس من المساواة، 
وحيث ان المادة 7 من الدستور تنص على ما يلي: 
"كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم"،
وحيث إن اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية او تمديد ولاية تلك المجالس المحلية انما يسري على جميع اللبنانيين دون تمييز، فلا يكون ثمة مخالفة لهذه الجهة لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 7 أعلاه، 
وحيث إن حق الاقتراع، وبالتالي، حق المواطن في أن يكون ناخباً أو منتخباً، هو من الحقوق الدستورية ويجسد المبدأ الديمقراطي الذي يرتكز عليه النظام الدستوري في لبنان، وله القيمة الدستورية نفسها سواء عند ممارسته على مستوى الانتخابات النيابة أم على مستوى الانتخابات المحلية،
وحيث إنّ حق الاقتراع، المكرّس في المادة 21 من الدستور، يتولّد عنه، مبدأ دستوري آخر هو مبدأ الدورية في ممارسة الناخبين لحقهم في الاقتراع، ما يوجب دعوة الناخبين لممارسته بصورة دورية وضمن مدة معقولة. وقد كرَّست هذا المبدأ ايضاً الفقرة "ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفق ما جرى بيانه أعلاه،
وحيث إنه يعود للمشترع أن يحدد مدة الولاية الانتخابية، لأن وضع الأنظمة الانتخابية النيابية أو المحلية يدخل في اختصاصه، كما يعود له أن يُعدِّل في مدة الولاية الجارية لأسباب مستمدة من ضرورات قصوى وفي حدود المدة التي تستدعيها هذه الضرورات، أي في حال وجود ظروف استثنائية حيث تتولَّد شرعية استثنائية يجوز  معها للمشترع أن يخالف أحكام الدستور والمبادئ الدستورية أو القواعد ذات القيمة الدستورية، حفاظاً على النظام العام أو ضماناً لاستمرار سير المرافق العامة وصوناً لمصالح البلاد العليا، التي لا يعود بالإمكان صيانتها من خلال القوانين العادية، علماً إنّ المجلس الدستوري قد أكّد على كل هذه الحقوق في أكثر من قرار وآخرها القرار رقم 6/2023 تاريخ 30/5/2023،
وحيث إنّ ممارسة المشترع لحقه في تقدير وجود الظروف، الاستثنائية وسن القوانين التي لا تتوافق وأحكام الدستور، في حدود المدة التي تستوجبها تلك الظروف تبقى خاضعة لرقابة المجلس الدستوري، الأمر الذي يستتبع البحث في مدى توفر تلك الظروف، لترتيب النتيجة بالنسبة للقانون المطعون فيه،
وحيث إنّه من الثابت ان ولاية المجالس البلدية والاختيارية المنتخبة عام 2016 كانت تنتهي مبدئيا في شهر أيار 2022، وانه جرى تمديدها لغاية 31/5/2023 بموجب القانون رقم 258 تاريخ 12/4/2022 ثمّ جرى تمديدهما مرة ثانية حتى تاريخ 31/5/2024 بموجب القانون رقم 10/2023، وإنّ القانون المطعون به حالياً مدّدها حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025 مبرّراً ذلك بالأسباب الموجبة التالية:
أولاً- قيام ظرف أمني وعسكري وسياسي معقد نتيجة العدوان الإسرائيلي المفتوح على لبنان والذي يطال معظم قرى محافظتي الجنوب والنبطية ومناطق بعلبك الهرمل والبقاع الغربي.

ثانياً- الإرباك في سير عمل المؤسسات في المناطق المذكورة آنفاً والتأثير على المناطق الأخرى وعلى قدرة المرشحين والناخبين بممارسة حقهم ودورهم في الترشح والإقتراع، ما يترك تداعيات تفقد العملية الإنتخابية أهميتها ودورها وديمقراطيتها.

ثالثاً- تأجيل الإنتخابات لسنة كحد أقصى يحول دون حدوث فراغ في البلديات والمجالس الإختيارية بما يحفظ مصالح المواطنين وانتظام عمل الإدارات المحلية.

