لا تزال العيون السياسية تترقب التطورات على صعيد الجبهة الجنوبية باعتبار أن معظم الملفات الأمنية والسياسية والرئاسية والاقتصادية مرتبطة بنتائج هذه المواجهة المرتبطة بدورها بالنتائج العسكرية والأمنية والسياسية للحرب في غزة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وحافظ الوضع الميداني في الجنوب على نسبة عالية من التوتر فيما قال الجيش الإسرائيلي إن ضربات إسرائيلية أصابت أهدافاً تابعة لـ«حزب الله»، الأربعاء، بعد إطلاق عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل، ما أدى إلى اندلاع حرائق دون أن تتسبب في أضرار بالغة، مشيراً إلى أن نحو 65 قذيفة أُطلقت من لبنان، اعترضت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية بعضها، وسقط بعضها في مناطق مفتوحة.
وجدّد لبنان موقفه الرافض للحرب والمتمسك بتطبيق القرار 1701، بحسب ما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النائب فادي علامة بعد انتهاء جلسة للجنة، عُقدت بحضور وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، الذي قال إن المبعوث الأميركي آموس هوكستاين مستعد للمجيء إلى لبنان بعد وقف إطلاق النار لإنهاء موضوع الحدود.
ولفت علامة بعد اللقاء إلى أن البحث مع بوحبيب تناول القرار 1701 ومسار المفاوضات المتعلقة بالنقاط الـ13 التي يطالب بها لبنان والتي ترتبط بسيادته الكاملة، مجدداً التأكيد على أن «موقف لبنان واضح من أنه مع تطبيق هذا القرار كما أنه لا يريد الحرب وعلينا أن نرى ماذا يريد الإسرائيلي وما هي مخططاته»، ولفت إلى أن «وزير الخارجية أكد في كل اتصالاته أن الدول الكبرى الأساسية المعنية بالمنطقة تدعم موقف لبنان بألا تكون هناك حرب وتقوم بكل الضغوط لعدم تنفيذ الأطماع الإسرائيلية».
ولفت علامة إلى أنه كان هناك تأكيد من بوحبيب على موقف لبنان الرسمي الرافض لـ«التوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل وأنه سيكون آخر من يوقع إلا إذا جرى حل للدولة الفلسطينية وعودة الفلسطينيين إلى بلادهم»، مشدداً على أن «لبنان بحاجة اليوم إلى الهدوء وإلى أن تتفهم الدول المعنية بالملف اللبناني أن لبنان لديه أراضٍ محتلة وهو موضوع سيادي كما أن من حقه المطالبة بها».
ونقل علامة عن بوحبيب قوله إن «المبعوث الأميركي آموس هوكستاين مستعد للمجيء إلى لبنان في اليوم الثاني لوقف إطلاق النار من أجل استكمال المفاوضات وننهي موضوع الحدود المثبتة أصلاً وموجودة منذ 1949 وهذا ما يطالب به لبنان».
وذكرت «البناء» أن الرسائل الأميركية والأوروبية والعربية لم تتوقف حاملة المطالب الإسرائيلية مرفقة بتهديدات بلغات مختلفة من أن إسرائيل لن تسكت لوقت طويل على الوضع القائم على الحدود لما يسببه هذا الملف من ضغط وإحراج كبير لحكومة نتنياهو. وجدّدت مصادر مطلعة في فريق المقاومة التأكيد على أن رؤية المقاومة وتوجهها وسلوكها لم يتغير تجاه الحرب في غزة، لا على صعيد استمرار جبهة الإسناد رغم كل التضحيات والتهديدات والضغوط الأميركية الإسرائيلية، ولا على صعيد تطبيق وحماية المعادلات الردعية التي وضعها السيد حسن نصرالله ويطبقها المقاومون في الميدان، ولا على صعيد استعداد المقاومة وجهوزيتها بكافة مستوياتها وفرقها لأي احتمال أو حماقة تقدم عليها قيادة العدو للخروج من أزماتها المتعدّدة. وأكدت المصادر أن أي مفاوضات أو طروحات يحملها الموفدون الى لبنان فإن قيادة المقاومة غير معنية بها ولن تناقش أي مقترح ولن تلتزم بأي اتفاق على الحدود قبل توقف العدوان على غزة، ولذلك فإن زيارات المبعوثين والرسل الأجانب إلى لبنان هي مضيعة للوقت ولا تقدم ولا تؤخر ولن ينجح العدو بانتزاع مكاسب سياسية وأمنية في المفاوضات ما عجز عن انتزاعه في الحرب والاغتيالات والعدوان على المدنيين، كما لن تمنح المقاومة في لبنان أي هدية مجانية للعدو لحل أزمته الكبيرة والخطيرة مع مستوطنيه في شمال فلسطين المحتلة والتي تحوّلت الى خلاف سياسي كبير بين المستوطنين والحكومة، ولذا فإن الموقف النهائي هو أن المقاومة مستعدة بعد توقف العدوان على غزة لمناقشة أي طروحات بين المبعوثين والحكومة اللبنانية.
وفي سياق ذلك،كشف موقع «أكسيوس» أن «لقاء افتراضياً عُقد بين مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أمس لمناقشة سبب تخفيف التوترات بين لبنان وإسرائيل، ومنع حرب شاملة بين تل أبيب وحزب الله». وذكر الموقع أنّ «الاجتماع الذي لم يُعلن عنه البيت الأبيض أو الحكومة الإسرائيليّة، بادرت إليه إدارة الرئيس جو بايدن لجسّ نبض الجانب الإسرائيليّ وتنسيق سياساتهما بشأن الوضع في لبنان. واستمرّ الاجتماع الافتراضي لمدّة ساعة، وترأّسه مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، وشارك فيه مستشارا الرئيس الأميركي عاموس هوكشتين وبريت ماكغورك». وتمثّل الجانب الإسرائيلي برون ديرمر، وزير الشؤون الإستراتيجية المقرّب من رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو. ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي أن الطرفين «ناقشا كيفية التوصل إلى حل دبلوماسي طويل الأمد لإنهاء القتال بين إسرائيل وحزب الله في سيناريو يتم فيه التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والسماح لمئات الآلاف من النازحين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى منازلهم على طول الحدود، كما ناقشا كيفية تهدئة القتال في السيناريو الأكثر احتمالاً في الوقت الحالي وهو عدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في الأمد القريب». وشدّد الجانب الإسرائيلي على أن «مطلب تل أبيب الرئيسي هو أن يتضمن أي اتفاق دبلوماسي مع لبنان، انسحاب قوّة الرضوان النخبوية التابعة لحزب الله مسافة 10 كيلومترات على الأقل من الحدود. وأكّد الجانب الإسرائيلي خلال الاجتماع أن مفتاح مثل هذه الصفقة هو التأكد من أن مسلحي حزب الله غادروا بالفعل المنطقة القريبة من الحدود ولم يعودوا إلى هناك. كذلك، يقولُ المسؤولون إن الإسرائيليين يطالبون بتعهد من الولايات المتحدة بدعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد قوات حزب الله في حال عودتها إلى الحدود». وقال المسؤول الإسرائيلي إن «هوكشتين قال في الاجتماع إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يؤدي إلى خفض التصعيد في لبنان».