ذكر موقع "الإمارات 24" أنّ المديرة والرئيسة التنفيذية للمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني برونوين مادوكس قالت في تقرير نشره المعهد، إن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اختارت تصعيد الصراع مع حزب الله على حدودها الشمالية، على الرغم من أنه لم يتم بعد التوصل إلى حل للحرب مع حركة حماس في قطاع غزة.
وتساءلت مادوكس عن سبب قيام إسرائيل بهذا، قائلة إن معظم التفسيرات تشير إلى أهداف تكتيكية، تتعامل مع التهديدات المنفردة عند ظهورها. ولا يوجد أي مؤشر على استراتيجية أساسية لتأمين السلام. وبدلاً من ذلك، يشعر بعض المحللين بالقلق من أن نوايا إسرائيل ربما تكون خلق ظروف لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
ويبرر وزراء إسرائيليون الهجمات على لبنان بالرغبة الملحة في علاج الوضع في شمال إسرائيل. فقد نزح نحو 60 ألف إسرائيلي من منازلهم في المنطقة الحدودية بسبب الهجمات الصاروخية التي يشنها حزب الله، وكذلك بسبب مخاوفهم من التعرض لغزو وعمليات اختطاف مثل تلك التي حدثت في السابع من تشرين الأول الماضي.
وترى مادوكس أنه من الممكن أخذ هذا التفسير على محمل الجد إلى حد ما. فقد كان الضغط السياسي لحل مشكلة السكان النازحين من شمال إسرائيل يتصاعد على الصعيد الداخلي في إسرائيل، على الرغم من أن المشكلة أقل وضوحا بكثير لمن هم خارج البلاد. وتزداد حدة المشكلة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لأحداث السابع من تشرين الأول. ويقول وزراء إنه "غير مقبول" تماماً بالنسبة لدولة أن تكون مجبرة على التنازل عن استخدام أراضيها بهذا الشكل.
ومع ذلك من الصعب رؤية كيف يمكن أن يكون سكان شمال إسرائيل واثقين بما يكفي للعودة إلى منازلهم من دون عمل عسكري لإبعاد قوات حزب الله لمسافة كبيرة عن الحدود.
وأشارت مادوكس إلى أن القادة العسكريين يتحدثون بثقة بشأن توغل سريع لإبعاد حزب الله، إلا أن مثل هذه الخطط لا تظل دائما محكمة، مثلما أظهرت تحركات إسرائيل السابقة في جنوب لبنان. ومن المرجح أن تكون الهجمات التي استهدفت أجهزة الاتصالات اللاسلكية في لبنان وسوريا في الأسبوع الماضي والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة قادة بارزين في حزب الله قد دمرت الكثير من اتصالات الحزب. إلا أن قوات الحزب لا تزال متمركزة في القرى بالقرب من الحدود وأي عملية عسكرية إسرائيلية في جنوب لبنان لن تكون عملية سهلة. كما أنه من غير المرجح أن تؤمن الضربات الصاروخية وحدها المنطقة وستستفز صواريخ حزب الله رداً عليها، كما يحدث الآن.
وبعيداً عن الرغبة في تقليص قدرات حزب الله، يرى معلقون آخرون أن العوامل السياسية قصيرة المدى ربما تكون هي السبب وراء الهجمات، حيث لا يزال نتانياهو تحت الضغط من قضايا الفساد في المحاكم.
وأشارت مادوكس إلى أنه ربما تكون هناك خطة استراتيجية أوسع نطاقاً وراء هجمات إسرائيل الجديدة، وهي التحرك بشكل مباشر ضد إيران، قائدة ما يسمى بـ"محور المقاومة"، والذي يضم حزب الله وحماس والحوثيين في اليمن. ومنذ قيام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسحب الولايات المتحدة من "خطة العمل الشاملة المشتركة"، وهو الاتفاق الذي وافقت بموجبه طهران على تقييد برنامجها النووي، جعلت إيران من نفسها دولة على عتبة تطوير أسلحة نووية.
وقد ناشدت إسرائيل الإدارات الأميركية لفترة طويلة لشن هجمات ضد المنشآت النووية الإيرانية أو دعم هجوم إسرائيلي عليها، إلا أن رد واشنطن كان دائماً بالرفض. ويوم الأحد الماضي، وصف الرئيس الإسرائيلي اسحاق هرتسوغ إيران بأنها "إمبراطورية شر" وقال في حديث مع قناة "سكاي" التلفزيونية إن القوات الإسرائيلية سوف "تزيل أي تهديدات وجودية لإسرائيل".
واعتبرت مادوكس أن هذا التصريح من هرتسوغ، وهو شخصية معتدلة وليس مؤيداً كبيراً لنتانياهو، يعد حديثاً واضحاً بشكل لافت. وأشارت إلى أنه بالنسبة للدول التي تعمل على تجنب اندلاع حرب إقليمية، يكمن الخوف في أن حكومة إسرائيل ربما تستغل الهجمات على لبنان كوسيلة لخلق خيار شن هجوم مستقبلي على منشآت إيران النووية. (الامارات 24)