رابعاً- مراعاة مقتضيات المصلحة العامة والحفاظ على سلامة ونزاهة العملية الإنتخابية.
وحيث إن الظروف الاستثنائية هي الظروف الشاذة التي تهدد السلامة العامة والامن والنظام العام في البلاد وهي تنجم عن احداث خطيرة جداً وغير متوقعة،
وحيث أنه منذ 8 تشرين الأول من العام 2023 تشهد المناطق الحدودية الجنوبية من لبنان حرباً واقعية، وتتعرض معظم المدن والقرى للتدمير المتواصل من طائرات ومسيرات ومدفعية الكيان الإسرائيلي ما أدى الى تهجير أهاليها،
وحيث إن الاعتداءات تتوسع يوماً بعد يوم، وقد بلغت قرى متعددة في محافظة النبطية كما طالت مراراً كثيرة مناطق بعيدة جداً عن الحدود مثل مناطق بعلبك والهرمل والبقاع الغربي وعدة مناطق في محافظة جبل لبنان،
وحيث التهديدات شبه اليومية بتوسيع رقعة الاعتداء وتدمير لبنان وبناه التحتية وعاصمته بحرب شاملة وما تسببه من عدم استقرار تنعكس سلباً على العملية الانتخابية على مساحة الوطن، 
وحيث إنّ الظروف التي تعيشها البلاد حالياً هي ظروف شاذة واستثنائية تحول دون امكان إجراء الانتخابات، في المناطق التي تهجر سكانها، كما تحول دون إجرائها بشكل طبيعي وآمن وسليم في المناطق التي لا تزال بمنأى عن الاعتداءات، مع الاشارة أن تقصير مدة القانون المطعون فيه او تطبيقه في مناطق دون أخرى، كما يقترح الطاعنون، يخرج عن نطاق صلاحية المجلس الدستوري الذي لا يسعه ان يحل نفسه مكان مجلس النواب،
وحيث بالنسبة للإدلاء بمخالفة القانون للفقرة "ز" من مقدمة الدستور التي تنص على أن الإنماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام " لا تخالف القانون المطعون فيه علماً أن الطاعنين لم يحددوا ماهية ومكمن المخالفة،
وحيث تبعاً لكل ما تقدم تكون جميع إدلاءات الطاعنين الواردة ضمن السبب موضوع البحث مردوده،

