أشار وزير الزراعة الدكتور عباس الحاج حسن الى "الزراعة تشكل حوالي 9% من الناتج المحلي الإجمالي، وما بين3-5 % من الناتج القومي، و4.1% من إجمالي العمالة في لبنان، وهي مصدر رئيسي للتوظيف والدخل لجزء كبير من السكان في المناطق الريفية، حيث تشير التقديرات إلى أن الزراعة وقطاع الصناعات الغذائية الزراعية يساهمان بما يصل إلى 80 في المائة من الاقتصاد المحلي. وتحظى الزراعة وصيد الأسماك والغابات بأعلى حصة من العمالة غير الرسمية. وساهمت صناعة تجهيز الأغذية بنسبة إضافية قدرها 4 في المائة، ليصل إجمالي مساهمة قطاع الزراعة والأغذية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 13 في المائة في عام 2020."
كلام الحاج حسن جاء خلال اجتماع نظمته الوزارة حول قطاع الزراعة والأغذية في لبنان تحت عنوان "المبادرات والآفاق المستقبلية"، حيث لفا إلى أن "الاجتماع اليوم هو من أجل حمل هموم القطاع الزراعي وشجونه، للمساهمين الأساسيين في مبادرات هامة في الامن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة، الذين بفضل جهودهم تمكن هذا القطاع من الصمود في وجه الازمات المستمرة".
وقال: "نعقد لقاءنا الأول اليوم تحت شعار أساسي وهو تعزيز الشراكة والتشبيك والتعاون، فالرؤية التي نعمل في اطارها هي تطوير القطاع الزراعي والغذائي وجعله مساهما أساسيا في تحقيق الامن الغذائي ومحركا رئيسيا لتعزيز قدرة الاقتصاد اللبناني على الصمود كاقتصاد منتج. والهدف العام هو رفع مستوى معيشة المزارعين وجميع العاملين في نظم الزراعة والاغذية نساء ورجالا لينعموا بمستوى معيشة لائقة من خلال رفع كفاءة الخدمات الزراعية وتأمين البنية التحتية والبيئة الإنتاجية المناسبة للاستثمار وتحقيق الربحية والتنافسية وتأمين الاستدامة".
وأضاف: "الأزمات المتعددة التي شهدها لبنان منذ عام 2019 أدت إلى تفاقم الوضع، وانخفض الإنتاج الزراعي بسبب الأزمة الاقتصادية، ما أثر على سبل عيش الفئات الأكثر فقرا. فارتفاع تكلفة الإنتاج، والاعتماد على الواردات للحصول على المدخلات، والاستثمار المحدود في المعدات والبنية التحتية، إلى جانب هيكل "احتكار القلة" في نظام الأغذية الزراعية، يشكل تحديات أمام القدرة التنافسية والإنتاجية للقطاع، ما حد من إمكانية الوصول إلى الغذاء والقدرة الإنتاجية، وحدّ من القدرة الاستهلاكية للغذاء ذات الجودة والنوعية، وسبب في تزايد انعدام الامن الغذائي لشريحة كبيرة من اللبنانيين لا سيما الذين تشكل الزراعة مصدر رزقهم، كذلك انعكس على الفئات الأكثر هشاشة في لبنان من النازحين واللاجئين السوريين والفلسطينيين. أضف الى ذلك تغييرات المناخ حيث يعتبر القطاع الزراعي أكثر القطاعات الاقتصادية تأثرا، وبشكل مباشر، بالتغيرات التي تطرأ على درجات الحرارة وهطول الأمطار وتحد من الموارد المائية وتؤدي الى انخفاض أو فشل في المحاصيل الزراعية ظواهر جوية متطرفة مثل الجفاف والصقيع والبرد والعواصف الشديدة والفيضانات".
وأعلن الحاج حسن "ان القطاع الزراعي، اليوم، يعد من اكثر القطاعات تضررا بسبب اعتداءات العدو الإسرائيلي الهمجية، من خلال القصف والتدمير الممنهج على جنوب لبنان بالإضافة الى الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين وممتلكاتهم ، وقد أدى استخدام الفوسفور الأبيض الشديد الخطورة والمحرم دوليا الى القضاء على اكثر من ٨٥٠٠ دونم من الاراضي الزراعية والحرجية واكثر من 60.000 شجرة زيتون معمرة، وخسائر جسيمة في كل القطاعات الزراعية والحيوانية، فحرم 78٪ من المزارعين ومربي النحل والطيور والابقار في الجنوب من مصادر دخلهم الأساسية منذ تشرين الأول 2023."
