كتب عباس صباغ في" النهار": لم تكن ولادة القرار الدولي 1701 في 12 اب عام 2006 عادية. فالقرار جاء بعد عدوان اسرائيلي على لبنان استمر من 12 تموز وحتى صبيحة يوم الاثنين في 14 اب من ذلك العام ، أي حتى لحظة دخول القرار حيز التنفيذ. ولم يعلن لبنان الرسمي يوماً انه ضد تطبيق القرار 1701 ، وكرر رؤساء الجمهورية والحكومات المتعاقبة التمسك بالقرار، وفي الوقت عينه كانت المطالبة بإلزام اسرائيل تنفيذه .
وعليه كان التمسك به هو المحدد الاساسي للخطاب الرسمي ، اما في ظل الحرب الدائرة رحاها راهناً فكان تجديد للموقف وهو ما عبر عنه #رئيس مجلس النواب#نبيه بري في خطابه في الذكرى الـ46 لتغييب #الامام موسى الصدر .
موقف بري لا يختلف مع موقف الحكومة وان كان ذلك القرار صدر كتتويج لانهاء عدوان تموز عام 2006 ، وان مراجعة المشاركين في مفاوضات اقراره ومنهم وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم ال ثاني تؤكد ان تل ابيب كانت مستعجلة لاصداره . فالقرار فرض وقف الاعمال العدائية من دون ان ينص على وقف كامل لاطلاق النار ، وكذلك لم تنفذ مندرجاته كافة ولا سيما الانسحاب من كامل الاراضي اللبنانية .
بيد ان التمسك بالقرار هو رسالة للخارج ولتل ابيب، وان خلاصة ذلك الموقف تكمن في ان كل المبادرات الخارجية وزيارات الموفدين المعلنة منها وغير المعلنة ، لن تصل الى فرض وقائع جديدة لا تتماشى مع المصلحة اللبنانية وجاء قرار التجديد لقوة "اليونيفيل" الاخير ليكرس الخيار الرسمي والحؤول دون ادخال تعديلات على القرار الاممي وذلك انطلاقاً من مسلمات عدة من ابرزها ان لا قواعد ولا اجراءات امنية تسبق تنفيذ القرار، وان تنفيذ الاخير يجب ان يكون مقروناً بمعالجة كل العناوين الخلافية والتي لا تزال قائمة منذ ما قبل اصدار القرار 1701 ، ومن ابرزها الانسحاب الاسرائيلي من النقاط المتحفظ عليها لبنانياً منذ العام 2000 ، وكذلك الانسحاب من القسم الشمالي من خراج الماري ( القسم الشمالي المحتل من بلدة الغجر، واعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا فضلاً عن استعادة نقطة B1 ، في راس الناقورة وهو الامر الذي لم يتنازل عنه لبنان في اتفاق تثبيت الحدود الذي رعته الامم المتحدة في تشرين الاول من العام 2022 .
اما المسلمة الاخرى والثابتة التي يتمسك بها لبنان وكذلك "حزب الله" فهي وقف الخروقات الجوية والبحرية للسيادة اللبنانية.
وفي خلاصة الموقف الرسمي ان لا منطقة عازلة في الجنوب اللبناني ، عدا انه لا ترتيبات امنية قبل وقف الحرب . اما موقف "حزب الله" من القرار 1701 فهو معروف وسبق لقيادته ان ابدت ملاحظات على طريقة تطبيقه والانتقائية المعتمدة لجهة عدم وجود قوات اممية لحفظ السلام على الجانب الاسرائيلي والاكتفاء بالجهة اللبنانية .
اما لجهة انسحاب "حزب الله" لمسافة كيلومترات من الحدود فإن الرد كان من خلال تأكيد الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله ان لا جدوى لذلك طالما ان مديات الصواريخ التي تستخدمها المقاومة تفوق المسافات التي طالب الموفدون الدوليون بالتراجع اليها. اضافة الى انه لا وجود علنيا للمقاومة على طول الحدود ولا مراكز عسكرية لها. والاهم من ذلك كانت اشارة نصر الله الى اطلاق المسيرات من شمال الليطاني ومن البقاع وبالتالي افراغ كل الاقتراحات المتعلقة بالمنطقة العازلة من مضمونها ، لتنضم الى الاقتراحات السابقة ومنها اقامة ابراج على الحدود.وووفق ذلك فإن اليوم التالي للحرب لن يحمل تغيرات لافتة لجهة الاوضاع على الحدود او على الاقل لن تكون ترتيبات لا تخدم لبنان .
لا تشبه ظروف اقرار القرار 1701 ما يشهده لبنان والمنطقة اليوم ، فذلك القرار لم يصدره مجلس الامن الدولي تحت الفصل السابع ، لكنه بات اقرب الى ذلك الفصل منه الى الفصل السادس ، ولكن هذا لا يعني البتة تحويل قوات حفظ السلام الى قوات ردع ، وان مهمتها الاساسية هي مؤازرة الجيش اللبناني على الحدود من دون ان تكون من صلاحياتها منع الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على لبنان.
وعليه تركزت الاتصالات الدولية والإقليمية التي اجراها لبنان طيلة السنوات الفائتة ، وكانت ترتفع وتيرتها قبل التجديد الدوري لقوة "اليونيفيل" على قاعدة التزام لبنان تطبيق القرار بعد 18 عاماً على إصداره ، وأن إسرائيل تتحمل مسؤولية حيال الصعوبات التي حالت دون تطبيقه بسبب إصرارها على خرق الأجواء اللبنانية براً وبحراً وجواً وصولاً إلى تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي فوق سمائه واستخدامه للقيام بغارات ضد سوريا.