لكم أن تتخيلوا ما قد يفعله مزيج الموسيقى الراقية مع سحر ميناء البترون بكم. فهذه المدينة الساحرة بسكانها المضيافين وشوارعها التي يختبئ تاريخ عريق بين أحجارها، حجزت لها مقعداً في قطار الثقافة والرقيّ من خلال تنظيم نشاطات مميزة. فبعدما أطلقت لجنة مهرجانات البترون الدولية "فعاليات مهرجان صيف 2024"، يجد جمهور الأغنية اللبنانية نفسه على موعد مع "الليلة اللبنانية"، التي يظللها قمر البترون وميناؤها.
فبقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، تسعى "الليلة اللبنانية" في 26 من شهر تموز المقبل ومن على ميناء البترون، إلى تأكيد أهمية لبنان وتاريخه الفني من خلال أعمال فنية عريقة.
وفي هذا الإطار، قال بعلبكي لـ"لبنان 24": "نحن الآن بصدد ترتيب البرنامج وتدريب الكورال المشارك وهو كورال سيدة اللويزة بإدارة الأب خليل رحمة، بالإضافة إلى صياغة النوتات الموسيقية لناحية الترتيب والتوزيع، إلا أن التمارين الفعلية تنطلق قبل أسبوع واحد من موعد الحفل".
وأضاف أن "الكورال يتألف من 30 عنصراً أما الأوركسترا فهي مؤلفة من 30 عازفاً، وهو عدد كبير على المسرح".
أما بالنسبة للبرنامج الفني، فقال بعلبكي: "أسميناها الليلة اللبنانية لأن الأعمال جميعها لبنانية ومتنوعة"، واصفاً ما سيشهده الجمهور بـ"الرحلة" من التراث وصولاً إلى حقبة الثمانينيات، إذ أشار إلى أن "سنبدأ بلوحة تراثية وصولاً الى الخمسينيات والستينيات مع الرحابنة وزكي ناصيف، بالإضافة إلى صباح ونصري شمس الدين ووديع الصافي".
وأوضح بعلبكي أن "العمل جارٍ على صيغة موسيقية من شأنها جعل الفنانين الراحلين يغنون بأصواتهم الأصلية على المسرح برفقة العازفين، وذلك من خلال بعض التقنيات".
وتابع: "من بعدها سنصل إلى فترة السبعينيات والثمانينيات، بحيث سيسمع الجمهور أغانٍ قلّما يكون لها حضور في حفلات من هذا النمط على غرار أغنيات لعازار حبيب، مروان محفوظ، سلوى القطريب، هدى، مارسيل خليفة، زياد الرحباني وغيرهم".
وكشف بعلبكي أن الإختيار وقع على اسم "الليلة اللبنانية" لأن الفنان لا يمكن أن يكون بدون موقف ورسالة، مشيراً إلى أن "هذه الليلة تكرّم الفنّ اللبناني في الوقت الذي يمرّ به لبنان بمراحل صعبة ومصيرية خلال السنوات الأخيرة، فاخترنا إظهار تاريخ هذا البلد وثقافته العميقة والجميلة للمساهمة بالمحافظة على صورته".
وعن الحفلات الأخرى التي لاقت رواجاً كبيراً، تحدّث المايسترو عن حفلة الفنانة سمية بعلبكي في 1 حزيران في مئوية أم كلثوم مؤكداً أنها "نالت استحساناً واسعاً فاق التوقعات من قبل الجمهور وكانت الرسالة واضحة بأن الناس لا تزال ترغب وتحبّ سماع هذا النوع من الأغنيات والموسيقى الجميلة".
وأضاف: "من المفترض أن تعاد هذه الحفلة في شهر تموز في المكان عينه، أي في الـ"O" في بيروت".
وبالنسبة للمشاريع المستقبلية، كشف بعلبكي أن موسم الأوركسترا الفلهارمونية يعود في الخريف، حيث ستكون له حفلات معها خارج لبنان في رومانيا، مقدونيا وتركيا وذلك على صعيد حفلات الموسيقى الكلاسيكية، بالإضافة إلى مشاركته في حفلات للفنانة ماجدة الرومي في سلطنة عمان.
كما اعتبر أن الإقبال على الحفلات مشجّع، قائلاً: "ربما الناس تشعر بعطش للتخفيف عن نفسها في ظل الظروف الراهنة، إذ أن الفنّ يخلق للإنسان حالة من الإستقرار"، لافتًا إلى أن البلاد التي تحافظ على الفنون ستظل صامدة على الرغم من كل ما قد تمرّ به.
وأضاف: "أشجع الناس ليس فقط على حضور الحفلات للترفيه، بل على أن تستثمر بدعمها من خلال حجز بطاقة للمساهمة بإبقاء الثقافة واقفة على قدميها في هذا البلد ".
فلكلّ من اشتاق إلى فسحة من الثقافة والفنّ في هذا الواقع المجنون الذي نعيشه: وجهتك واضحة في صيف 2024، إلى البترون . ومن هناك، احفظ في قلبك وذاكرتك أجمل اللحظات وأغناها.