2- في مخالفة القانون لمبدأ فصل السلطات بمخالفته الفقرة " ه" من مقدمة الدستور والمادة 16 منه:
حيث يدلي المستدعون تحت هذا السبب بأن تحديد التاريخ الذي تجري خلاله الانتخابات يدخل ضمن دائرة القانون ولا يملك المشترع ان يترك للسلطة الإدارية تحديد هذا التاريخ في الوقت الذي تراه،
وحيث إن الفقرة " ه" من مقدمة الدستور تنص على الفصل بين السلطات وتنص المادة 16 منه على أنه " تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب"،
وحيث إنّ مبدأ الفصل بين السلطات يقضي بأن تمارس كل سلطة صلاحياتها في النطاق الذي أوكل اليها بموجب الدستور، بحيث لا تتجاوز سلطة دستورية على صلاحيات سلطة دستورية أخرى، وبحيث تلتزم كل سلطة حدود اختصاصها الذي حدده الدستور، فلا تطغى أي سلطة على سلطة أخرى،
وحيث أنّ التعاون بين السلطات لا يجوز أن يؤدي الى حلول سلطة محل السلطة الأخرى، وممارسة صلاحياتها جزئياً أو كلياً،
وحيث إنه بموجب المادة 14 من قانون البلديات " تدعى الهيئات الانتخابية البلدية بقرار من وزير الداخلية خلال الشهرين السابقين لنهاية ولاية المجالس البلدية يذكر في القرار مراكز الاقتراع وتكون المهلة بين تاريخ نشره واجتماع الهيئات الانتخابية ثلاثين يوما على الأقل"،
وحيث إذا كان يعود للمجلس النيابي تكليف السلطات الإدارية بمواضيع تنظيمية او بتنفيذ القوانين ضمن اطرها بتفصيل ما ورد فيها، الا ان الامر يختلف في المواضيع المحجوزة بموجب الدستور للقانون والتي لا يجوز التفويض بشأنها نظرا لأهميتها ولحرص المشترع الدستوري على الضمانات التي يوفرها القانون، ومن ضمن هذه المواضيع سيادة الشعب التي يمارسها عبر السلطات الدستورية التي يختارها بطريقة الانتخاب، بإرادته ولمدة زمنية محددة،
(يراجع قرار المجلس الدستوري رقم 1/2002 تاريخ 3/1/2002)
وحيث إن القانون المطعون فيه، بتمديده ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة، حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025، يشوبه الغموض ويحمل على الالتباس، إذ قد يفهم أنه يعود للسلطة الإدارية أي وزارة الداخلية، خلال فترة التمديد، ان تدعو الى الانتخابات ساعة ترى الظرف مناسباً، وتكون هي التي تحدد موعد نهاية الولاية وهذا أمر مخالف للدستور، كما يمكن ان يفسر بأن المجلس النيابي يعود مجدداً، عند زوال الظرف الاستثنائي، الى تحديد الموعد،
وحيث يقتضي إزالة هذا الالتباس بتحصين النص بتحفظ تفسيري أنّه "خلال فترة التمديد، وعند زوال الظرف الاستثنائي، يحدد المجلس النيابي موعداً جديداً للانتخابات بقانون جديد"،
وحيث إن الإدلاء بالخطورة التي قد تنجم عن إحتمال تأجيل الانتخابات لاحقاً، الى ما بعد 31/5/2025، خشية أن تكشف نتائجها توجهات الناخبين، قد تؤثر على الانتخابات النيابية المزمع عقدها في أيار من العام 2026، فإنه لا يشكل سبباً قانونياً يوجب التوقف عنده ويقتضي بالتالي رده،
وحيث لم يبق من موجب للاستفاضة في البحث أو التعليل.

لــــــــــــذلـــــــــــك،
يقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرر بالأكثرية
1-قبول المراجعة شكلاً.
2-رد المراجعة اساساً وتحصين القانون المطعون فيه بتفسيره بأنه خلال فترة التمديد، وعند زوال الظرف الاستثنائي، يسن المجلس النيابي قانوناً جديداً يحدد فيه موعد الانتخابات.
3-إبلاغ هذا القرار من رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس النواب، رئاسة مجلس الوزراء ونشره في الجريدة الرسمية.
 
رقم القرار:5/2024
 
موضوع المراجعة: إبطال القانون رقم 325/2024 (تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية) الصادر في 26/4/2024 والمنشور في العدد 18 من الجريدة الرسمية تاريخ 2/5/2024.
المستدعون: السيدات والسادة النواب: ستريدا جعجع، ملحم الرياشي جورج عقيص، غادة أيوب شوقي الدكاش، الياس اسطفان، الياس الخوري، غياث يزبك، فادي كرم، جهاد بقرادوني، جورج عدوان، رازي الحاج، زياد الحواط، غسان حاصباني، نزيه متى.     

