كتب ابراهيم بيرم في" النهار":تطوّران جديدان سياسي وميداني اقتحما المشهد اللبناني خلال الساعات القليلة الماضية، ليشكّلا معا محطة مثيرة للاهتمام على صعيد المواجهات الحدودية الضارية المفتوحة منذ نحو عام بين "حزب الله" والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
المحطة الأولى تجسدت في الكلام النوعي الذي أطلقه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في أعقاب اجتماعه أول من أمس برئيس مجلس النواب نبيه بري. وبلاغة الأمر أن ميقاتي تحدث للمرة الأولى عن استعداد لبنان لالتزام وقف فوري للنار على الحدود الجنوبية واستعداد بيروت لنشر وحدات معززة من الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية.
الجديد النوعي الذي انطوى عليه كلام ميقاتي أخيرا أنه قدّم فيه عرضا متكاملا وفق آلية محددة، مبتداها وقف تام للنار يعقبه مباشرة نشر لوحدات معززة من الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، أي منطقة عمل القوة الدولية (اليونيفيل). لذا من البديهي، أن أمر الانتشار سيتم بالتنسيق مع هذه القوة.
وفي طوايا عرض ميقاتي فهو يقوم على فرضية أن الحرب بالنسبة إلى لبنان الرسمي قد أوشكت على الانتهاء، ويمكن الإسرائيلي المتذرع أن ينهي تلك الذريعة ويبدأ بإعادة سكان مستوطني الشمال إلى منازلهم في مستوطنات الشمال، وهذا أمر ينطوي على ثلاثة عناصر مستجدة هي:
1- أن لبنان لم يعد كما في السابق يرهن مستقبل الوضع على حدوده الجنوبية بوقف النار الإسرائيلية على غزة.
2- أن لبنان صار على أتم الجهوزية لوضع المنطقة الحدودية تحت سيطرة جيشه، مدعوما بالقوة الدولية.
3 - ذلك يعني ضمنا أنّ لدى الحكومة اللبنانية موافقة مبدئية من جانب "حزب الله" على سحب مقاتليه من المنطقة الحدودية الأمامية إلى حدود نهر الليطاني جنوبا.
ويعلم لبنان أن نتنياهو ليس بعد في وارد القبول بفتح باب المفاوضات المفضية إلى إيقاف الحرب الدائرة منذ نحو عام، إذ إنه في ذروة شعوره بفائض القوة وبالرغبة في الانتقام مصمم على تكرار تجربة اجتياح غزة وقطاعها في الجنوب اللبناني المحاذي لإسرائيل، ولاسيما أنه ينطلق من تقدير يفصح عنه، قوامه أنه نجح في توجيه ضربات قاصمة لعدوه الأبرز "حزب الله".
أما المحطة الثانية الميدانية فتتجسد في البدء بتنفيذ عملية إسرائيلية برية على المناطق الجنوبية بعد سلسلة الضربات الموجعة التي وجهتها للحزب أخيرا وطالت العمق اللبناني كلّه.
وتجد اسرائيل أن اجتياحها البري المنتظر والوشيك للبنان بات ضرورة لاستكمال ما تراه انتصارات حققتها في غزة والضفة الغربية ضد الفلسطينيين وفي لبنان ضد "حزب الله". فضلا عن ذلك، فإنها تجد الاجتياح حاجة ضرورية لاستشراف ما تبقى للحزب من قوة وقدرات عسكرية. لذا يرى المصدر أن حجم الاجتياح سيتوقف على مدى المقاومة التي سيجدها، فإن وجد مقاومة سيكون تمدده محدودا، أما إذا وجد تهاونا فربما يوسّع دائرة هذا الاجتياح ويطيل أمده.