بعد يوم الأحد الذي شهد على أحد أخطر الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله منذ بدء معركتهما عبر الحدود قبل عشرة أشهر، بدا الجانبان وكأنهما تراجعا عن حافة مواجهة أكبر.
وكتب جوليان إي. بارنز في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أنه حتى ولو أمكن تجنب حرب أوسع في الشرق الأوسط في الوقت الحاضر، فإن المحللين يقولون إن نزاع إسرائيل مع حزب الله، بالتوازي مع القتال ضد حماس في قطاع غزة، يدلان على أن الديناميات الأساسية لم تتغير.
وعاد حزب الله وإسرائيل الإثنين، إلى نزاعهما ذي الوتيرة المنخفضة مع ضربات صغيرة، على رغم أن التصعيد وارد في أية لحظة، ليتحول إلى حرب أكبر تنجر إليها إيران، حليفة حزب الله.
ولا يزال مئات الآلاف من الأشخاص في إسرائيل ولبنان نازحين عن بيوتهم بسبب القتال، فيما لم ترد إيران عسكرياً بعد على اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران الشهر الماضي.
لا تغيير استراتيجياً
وقالت المحللة في منتدى السياسة الإسرائيلية للأبحاث في نيويورك شيرا إيفرون إنه "من الناحية الاستراتيجية، لم يتغير الوضع ولا نزال حيث كنا"، لافتة إلى أن هدنة في لبنان تعتمد على هدنة في غزة، التي تبقى بعيدة المنال.
وانتهت أربعة أيام من الاجتماعات بين مسؤولين إسرائيليين ووسطاء أميركيين مصريين وقطريين في القاهرة الأحد، من دون تحقيق أي اختراق، على رغم أن المفاوضين قالوا إن المحادثات ستستمر.
كذلك، يقول "حزب الله" إنه سيواصل معركته حتى توافق إسرائيل على وقف للنار في غزة.
وصرح الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في خطاب الأحد، أن الحزب يحتفظ بحق الهجوم مجدداً، انتقاماً لاغتيال إسرائيل القائد العسكري البارز فؤاد شكر.
ولفتت إيفرون إلى أن "هذا يعني عملياً مواصلة حرب الاستنزاف، مع مخاطر دائمة بالتصعيد من دون أن تلوح نهاية في الأفق، وأضاف: "في الوقت نفسه، تتواصل معاناة مئات آلاف الإسرائيليين وملايين الفلسطينيين في ظل تأرجح المنطقة على حافة الهاوية".
وقف النار
وسيعود التركيز في الوقت الحاضر إلى محادثات وقف النار في غزة، التي تبدو متعثرة على رغم دفعة جديدة من الولايات المتحدة وتصريحات متفائلة من مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن.
ولا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعارض بنوداً في الهدنة المقترحة التي ستجعل من الصعوبة بمكان على إسرائيل استئناف القتال بعد وقفة تستمر أسابيع، مجادلاً بأن مثل هكذا اتفاق سيتيح لحماس الخروج سليمة من الحرب.
ويعتمد ائتلاف نتنياهو اليميني المتطرف على نواب تعهدوا بإسقاط حكومته في حال وافق على مثل هذا الاتفاق، على رغم أن إسرائيليين كثيرين يطالبون علناً باتفاق، ويقولون إنه الطريقة الوحيدة لإطلاق عشرات الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين في غزة.
وحماس من جهتها مصممة على البقاء قوة في غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وتقول إنها ترفض أي اتفاق لوقف نار ذي طبيعة مؤقتة ولا يضمن انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من غزة.
وترفض الحركة مع القاهرة إصرار نتانياهو على الاحتفاظ بوجود عسكري على طول شريط ضيق على حدود القطاع مع مصر، والذي تعتبر إسرائيل أنه أمر ضروري لمنع حماس من إعادة تسليح نفسها عبر التهريب.
ويقول مدير مركز أفق للأبحاث في رام الله إبراهيم دلالشا: "يُطلب من حماس القبول باحتلال إسرائيل للقطاع، كلياً أو جزئياً.. إن مجرد الطلب منهم حتى درس مثل هذا الشرط يعتبر بمثابة طلب الانتحار، سياسياً.. إن هذا ما لن توافق عليه حماس مطلقاً". (24)