إنّ المجلس الدستوري الملتئم في مقرّه يوم الخميس الواقع فيه 28/5/2024، برئاسة رئيسه القاضي طنوس مشلب وحضور نائب الرئيس القاضي عمر حمزه والأعضاء القضاة: عوني رمضان، أكرم بعاصيري، البرت سرحان، رياض أبو غيدا، ميشال طرزي، فوزات فرحات، الياس مشرقاني وميراي نجم.
بعد الاطلاع،
على ملف المراجعة
وعلى التقرير الوارد بتاريخ 9/5/2024
ولدى التدقيق والمذاكرة،
تبين ان السيدات والسادة النواب الواردة أسماؤهم أعلاه، قدموا استدعاء بتاريخ 2/5/2024، سجل في قلم المجلس برقم 7/و/2024، طعناً بالقانون رقم 325/2024، الصادر في 26/4/2024 والمنشور في العدد 18 تاريخ 2/5/2024 من الجريدة الرسمية، طالبين قبول استدعائهم شكلاً، واتخاذ القرار فوراً بتعليق نفاذ القانون لحين البت بالأساس بقرار يقضي ببطلانه وأدلوا في الشكل باستيفاء المراجعة لجميع الشروط الشكلية وفي الأساس بمخالفة القانون:
أ- لمبدأ الديمقراطية التي تقضي بضرورة العودة دورياً الى الهيئة الناخبة لتتمكن من التعبير عن ارادتها ومحاسبة من سبق وانتخبتهم.
ب- للمبادىء العامة التي نصت عليها مقدمة الدستور، وللمادة السابعة منه وللمواثيق والمعاهدات الدولية ووثيقة الوفاق الوطني وأحكام الفقرات ب-ج- د- و "ز" من مقدمة الدستور.
ج- لأحكام الفقرة "ه" من مقدمة الدستور ولأحكام المادة 16 منه.
 كما أدلوا بعدم جواز التذرع بالظروف الاستثنائية وحالة الضرورة كأسباب موجبة للقانون، لعدم توفر شروطها وإلا لعدم توفر تلك الشروط بكل المناطق اللبنانية.
وتبين أنه تنفيذاً للقرار الصادر في 2/5/2024، وردت صورة من محضر مناقشة القانون وإقراره في الهيئة العامة وضمت للملف.
وبتاريخ 6/5/2024 تقررّ عدم تعليق مفعول القانون، وبتاريخ 9/5/2024 ورد التقرير، وفي 15/5/2024 افتتحت جلسة مناقشته.

بنـــــــــــــــــاءً عليــــــــــه
أولاً: في الشكل:
حيث إنّ القانون المطعون فيه نشر في العدد 18 من الجريدة الرسمية تاريخ 2/5/2024، وقد ورد الطعن في اليوم إيّاه موقعاً من خمسة عشر نائباً ومستوفياً لسائر الشروط المطلوبة فيقبل شكلاً.

ثانياً: في الأساس:
حيث إنّ أسباب الطعن تتلخص بمخالفة القانون المطعون فيه للفقرات "ب"-"ج"-"د" و""ز" من مقدمة الدستور وللمادة 7 منه، وللمادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان وللفقرة "ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة في 16/12/1996، وبمخالفته لأحكام الفقرة "ه" من مقدمة الدستور والمادة 16 منه، وبعدم توفر شروط الظروف الاستثنائية وحالة الضرورة التي اعتمدت كأسباب موجبة للقانون تبريراً للمخالفات،
وحيث يقتضي التطرق الى هذه الأسباب، سنداً لادلاءات الطاعنين ولما يمكن أن يثيره المجلس عفواً إذا لزم الأمر، وذلك في ضوء أحكام الدستور والمبادئ والقواعد الدستورية التي ترعى الموضوع،


1-  في مخالفة القانون للفقرات " ب" و"ج" و"د" و"ز" من مقدمة الدستور وللمادة 7 منه وللمادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان وللفقرة " ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1996:
حيث يدلي المستدعون تحت هذا السبب بمخالفة القانون لمبدأ الديمقراطية ودورية الانتخابات لأن النظام اللبناني نظام ديمقراطي برلماني والشعب صاحب السيادة فيه، يمارسها بانتخاب ممثليه في المؤسسات الدستورية لفترة محددة، وإنه بانتهاء تلك الفترة تنتهي وكالة ممثليه ويجب اجراء انتخابات جديدة، ليمارس حقه في محاسبتهم وبالتالي إعادة انتخابهم أو اختيار سواهم وانّ ذلك يسري على المستوى السياسي بالنسبة للانتخابات النيابية كما على المستوى الإداري بخصوص اختيار الممثلين في المجالس  البلدية والاختيارية ، وان القانون المطعون فيه، بتمديده ولاية تلك المجالس دون توفر ظروف استثنائية موجبة، قد حرمهم من ذلك الحق،

