Advertisement

لبنان

التفاعل الإسرائيلي مع ردّ "حزب الله".. إرباك لا تحجبه الضربة الاستباقية!

حسين خليفة - Houssein Khalifa

|
Lebanon 24
27-08-2024 | 07:00
A-
A+
Doc-P-1239518-638603550397591143.jpg
Doc-P-1239518-638603550397591143.jpg photos 0
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
A+
A-
facebook
facebook
facebook
telegram
Messenger
ليس خافيًا على أحد أنّ "حزب الله" أراد أن يضرب أكثر من عصفور بحجر ردّه على الهجوم الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، فهو أراد أن يكرّس مبدأ حتميّة الرد غير القابلة للجدل، ولكنه أراد أيضًا أن يثبّت معادلات "الردع" النارية إن صحّ التعبير، ومعها قواعد الاشتباك مع العدو، بما يتيح إعادة جبهة الإسناد المفتوحة منذ الثامن من تشرين الأول الماضي إلى ما قبل هجوم الضاحية.
Advertisement

لكنّ ما ليس خافيًا على أحد أنّ إسرائيل حاولت "الالتفاف" على ردّ "حزب الله" بمجموعة من الخطوات، التي حاولت من خلالها الترويج لـ"نصر" استخباراتي وأمني في مقابل "فشل تكتيكي" مُنِيَ به الحزب، وهو ما تجلّى بشكل خاص بالضربة الاستباقية التي نفّذتها القوات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، في هجومٍ وُصِف بالأعنف منذ حرب تموز 2006، معطوفة على الدعاية التي روّجت لها حول "إجهاض" مخطّط الحزب الحقيقيّ، خلف الهجوم.

 

وبالطريقة نفسها، تعاملت إسرائيل مع ردّ الحزب بعد اكتمال مراحله، التي أعلن عنها في بياناته المتلاحقة والمتعاقبة، لتؤكد إخفاقه في ضرب أيّ مركز حسّاس، بل في تحقيق أيّ إنجاز، حتى خُيّل للبعض أنّها لم تدرك "هدف" الهجوم قبل أن يكشفه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في خطابه المسائي، وهو ما رسم علامات استفهام حول الأداء الإسرائيلي، الذي اعتبر كثيرون أنه يعكس "إرباكًا" لم تنجح الضربة الاستباقية في التخفيف من وقعه...


ضربة استباقية لم تمنع الردّ


من خلال الضربة الاستباقية التي نفذتها إسرائيل قبل بدء ردّ "حزب الله"، حاولت أن تُظهِر مرّة أخرى "تفوّقها الاستخباراتي"، باعتبار أنّها "كانت تعلم" بما خطّط له الحزب، ولو أنّ المعلومات وصلتها في ربع الساعة الأخير، علمًا أنّ أجهزتها الأمنية والاستخباراتية بقيت على مدى أكثر من 20 يومًا، متأهّبة ومستنفرة بانتظار الردّ، الذي كانت أسهمه ترتفع حينًا، وتنخفض حينًا آخر، وهو ما عدّه الحزب أساسًا "جزءًا من الرد، وجزءًا من العقاب".

وبعد ضربتها الاستباقية، تعمّدت إسرائيل الترويج لـ"نصرٍ" حقّقته، ليس فقط عبر إحباط ما كان الحزب يخطّط له عمليًا، عبر إسقاط آلاف الصواريخ على تل أبيب، الأمر الذي نفاه الحزب بوصفه "ادعاءات فارغة"، ولكن أيضًا عبر تصريحات لمسؤوليه وفي مقدّمها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، اعتبر فيها ما حصل خطوة أولى على طريق إنهاء الوضع القائم، وبالتالي إعادة المستوطنين إلى بيوتهم ومنازلهم في جبهة الشمال.

لكنّ الحقيقة التي لم يكن بالإمكان تجاوزها، بحسب ما يقول العارفون، تكمن في أنّ الهجوم الإسرائيلي الاستباقي، مع كلّ البروباغندا التي أحاطت به، لم ينجح في ثني "حزب الله" عن الإقدام على ردّه، أو منعه، بل إنّ الحزب أفرغ الضربة من مضمونها، حين أعلن أنّ الرد حصل كما كان مخططًا له، وأنّ الخطة كانت تقضي بإطلاق 300 صاروخ لا أكثر، فكانت النتيجة أن كل هذه الصواريخ أطلِقت، "مع حبّة مسك"، هي عبارة عن 40 صاروخًا إضافيًا.

"انتهى الأمر"

في تقييم ردّ "حزب الله" على هجوم الضاحية واغتيال قائده العسكري، ثمّة من رأى أنّه جاء "شكليًا"، وكأنّ الهدف منه كان "الردّ لمجرد الرد"، وثمّة من أعطاه أبعادًا مختلفة، لناحية المعادلات الأساسية التي ثبّتها، خصوصًا على مستوى الردع، ليتقاطع أصحاب الرأيين على ثابتة شبه وحيدة، هي أنّ الحزب "فصّل ردّه" بطريقة لا تؤدي إلى الانجرار إلى حرب إقليمية أو واسعة أو شاملة، كان الكثيرون يهدّدون أن الرد يمكن أن يدفع قدمًا باتجاهها.


لكن، إذا كان هناك من قرأ في الأمر "نقطة ضعف" للحزب، باعتبار أنّه رفع السقف عاليًا، لتأتي النتيجة أقلّ من التوقعات والطموحات ربما، بدليل ترحيل "استكمال الردّ" إن وجدت القيادة أنّه غير مُرضٍ إلى "وقتٍ آخر"، فإنّ هناك من وجد في التعاطي الإسرائيلي مع الردّ، "نقطة ضعف" أكبر، فالعدو الذي حاول استباق الرد بهجومٍ لم يمنعه، تلطى خلفه ليقول إنّ "لا داعي للرد"، خلافًا لكل تهديداته ومعادلاته المعتادة، عن أنّ أيّ رد، مهما كان، سيستوجب ردًا في المقابل.


وعلى الطريق نحو "إعفاء" الإسرائيلي نفسه من الرد على الرد، باعتبار أنّ "الأمر انتهى"، وأنّ الكرة في ملعب "حزب الله"، لا العكس، يسجّل العارفون العديد من المفارقات في الأداء الإسرائيلي، لعلّ أهمّها لجوؤه إلى "المبالغة الفاضحة"، خصوصًا عند حديثه عن مخطّط الحزب بإسقاط آلاف الصواريخ على تل أبيب، الأمر الذي يعرف القاصي والداني أنه غير وارد، ليس لأنه يتجاوز "ضوابط" الحزب فحسب، ولكن لأنّه إن حصل، يشكّل "إعلان حرب".

بأقلّ الأضرار إذاً، انتهت صفحة "الرد" بين "حزب الله" وإسرائيل، على خلفية اغتيال القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر، من دون أن تطلق شرارة الحرب الواسعة، التي يلوح شبحها في الأفق. لكنّ هذه الأضرار لا تبدو بقليلة على مستوى هيبة الردع في إسرائيل، التي كان أيّ هجوم من نوع "عملية الأربعين" كفيلاً في ما مضى بإشعال حربٍ كبرى، فإذا به اليوم ينتهي على شعار "الأمر انتهى، ويمكننا طيّ الصفة"! 
تابع
Advertisement

أخبارنا عبر بريدك الالكتروني

إشترك

حسين خليفة - Houssein Khalifa