وقال: "ازاء هذه التحديات، وفي إطار الشراكة مع الدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية، نؤكد أن الجهود تركز على المحاور والبرامج التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية للزراعة في لبنان 2020-2025، لا سيما لجهة تأمين استدامة سبل عيش المزارعين والمنتجين، من اجل الحفاظ على أعمالهم الزراعية والغذائية وتعزيز قدرتهم على الصمود في مواجهة الازمات الاقتصادية وتلك المتصلة بتغييرات المناخ، كما يتركز العمل على تطوير زراعات محلية، وزيادة الإنتاج والانتاجية من خلال التدريب وبناء القدرات من اجل زراعة أكثر ربحية وتنافسية تسهم في تخفيض فاتورة الاستيراد، وتطوير الصادرات الزراعية".
وكشف عن "تعاون وزارة الزراعة مع الشركاء في التنمية من دول مانحة ومنظمات دولية وإقليمية على اعداد وتنفيذ مجموعة من البرامج والمشاريع الجاري تنفيذها او اعدادها للتنفيذ مصنفة اما كمساعدة طارئة، او كدعم تقني، او ذات طابع تنموي، والتي تدخل ضمن توجهات الوزارة الاستراتيجية".
وعبر عن "رغبة وزارة الزراعة في تحديد مسار جديد للقطاع الزراعي في لبنان. وربما للمرة الأولى، تعمل الوزارة على تطوير وتنفيذ استراتيجية زراعية طموحة تجمع بين الأهداف الطويلة الأجل والضرورات العاجلة، والنظر في هذه الأولويات من حيث حالات الطوارئ قصيرة الأجل، ولكن أيضًا من حيث ما ينبغي أن تتضمنه الاستراتيجية الزراعية للفترة 2025-2030 كنقطة تركيز للعمل".
وأكد أن "هذه الإستراتيجية المتطورة لا معنى لها دون دعم جميع أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين على جميع المستويات: المزارعون، التعاونيات، الجهات المانحة، شركات الأغذية الزراعية، المستشارون الزراعيون، التدريب، المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، وما إلى ذلك."
واوضح ان "التخطيط الإستراتيجي مبني على نقطتين من خلال الاستمرار في دعم المزارعين بمساعدة المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية للاستجابة لحالات الطوارئ الحالية، وتحديد وتنفيذ برنامج استثماري للزراعة المستدامة والقادرة على الصمود، وذلك من أجل تحقيق الأهداف التالية وهي: إضفاء الطابع الإقليمي على قطاعات الأغذية الزراعية من خلال دمج القضايا البيئية وقضايا التوظيف والمساواة، استهداف وتحقيق الاكتفاء الذاتي، توضيح دور وزارة الزراعة ودعمها للمزارعين والتفكير والبت في مستقبل قطاعات لبنان التاريخية التي تعاني من أزمات منذ فترة طويلة".
وأعلن "أن التوجهات القادمة ستعمل لتحقيق النقاط التالية: الاستمرار في تقديم الدعم المباشر للمزارعين والمنتجين لتحسين سبل عيشهم وصمودهم، الاستمرار في رصد وتقييم مخاطر الامن الغذائي، العمل لزيادة مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، دعم سلاسل الإنتاج للاستهلاك المحلي والمعدة للتصدير، تعزيز الاستثمار في سلاسل الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني، تطوير قطاع مصايد الأسماك وتربية الاحياء المائية النهرية والبحرية، اعادة بناء القدرات والبنى التحتية الزراعية التي هدمتها الحرب الإسرائيلية في لبنان وتحديدا في جنوبه، تعزيز العمل التعاوني وتطويره، تعزيز فلسفة توطين القمح الطري المعد للخبز لتحقيق أمن غذائي أكثر صلابة".
وختم الحاج حسن: "تم وضع آلية للتواصل مع الهيئات المانحة والمنظمات الدولية للعمل على إستراتيجية الوزارة القادمة 2025 - 2030 ".