 وحيث إنّ القانون المطعون فيه قد صدر بمادة وحيدة كما يلي:
"- تمدّد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025.
- يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية،"
وحيث إنّ مقدّمة الدستور تشكل جزءا لا يتجزأ منه وقد نصت في الفقرة " ج" " أن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية" وفي الفقرة "د" على أنّ " الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية"،
وحيث بموجب الفقرة "ب" من المقدمة ان لبنان ملتزم بمواثيق جامعة الدول العربيةـ، ومنظّمة الأمم المتحدة، والاعلان العالمي لحقوق الانسان، ما يضفي عليها جميعها القيمة الدستورية بفعل الاحالة اليها في مقدّمة الدستور، فضلاً عن أنه على الدولة، بسلطاتها وأجهزتها كافة، أن تجسد المبادئ التي كرّستها تلك النصوص في جميع الحقول والميادين،
وحيث بموجب المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان إن إرادة الشعب، التي تشكل مصدر السلطات، يعبّر عنها بانتخابات نزيهة ودورية، الأمر الذي كرسته أيضاً الفقرة "ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الصادر عن الأمم المتحدة في16/12/1996 والذي كان قد انضم اليه لبنان سنة 1972، التي نصّت على أن لكل مواطن الحق في ان يَنتخب ويُنتخب في انتخابات دورية على أساس من المساواة، 
وحيث إنّ المادة 7 من الدستور تنص على ما يلي: 
"كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم"،
وحيث إنّ اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية او تمديد ولاية تلك المجالس المحلية انما يسري على جميع اللبنانيين دون تمييز، فلا يكون ثمة مخالفة لهذه الجهة لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 7 أعلاه، 
وحيث إنّ حق الاقتراع، وبالتالي، حق المواطن في أن يكون ناخباً أو منتخباً، هو من الحقوق الدستورية ويجسد المبدأ الديمقراطي الذي يرتكز عليه النظام الدستوري في لبنان، وله القيمة الدستورية نفسها سواء عند ممارسته على مستوى الانتخابات النيابة أم على مستوى الانتخابات المحلية،
وحيث إنّ حق الاقتراع، المكرّس في المادة 21 من الدستور، يتولّد عنه، مبدأ دستوري آخر هو مبدأ الدورية في ممارسة الناخبين لحقهم في الاقتراع، ما يوجب دعوة الناخبين لممارسته بصورة دورية وضمن مدة معقولة. وقد كرَّست هذا المبدأ ايضاً الفقرة "ب" من المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفق ما جرى بيانه أعلاه،
وحيث إنّه يعود للمشترع أن يحدد مدة الولاية الانتخابية، لأن وضع الأنظمة الانتخابية النيابيه أو المحلية يدخل في اختصاصه، كما يعود له أن يُعدِّل في مدة الولاية الجارية لأسباب مستمدة من ضرورات قصوى وفي حدود المدة التي تستدعيها هذه الضرورات، أي في حال وجود ظروف استثنائية حيث تتولَّد شرعية استثنائية يجوز  معها للمشترع أن يخالف أحكام الدستور والمبادئ الدستورية أو القواعد ذات القيمة الدستورية، حفاظاً على النظام العام أو ضماناً لاستمرار سير المرافق العامة وصوناً لمصالح البلاد العليا، التي لا يعود بالإمكان صيانتها من خلال القوانين العادية، علماً إنّ المجلس الدستوري قد أكّد على كل هذه الحقوق في أكثر من قرار وآخرها القرار رقم 6/2023 تاريخ 30/5/2023،
وحيث إنّ ممارسة المشترع لحقه في تقدير وجود الظروف  الاستثنائية وسن القوانين التي لا تتوافق وأحكام الدستور، في حدود المدة التي تستوجبها تلك الظروف تبقى خاضعة لرقابة المجلس الدستوري، الأمر الذي يستتبع البحث في مدى توفر تلك الظروف، لترتيب النتيجة بالنسبة لمدى دستورية القانون المطعون فيه، بما في ذلك لناحية مداه الزمني والجغرافي.
وحيث إنّه من الثابت أنّ ولاية المجالس البلدية والاختيارية المنتخبة عام 2016 كانت تنتهي مبدئياً في شهر أيار 2022، وانه جرى تمديدها لغاية 31/5/2023 بموجب القانون رقم 258 تاريخ 12/4/2022 ثمّ جرى تمديدها مرة ثانية حتى تاريخ 31/5/2024 بموجب القانون رقم 10/2023، وإنّ القانون المطعون به حالياً مدّدها حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025 مبرّراً ذلك بالأسباب الموجبة التالية:
أولاً- قيام ظرف أمني وعسكري وسياسي معقد نتيجة العدوان الإسرائيلي المفتوح على لبنان والذي يطال معظم قرى محافظتي الجنوب والنبطية ومناطق بعلبك الهرمل والبقاع الغربي.

