في زيارة مقررة مسبقاً، توجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى العراق في نهاية الأسبوع الماضي، مترئساً وفداً وزارياً أثمرت تحريكاً للملفات الاقتصادية في اطار تفعيل التعاون والتنسيق في المجالات ذات المصالح المشتركة، لا سيما في المجال النفطي حيث نجحت المحادثات في معالجة أزمة وقف تدفّق شحنات الفيول إلى بيروت، بسبب تخلف لبنان عن سداد مستحقات الجانب العراقي لعدّة أشهر.
وكتبت سابين عويس في" النهار": حملت زيارة ميقاتي والوفد المرافق عناوين عدة، معظمها ذات طابع اقتصادي تتصل باتفاقيات التبادل التجاري والنفط، من دون ان يغيب عنها الطابع السياسي والامني في ما يتصل في التفاهم على مستوى التعاون والتنسيق الامني في مجال مكافحة الارهاب وملاحقة تجارة المخدرات الناشطة بين البلدين. كما تناولت ايضاً المحادثات مشكلة التأخير في انجاز معادلات الشهادات للطلاب العراقيين في لبنان.
وفي حين شكلت المحادثات التي اجراها ميقاتي مع نظيره العراقي محمد شياع الشوداني او تلك التي اجراها اعضاء الوفد مع نظرائهم مناسبة لاستكمال التحضيرات الثنائية لانعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في نهاية ايلول المقبل، فإن الإنجاز الابرز لها تمثل في معالجة مشكلة توريد النفط العراقي إلى لبنان لتشغيل محطات انتاج الطاقة، بعدما بلغت الأزمة الناتجة عن تخلف لبنان عن سداد مستحقاته مستوى تهديد البلاد بالعتمة الشاملة، وهو ما حذر منه وزير الطاقة قبل ايام من الزيارة، مهدداً بتوقف الانتاج، ليعود بعد الزيارة ليبشر بأن الأزمة قد حٌلت، وان شحنات الفيول ستصل تباعاً في الايام القليلة المقبلة.
علماً ان الانفراج المتوقع للازمة لم يكن نتيجة سداد لبنان مستحقاته، وانما نتيجة تفهم الحكومة العراقية للوضع الاستثنائي الذي يؤخّر التئام مجلس النواب لإقرار القانون اللازم لتغطية العقد وأوامر الدفع والتحويل، وهذا منتظر بأقرب فرصة، وفق ما اعلن فياض في تصريح لمنصة الطاقة المتخصصة في واشنطن، الذي سبق وكشف ان الاعتمادات مرصودة في وزارة المال ولكن العثرة ادارية!
وكان ميقاتي استدرك الوضع الناشىء بإدراج اسم فياض ضمن عداد الوفد الرسمي في اللحظة الأخيرة، مشترطاً عليه الالتزام بعدم الإدلاء بأي تصريح من شأنه ان يؤثر على الاجواء الايجابية التي سادت المحادثات. وحرص ميقاتي على اجراء تقييم للزيارة بعد عودته عبر تثمينه الدعم الكامل الذي يقدمه العراق في مختلف المجالات، متوجهاً بالشكر إلى رئيس الحكومة العراقية لتوفير المساعدات ولا سيما النفطية منها لتشغيل محطات انتاج الطاقة.
والواقع ان ما حققه لبنان لا يتعدى فترة سماح اضافية قائمة على العلاقة السياسية مع العراق والتي يعول عليها ميقاتي من جهة وعلى الوعد الذي منحه لنظيره العراقي باعادة جدولة الديون المستحقة من جهة اخرى، والبالغة حتى نهاية السنة الجارية ٥٠٠ مليون دولار، فيما تبلغ المستحقات المقدرة للسنة المقبلة ٧٠٠ مليوناً.