كتبت هيام عيد في "الديار":
إزاء الإجرام غير المسبوق المتمثل بالهجومين الأخيرين، عبر التفجيرات المتزامنة لأجهزة "البايجر" واللاسلكي، التي أوقعت عشرات الشهداء ومئات الجرحى في مناطق مختلفة على امتداد الأراضي اللبنانية، ارتفعت أصوات عدة وبمقدمها الموقف الحكومي الرسمي، للمطالبة برفع شكوى عاجلة أمام مجلس الأمن الدولي، كما أمام المحكمة الجنائية الدولية لإدانة "إسرائيل" على جرائمها ضد اللبنانيين، التي تماثل أعمال الإبادة الجماعية.
وعلى الرغم من أن لبنان و "إسرائيل" ليسا عضوين في المحكمة الجنائية، فإن المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية في بيروت، والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، يعتبر أن تفجير أجهزة الاتصال "انتهاك للقانون الدولي الإنساني، لكونه لا يميّز بين المقاتلين والمدنيين، حيث وقع اصابات عشوائية بين المدنيين".
وخلافاً لما هو متداول، يحرص على التأكيد لـ "الديار"، أن "هذه قاعدة عرفية من قواعد الحرب لا يمكن "لإسرائيل" التنصّل منها، لمجرّد أنها لم تبرم البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949، والذي يحمي المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، فضلاً عن أن تفخيخ أجهزة الاتصال وتفجيرها، قد يتحوّل بذلك إلى تحدّ عالمي كبير يزعزع قواعد استعمال التكنولوجيا ويرفع مخاطرها، فيُخشى معه أن تنسحب هذه التقنيات على سائر النزاعات في أمكنة أخرى من العالم، وأن تضرب قواعد السلامة والأمان المعلوماتي".
وفي شرح مفصل لوقائع التفجيرات وحيثياتها، يقول إن "تفجير وسائل الاتصال قد أدى واقعياً كماً واحتمالياً، إلى إصابة مدنيين وإن لم يكونوا يستعملونها، لأنهم كانوا قريبين منها فتضرروا نتيجة ذلك. كذلك، فإن تحويل الأحياء السكنية إلى أهداف عسكرية وتعريض المدنيين إلى الخطر، من شأنه أن يخالف قواعد الحرب عالمياً وليس فقط تجاه مجتمع معين، حيث أن ذلك يخالف مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين أثناء النزاعات المسلحة، والذي أرساه القانون الدولي الإنساني وخصوصاً اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها لعام 1977 لا سيما الأول منها".
وعلى مستوى اتفاقيات جنيف الأربع، يشير إلى أنها "تشكل حماية للمدنيين وغير المقاتلين خلال النزاعات المسلحة، وقد وقّعت "إسرائيل" هذه الاتفاقيات لكنها لم توقع عليها، وبالتالي يجب أن تؤدي الانتهاكات المرتكَبة، كاستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية واستخدام القوة بصورة مفرطة وعشوائية، إلى التحقيق والمحاكمة وفقاً لأحكام المواد رقم 3 ورقم 27 ورقم 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي ترعى وجوب حماية المدنيين وأحكام البروتوكول الأول، وكذلك، تندرج قرارات مجلس الأمن في هذا الإطار، كالقرار رقم 1738 بتاريخ 23/12/2006 بعنوان حماية المدنيين في النزاعات المسلحة".
وعلى الرغم من أن "إسرائيل" ليست طرفاً في البروتوكولات العائدة إلى هذه الاتفاقيات، فإنه يؤكد أن ذلك "لا يسمح لها بالتنصّل من موجبها الطبيعي والبديهي والعرفي في احترام المعايير الدولية الإنسانية أمّا وقد أصبحت البشرية جمعاء تهتدي بها وتحترمها معززة بالقواعد الدولية للصليب الأحمر، التي تنص أيضاً على تحييد المدنيين.
أضف إلى كل ذلك، أن هذا التفجير لوسائل الاتصالات يعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وفق اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، فهو يصنّف أيضاً على أنه جريمة إرهاب".
وبالتالي، ومن الناحية العملية، على القضاء اللبناني التحرك "بسرعة وحزم وقوة" وفق مرقص، الذي يلحظ وجوب حصول هذا التحرك "على نحو متناسق ومراسلة السلطات الأجنبية، حيث مركز الشركة المصنّعة وأو البائعة بالتنسيق الوثيق مع وزارة الخارجية اللبنانية".