ثانياً- الإرباك في سير عمل المؤسسات في المناطق المذكورة آنفاً والتأثير على المناطق الأخرى وعلى قدرة المرشحين والناخبين بممارسة حقهم ودورهم في الترشح والإقتراع، ما يترك تداعيات تفقد العملية الإنتخابية أهميتها ودورها وديمقراطيتها.

ثالثاً- تأجيل الإنتخابات لسنة كحد أقصى يحول دون حدوث فراغ في البلديات والمجالس الإختيارية بما يحفظ مصالح المواطنين وانتظام عمل الإدارات المحلية.

رابعاً- مراعاة مقتضيات المصلحة العامة والحفاظ على سلامة ونزاهة العملية الإنتخابية.
وحيث إنّ الظروف الاستثنائية هي الظروف الشاذة التي تهدد السلامة العامة والامن والنظام العام في البلاد وهي تنجم عن احداث خطيرة جداً وغير متوقعة.
وحيث إنّه منذ 8 تشرين الأول من العام 2023 تشهد المناطق الحدودية الجنوبية من لبنان حرباً واقعية، وتتعرض معظم المدن والقرى للتدمير المتواصل من طائرات ومسيرات ومدفعية الكيان الإسرائيلي ما أدى الى تهجير أهاليها،
وحيث إنّ الاعتداءات تتوسع يوماً بعد يوم، وقد بلغت قرى متعددة في محافظة النبطية كما طالت مراراً كثيرة مناطق بعيدة جداً عن الحدود مثل مناطق بعلبك والهرمل والبقاع الغربي وعدة مناطق من محافظة جبل لبنان،
وحيث إنّ التهديدات شبه اليومية بتوسيع رقعة الاعتداء وتدمير لبنان وبناه التحتية وعاصمته بحرب شاملة، وما تسببه من عدم استقرار، تنعكس سلباً على العملية الانتخابية على مساحة الوطن،
وحيث إّن الظروف التي تعيشها البلاد حالياً هي ظروف شاذة واستثنائية تحول دون امكان إجراء الانتخابات، في المناطق التي تهجر سكانها، كما تحول دون إجرائها بشكل طبيعي آمن وسليم في المناطق التي لا تزال بمنأى عن الاعتداءات، مع الإشارة الى أن تقصير مدة القانون المطعون فيه او تطبيقه في مناطق دون أخرى، كما يطلب الطاعنون، يخرج عن نطاق صلاحية المجلس الدستوري الذي لا يسعه أن يحل نفسه محل مجلس النواب،
وحيث بالنسبة للإدلاء بمخالفة القانون للفقرة "ز" من مقدمة الدستور التي تنص على أن الإنماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ركن أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام " فإنها لا تتضمن أية مخالفة للقانون المطعون فيه علماً أن الطاعنين لم يحددوا ماهية ومكمن المخالفة،
وحيث تبعاً لكل ما تقدم تكون جميع إدلاءات الطاعنين الواردة ضمن السبب موضوع البحث مردوده.

