لا يزال رئيس "التيار الوطني الحرّ" جبران باسيل يحاول الالتفاف على الأزمة السياسية اللبنانية من أجل القيام بخطوات مرتبطة بأزمته الحزبية لتحقيق بعض الإنجازات التي لم يكن قادراً على تحقيقها في ظلّ الإستقرار، ذلك لأنّ الأضواء كانت ستُوجَّه اليه بشكل لافت، أما الان فهو يستطيع الذهاب الى هذه الخطوات بما أن الرأي العام منشغل بهاجس الحرب.
وعلى هذا الأساس، أقدم باسيل على فصل النائب ألان عون من "التيار"، وهذه واحدة من الخطوات التي لم يكن قادراً على القيام بها في مرحلة سابقة، لكنّ باسيل اليوم لم يتريّث ابداً بل سعى الى استغلال لحظة الذروة من التوتّر العسكري بين "حزب الله" والعدوّ الاسرائيلي من جهة والتأهب الحاصل في المنطقة من جهة أخرى من أجل المبادرة الى اتخاذ قرارات تنظيمية والتخلّص من أبرز منافسيه في مرحلة ما بعد الرئيس ميشال عون.
فصلُ آلان عون من "التيار" تلاه إعلان النائب سيمون أبي رميا إستقالته من "الحزب البرتقالي"، مؤكداً في بيانٍ له أنه "النائب المواطن". ساعات مضت على صمتِ "التيار" بشأن خطوة أبي رميا حتى صدر بيانٌ عن اللجنة المركزية للإعلام في "الوطني الحر"، مساء الأربعاء، علّقت فيه على ما حصل، مشيرة إلى أنها "لم تتفاجأ بقرار أبي رميا كونه يندرج في مسار سياسي مخالف للنظام اتّبعه منذ مدّة طويلة".
"التيار" اتهم أبي رميا أيضاً بأنه "يتصرف بالأصوات الانتخابية الممنوحة له على هواه، ويستقيل من "التيار" فيما يحتفظ بموقعه النيابي الذي أوصله اليه "التيار".
أمام ما يجري من تفكّك، فإنّ التساؤلات كثيرة عن مُستقبل كتلة "التيار" البرلمانية نظراً لأنها باتت تخسرُ "أرقاماً صعبة" مثل آلان عون وسيمون أبي رميا. إلا أنهُ في الوقت نفسه، يعملُ "التيار الوطني الحر" ورئيسه جبران باسيل على اعادة التموضع السياسي ساعياً الى ترميم العلاقة مع "حزب الله" من خلال خطاب واضح وعلني داعم للمقاومة والسلاح والمعركة في الجنوب، وهذا الامر من شأنه أن يؤدّي حتماً الى عودة التقارب بين الطرفين وقطع الطريق على طموحات بعض الافرقاء السياسيين للفوز برضى "الحزب" وتحقيق مكاسب سياسية .
هذا الامر مرتبط أيضاً بالأزمة "العونية"، إذ إن "التيار" يرغب بإبعاد أي معارض عن بيته الداخلي، ويسعى لأن يصبح باسيل الحاكم بأمره من دون نقاش، وهذا سيحصل في حال لم يقُم أحد من النواب المعارضين الذين بقيوا في "التيار" بأي رد فعل على فصل عون، حينها سيضمن باسيل ولاءهم الى الأبد وسيكسب المزيد من القوة والدفع السياسي في حال قبل "حزب الله" بعودة التقارب معه مجدداً.
يلعب باسيل على الوتر السياسي والتنظيمي في آن معاً، لذلك فمن المتوقّع أن يسير بخطوات جديدة سياسية واعلامية او تنظيمية في حال ارتفع صوت المعارضة في "البيت العوني" من قِبل نواب هُم في الأصل حلفاء آلان عون وسيمون أبي رميا.. والسؤال هنا: هل ستُكرّ سُبحة الإستقالات أكثر؟ وهل سيصبح التمرّد داخل "التيار" أكثر بروزاً وعلانية في المرحلة المُقبلة؟