يُعتبر ردّ الأمين العامّ لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، يوم الأربعاء الماضي، على رسائل التهديد الإسرائيليّة المُتزايدة بشأن التحضير لشنّ حربٍ على لبنان، بمثابة إعلان جهوزيّة "المقاومة الإسلاميّة" لأيّ تصعيد من قبل إسرائيل، على الحدود الجنوبيّة. ويزداد القلق الغربيّ والأميركيّ من هكذا تصريحات، قد تُشعل المنطقة، وتُدخلها في نزاع دمويّ وتدميريّ، في الوقت الذي يُحاول فيه آموس هوكشتاين موفد الرئيس جو بايدن، تهدئة الأمور بين بيروت وتل أبيب.
وفي حين تستعدّ إسرائيل للحرب على لبنان، كما أعلن جيش العدوّ قبل أيّام قليلة، بعد المُوافقة على خطط الحرب التي وضعها، طُرِحَت فكرة في واشنطن، بتأخير المُساعدات العسكريّة الطارئة لتل أبيب. فهناك أعضاء في مجلس الشيوخ، يعتقدون أنّ عدم مدّ الحكومة الإسرائيليّة بالعتاد العسكريّ، سيمنعها من مُواصلة الحرب في غزة، وفي رفح، ومن فتح جبهة جديدة مع "حزب الله".
وتجدر الإشارة أيضاً، إلى أنّ دولاً عديدة، مثل كندا وإيطاليا، أوقفت بيع السلاح إلى إسرائيل، بعد استخدام القنابل الغربيّة لقتل المدنيين في غزة، وتدمير المنازل. ولكن، هناك ترقّبٌ في واشنطن، للقرار الذي سيصدر عن الإدارة الأميركيّة، بشأن إرسال طائرات "اف-15" جديدة إلى تل أبيب، أو عدمه، وخصوصاً وأنّه صدرت تقارير متضاربة تجاه هذا الموضوع.
ويقول محللون عسكريّون في هذا السياق، إنّ إسرائيل لم تكن لتذهب بعيداً في غزة، لو لم تُعلن أميركا على الفور، بعد هجوم "حماس" في 7 تشرين الأوّل الماضي، أنّها تقفّ بقوّة إلى جانب الحكومة الإسرائيليّة، وتُساندها في الدفاع عن نفسها، وفي استرجاع الرهائن الإسرائيليين. ويُضيف المحللون، أنّ إدارة بايدن زوّدت الجيش الإسرائيليّ بالأسلحة الثقيلة، والقنابل التي تخترق الحواجز، وتُدمّر الأنفاق، وعندما لاحظت واشنطن أنّ إسرائيل استخدمت هذه القذائف ضدّ المنظّمات الدوليّة والإغاثيّة، خفّفت من إرسال الشحنات إلى حليفتها في الشرق الأوسط، وأطلقت المُفاوضات التي يقودها هوكشتاين، لوضع حدّ للحرب في غزة، وعدم توسّعها إلى لبنان، مع اقتراب الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، وتعهد الرئيس السابق دونالد ترامب بأنّه قادرٌ على إنهاء التوتّر، من دون الأعمال العسكريّة.
ويرى المحللون، أنّ أميركا تعمل بالفعل على إعادة الهدوء إلى غزة وجنوب لبنان، لكنّها في الوقت عينه، لا تستطيع إيقاف الدعم العسكريّ لإسرائيل. ويُشيرون إلى أنّ الإدارة الأميركيّة حتّى لو تبدّلت، ستُكمل إرسال المُساعدات إلى تل أبيب، للحفاظ على تفوّقها على بقيّة الدول في الشرق الأوسط، وخصوصاً وأنّ قوّة "حزب الله" تتعاظم كثيراً، وأصبح يُنافس الجيش الإسرائيليّ برّاً وجوّاً وبحراً، وفي ظلّ وجود بلدان أخرى، جيشها من بين أفضل الجيوش في العالم، كمصر وتركيا، ومع تزايد التهديدات الإيرانيّة لإسرائيل، وقيام طهران بالتمدّد عبر سوريا ولبنان واليمن وفلسطين، عبر إنشاء فصائل مُسلّحة مُواليّة لها، ومُجهّزة بالمسيّرات والصواريخ البالستيّة، التي يصل مداها إلى العمق الإسرائيليّ.
ويُشدّد المحللون على أنّ ما يهمّ أميركا، هو أنّ تكون إسرائيل قادرة على حماية أمنها، والدفاع عن نفسها ضدّ "حزب الله" و"حماس" وإيران. ويُؤكّد المحللون أنّ واشنطن لن تحرم إسرائيل على المدى الطويل من المُساعدات العسكريّة، مع تزايد التهديدات من طهران، فهي من خلال تل أبيب، لا تزال تُحافظ على وجودها وعلى تفوّقها في المنطقة.
ويُتابع المحللون قولهم، إنّ أميركا ستستمرّ بالضغط على رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو لعدم التوسّع نحو لبنان، والإكتفاء بالحرب على "حماس"، مع العمل على مقترحات جديدة تُنهي النزاع الدائر في غزة، لأنّه السبيل الوحيد لإعادة الهدوء إلى جبهة جنوب لبنان، وتلافي أيّ تصعيدٍ خطيرٍ، قد يجرّ المنطقة كلّها إلى ساحة المعركة.