2- في مخالفة القانون لمبدأ فصل السلطات بمخالفته الفقرة " ه" من مقدمة الدستور والمادة 16 منه:
حيث يدلي المستدعون تحت هذا السبب بأن تحديد التاريخ الذي تجري خلاله الانتخابات يدخل ضمن دائرة القانون ولا يملك المشترع ان يترك للسلطة الإدارية تحديد هذا التاريخ في الوقت الذي تراه،
وحيث إنّ الفقرة " ه" من مقدمة الدستور تنصّ على الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها وتنص المادة 16 منه على أن " تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب"،
وحيث إنّ مبدأ الفصل بين السلطات يقضي بأن تمارس كل سلطة صلاحياتها في النطاق الذي أوكل اليها بموجب الدستور، بحيث لا تتجاوز سلطة دستورية على صلاحيات سلطة دستورية أخرى، وبحيث تلتزم كل سلطة حدود اختصاصها الذي حدده الدستور، فلا تطغى أي سلطة على سلطة أخرى،
وحيث إنّ التعاون بين السلطات لا يجوز أن يؤدي الى حلول سلطة محل السلطة الأخرى، وممارسة صلاحياتها جزئياً أو كلياً،
وحيث إنه بموجب المادة 14 من قانون البلديات " تدعى الهيئات الانتخابية البلدية بقرار من وزير الداخلية خلال الشهرين السابقين لنهاية ولاية المجالس البلدية، يذكر في القرار مراكز الاقتراع وتكون المهلة بين تاريخ نشره واجتماع الهيئات الانتخابية ثلاثين يوما على الأقل"،
وحيث إذا كان يعود للمجلس النيابي تكليف السلطات الإدارية بمواضيع تنظيمية او بتنفيذ القوانين ضمن اطرها بتفصيل ما ورد فيها، الا ان الامر يختلف في المواضيع المحجوزة بموجب الدستور للقانون والتي لا يجوز التفويض بشأنها نظرا لأهميتها ولحرص المشترع الدستوري على الضمانات التي يوفرها القانون، ومن ضمن هذه المواضيع سيادة الشعب التي يمارسها عبر السلطات الدستورية أو الهيئات الادارية التي يختارها بإرادته بطريقة الانتخاب، ولمدة زمنية محددة،
(يراجع قرار المجلس الدستوري رقم 1/2002 تاريخ 3/1/2002)
وحيث إنّ القانون المطعون فيه، بتمديده ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة، حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025، يشوبه الغموض ويحمل على الالتباس، إذ قد يفهم انه يعود للسلطة التنفيذية، خلال فترة التمديد، ان تدعو الى الانتخابات ساعة ترى الظرف مناسباً، وتكون هي التي تحدد موعد نهاية الولاية وهذا أمر مخالف للدستور، كما يمكن أن يفسر بأن المجلس النيابي يعود مجدداً، عند زوال الظرف الاستثنائي، الى تحديد الموعد،
وحيث يقتضي إزالة هذا الالتباس بتحصين النص بتحفظ تفسيري انه خلال فترة التمديد، وعند زوال الظرف الاستثنائي، يحدد المجلس النيابي موعداً جديداً للانتخابات بقانون جديد،
وحيث لم يبق من موجب للاستفاضة في البحث أو التعليل.

لــــــــــــذلـــــــــــك،
يقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرر بالأكثرية،
1-قبول المراجعة شكلاً.
2-رد المراجعة اساساً وتحصين القانون المطعون فيه بتفسيره بأنه خلال فترة التمديد، وعند زوال الظرف الاستثنائي، يسن المجلس النيابي قانوناً جديداً يحدد فيه موعد الانتخابات.
3-إبلاغ هذا القرار من رئاسة الجمهورية، رئاسة مجلس النواب، رئاسة مجلس الوزراء ونشره في الجريدة الرسمية.
 

 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك