على الرغم من الحرب التي لم تتوقف آلتها التدميرية عن قصف الجنوب بشكل يومي، قرّر اللبناني أن يقلب معادلة السياحة التي تأثرت بشكل واضح خلال هذا الصيف، إذ عانت المؤسسات بشكل كبير من تبعات تمنّع المغتربين والسياح الأجانب من القدوم إلى لبنان.
هذه السوداوية من الخارج قوبلت برغبة داخلية بإنعاش السياحة في الداخل، خاصة قبل بدء المدارس، وإصرار الأهالي على توفير جو إيجابي لأولادهم بعيدا عن حالة التوتر التي يعيشها اللبنانيون يوميًا. وما تشهده الطرقات اللبنانية خلال فترة الليل من زحمة سير خانقة خير دليل على ذلك.
فمن المطاعم، إلى المقاهي، ومحال الثياب، فان الحركة ولو كانت خفيفة نسبيًا إلا أنّها غير منعدمة، وهذا ما يعطي أملا لأصحاب المتاجر الذين تماهوا مع الوضع القائم، ويحاولون تدارك الخسائر من خلال استقطاب الزبائن وتوفير عروض متعددة تراعي الوضع الإقتصادي، إذ تسمح للبنانيين بالتسوق والتبضع قبل موسم الشتاء، وهذا ما يؤكّد عليه بسّام، وهو صاحب محل لبيع الثياب، إذ اشار لـ"لبنان24" إلى أن الحسومات الأخيرة التي عرضتها المحال، خاصة في مناطق التسوق المعروفة سواء داخل بيروت أو خارجها ساهمت بتحريك العمل، ووفّرت مدخولا لأصحاب المحلات بدلا من التحسر على البضائع المكدّسة. ويؤكّد بسام أن الحركة الداخلية ساهمت في تحريك السوق، وأثّرت بشكل إيجابي على العمل خاصة بعد هدوء الأمور نسبيا وانخفاض التهديد بشنّ حرب شاملة.
ولكن ماذا عن السياحة الداخلية وحجوزات الأعياد؟
بعيدًا عن استقبال السيّاح من الخارج، تحوّل عمل عدد من مكاتب السفر إلى العمل على تنظيم رحلات للبنانيين، خاصة بالنسبة للمجموعات الكبيرة التي تقرّر أن تتفسح داخل لبنان.
من هنا، تشهد العديد من المعالم السياحية حركة بارزة ولافتة جدًا، إذ تعج العديد من النقاط باللبنانيين الذين أنعشوا هذه المعالم وذلك من خلال الرحلات المنظمة التي يقومون بها، والتي تؤثر في طبيعة الحال على العديد من المؤسسات الأخرى كالمطاعم وأماكن التسوق وغيرها من النقاط الإقتصادية التي تعتبر سلسلة مترابطة ببعضها البعض.
وعليه، تشير المديرة في "Lebanon Tours And Travels" فاطمة بيضون إلى أن نسبة إقبال السياح الأجانب بعد ضربة الضاحية الأخيرة انعدمت بشكل كامل.
وتقول بيضون أن أميركا وأوروبا تصنّف لبنان في الوقت الحالي منطقة خطر، وهذا ما أثّر على عملية الحجوزات من هذه البلدان، موضحة أنّ حركة العمل تتراوح بين 0 و0.5% بالنسبة لهذه البلدان، على عكس السنة الماضية حيث وصلت نسبة الحجوزات من أوروبا وأميركا واستراليا إلى 100% خلال شهر أيلول، واضطرت الشركة إلى توظيف سائقين جددا واستئجار عدد أكبر من السيارات.
وتؤكّد بيضون أن حجوزات الأعياد كان من المفترض أن تبدأ بالنسبة إلى هذه الدول من هذا الشهر، إلا أن حجم الإستفسارات إلى حدّ الان صفر، موعزة الأمر إلى قرار حكومات هذه الدول التي نبّهت مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان.
وتشير بيضون إلى أن الأمر بالنسبة إلى المكاتب التي تتعامل مع البلدان العربية مختلف، إذ لا يزال بعض السياح العرب خاصة من العراق ومصر والأردن يتوافدون ولو بشكل محدود إلى لبنان، وهذا ما يساهم بعمل هذه المكاتب.
هذا الأمر تؤكّد عليه المديرة المالية في مكتب السفر والسياحة "Nakhal & Cie" نادين شحمي التي تشير خلال اتصال مع "لبنان24" إلى أن السوق الأوروبي شبه متوقف حاليًا على عكس السوق العراقي.
وتشير شحمي إلى أن الاعتماد اليوم بات على السياحة الداخلية في لبنان، وذلك من خلال تنظيم رحلات، مع التحضير لموسم الشتاء، حيث تقوم العائلات اللبنانية بتنظيم رحلات تتناسب والموسم.
وتوضح شحمي أن اللبناني، بطبيعة الحال، يفضل اللجوء إلى مكاتب السياحة في حال قرّر الذهاب في رحلات بعيدة إلى الأماكن السياحية المعروفة في لبنان، خاصة في مناطق الشمال وإهدن والبقاع.
وأملت شحمي انتهاء الحرب في الجنوب، ولما لذلك من تأثير كبير على السياحة في لبنان، إذ أشارت إلى أن موسم الأعياد مرتبط بشكل كامل بإنهاء الحرب التي من شأنها أن تعيد استقطاب العرب خلال الأشهر المقبلة، بالاضافة إلى تحفيز الأوروبيين والأميركيين على قضاء عطلة الأعياد في لبنان.
وتؤكّد شحمي أن حجوزات الأعياد لم تنطلق بعد، وذلك بسبب التخوّف من تطوّر الأمور على الجبهة الجنوبية.
على صعيد اخر، يشير نائب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري خليل نزهة إلى أن الضربات المتتالية من قبل العدو الإسرائيلي أثّرت بشكل مباشر على عمل المؤسسات السياحية ومن ضمنها المطاعم.
ويؤكّد نزهة خلال اتصال عبر "لبنان24" أن المطاعم حاليا تعتمد على العنصر اللبناني مع افتقاد السياح، وتعوّل على نشاط السياحة الداخلية الذي من شأنه أن يؤثر على سلسلة كبيرة من الأعمال الإقتصادية.
وشدّد نزهة على أن الخوف اليوم من استمرار الحرب مع اقتراب موسم الأعياد وموسم السياحة الشتوية، مؤكدًا أن الحل يتلخص بإعادة الأمن والإستقرار.